شرح زاد المستقنع - عبد الكريم الخضير
شرح زاد المستقنع - عبد الكريم الخضير
اصناف
وفي صحيح مسلم قال نافع: كان عبد الله ﵁ يزيد مع هذا: "لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل" وأخرج ابن أبي شيبة من طريق المسور بن مخرمة قال: كانت تلبية عمر فذكر مثل المرفوع وزاد: "لبيك مرغوبًا ومرهوبًا إليك، ذا النعماء والفضل الحسن"، وأخرج النسائي وابن ماجه قال: كان من تلبية رسول الله ﷺ: "لبيك إله الحق لبيك" اختلف في قبول مثل هذه الزيادات التي زيدت على ما ثبت عنه ﵊، النبي ﵊ يسمعهم يلبون لم يرد عليهم شيئًا، وإنما لزم تلبيته ما زاد عليها، فقال قوم: لا بأس؛ لأن النبي ﵊ لم يرد شيئًا من هذه الزيادات به قال محمد بن الحسن والثوري والأوزاعي وجمع من أهل العلم، ما دام الرسول يسمعهم ولم ينكر عليهم ما المانع من أن تقال مثل هذه التلبية؟ تقال بالقدر الزائد على ما ثبت عنه ﵊، وقال آخرون: لا ينبغي أن يزاد على ما علّمه رسول الله ﷺ الناس، فعن سعد بن أبي وقاص أنه سمع رجلًا يقول: "لبيك ذا المعارج" فقال: "إنه لذو معارج" يقول سعد، "وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله ﷺ" وعلى كل حال الأمر فيه سعة، لكن ما اختاره الله لنبيه وما داوم عليه ﵊ أولى من غيره.
وسن أن يذكر نسكه في التلبية يقول: لبيك عمرة، لبيك حجًا، لبيك عمرة وحجًا .. إلى آخره، وسن أيضًا الإكثار من التلبية، وتتأكد في مواطن إذا علا شرف أو هبط واديًا، أو أقبل ليل أو نهار يعني تغيرت الأحوال، أو التقت الرفاق، أو سمع ملبيًا، يقول الفقهاء: أو فعل محظورًا ناسيًا، أو ركب دابته، أو نزل عنها، أو رأى البيت، كذا قال الشارح وغيره.
قوله في نهاية الفصل: "يصوت بها الرجل، وتخفيها المرأة" أي أن الرجل يرفع صوته بالتلبية باتفاق أهل العلم، قال أنس كما في البخاري: سمعتهم يصرخون بها، وأصل الإهلال رفع الصوت، منه سمي الهلال؛ لأن الناس يرفعون أصواتهم إذا شاهدوه أول مرة، منه استهل الصبي إذا صاح بعد نزوله من بطن أمه.
9 / 9