Explanation of the Treatise on Lifting Blame from the Distinguished Imams
شرح رسالة رفع الملام عن الأئمة الأعلام
اصناف
التصور للمسألة المستدل عليها
- المعتبر الأول: التصور للمسألة:
وأعني بالتصور هنا: التصور التطبيقي للمسألة، وفقه التطبيق يعتبر من أخص أبواب الفقه، فلابد من معرفة التطبيق الفعلي للمسألة المستدل عليها، ومن الأمثلة على ذلك: معرفة المصطلحات المعاصرة في المعاملات، كمصطلح: الإجار المنتهي بالتمليك ونحوه.
ولذلك نجد أن من أسباب اختلاف الفتوى: الاختلاف في التصور التطبيقي، أي: تصور الواقع، فمثلًا: قد يسأل بعض الناس الآن عبر نظم الاتصال عن حكم المساهمة في شركة من الشركات، فيقال له: ما طريقة هذه الشركة؟ أو يسأل ويقول: أريد أن أشتري من بنك معين بطريقة كذا، فيقال له: ما هي الطريقة؟ فيذكر طريقة معينة لو صدق تصوره فيها لقيل: إن هذا العقد أو هذه المعاملة جائزة بلا جدال، وقد يذكر شخص آخر تصورًا لو صدق تصوره لقيل: إن هذا من الحرام البين، وربما شخص ثالث يذكر تصورًا لو صدق تصوره لقيل: إن المسألة مما يقبل التردد والاجتهاد، فهي ليست بينة التحريم وليست بينة الإباحة.
ولذلك أنبه طلاب العلم الذين قد يجيبون عن بعض الفتاوى إلى أن لا يستعجلوا في إعطاء أحكام مطلقة بناءً على تصور من آحاد الناس، إلا إذا كان السائل أو المتكلم يتكلم عن معرفة، فإذا سأل عن حكم المساهمة في شركة ما، وقيل له: ما هي طريقتها؟ فيذكر ذلك بالتفصيل، ومن ثم يعطى حكمًا معينًا، فإذا كان الواقع الفعلي يقود إلى التحريم حرم المجيب بناءً على التصور.
إذًا: التصور التطبيقي أمر مهم جدًا، وهو يتعلق كثيرًا بموضوع المعاملات.
ومن أهم ما يكون التصور فيه دقيقًا ومطلوبًا: القضايا المتعلقة بالأقليات غير المسلمة، كمسألة كنيسة تباع أو تحول إلى مسجد، فهل يجوز أن تشترى الكنيسة وتبقى كما هي وتحول إلى مسجد، أم لا بد من إجراء تعديلات في بنائها وشكلها ونحو ذلك؟ وأحيانًا تحتك بالقضية أمور معينة، كأن يقال: ما حكم منع إقامة مسجد في هذا المكان مثلًا؟ أو يسأل عن بنك أريد أن يحول إلى مسجد مع الإبقاء على جزء من البناية كبنك، فهل يجوز أن يكون هذا مجاورًا لهذا أم لا يجوز؟ ونحو ذلك من المسائل التي تحتاج إلى تصور دقيق.
ومما ينبه إليه في الأمور التطبيقية في التصورات -ولا سيما التصورات المستجدة-: أنه ينبغي أن يكتب التصور كتابة دقيقة من عارف به، حتى تكون الأحكام مناسبة للتصورات، لكن مشكلة كثير من الناس اليوم أن تصوراتهم تأتي تصورات ظنية، مع أن الواجب أن يكون التصور يقينيًا، والحكم هو الذي قد نقول عنه: إنه حكم ظني، أما التصور فإنه ينبغي أن لا يختلف فيه كثيرًا؛ لأنه شيء معين واقع، إلا إذا تعذر ذلك، وهذا باب آخر.
5 / 8