شرح حديث «ما ذئبان جائعان»
شرح حديث «ما ذئبان جائعان»
تحقیق کنندہ
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
ناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
اصناف
وأما العُلوُّ الأوَّلُ والحرصُ عليهِ فهو محمودٌ.
قال الله تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ (١).
وقال الحسن: إِذَا رَأَيتَ الرَّجلَ يُنافسكَ في الدُّنْيَا فنافِسْهُ في الآخرةِ.
وقال وُهَيبُ بنُ الوَرْدِ: إِن استطعتَ أَن لَا يسبقَكَ إِلَى الله أَحدٌ فافعلْ.
وقالَ محمدُ بنُ يوسف الأصبهاني العابدُ: لو أَنَّ رجلًا سَمِعَ برجلٍ أو عَرفَ رجلًا أطوعَ للَّه منهُ فَانصدعَ قلبُهُ لم يكن ذلكَ بِعجبٍ.
وقال رجلٌ لمالكِ بن دينارٍ: رأيتُ في المنام مناديًا يُنادي: أيها الناسُ، الرحيل، الرحيلَ، فَما رأيتُ أحدًا ارتحل إلا محمدُ بنُ واسعٍ، فصاحَ مَالكٌ وغُشِيَ عليهِ.
ففي دَرجاتِ الآخرةِ الباقيةِ يَشرُعُ التنافسُ وطلبُ العُلوِّ في مَنازِلها، والحرصُ عَلَى ذلك بالسعىِ في أسبابِهِ، وأن لا يقنع الإنسانُ منها بالدُّونِ مَع قُدرتهِ عَلى العُلوّ.
وأما العلوُّ الفاني المنُقطعُ الَّذِي يعقب صاحبَهُ غذا حَسرةً وندامةً وذِلَّةً وهَوانًا وصغارًا، فهو الَّذِي يشرعُ الزهدُ فيه والإِعراضُ عنهُ.
وللزهدِ فيه أسبابٌ عديدةٌ:
فمنها: نظرُ العبدِ إِلَى سُوءِ عاقبةِ الشَّرفِ في الدُّنْيَا بالولايةِ والإمارةِ لمن لا يُؤدِّي حقَّها في الآخرةِ، ومنها: نظر العبد إِلَى عُقوبةِ الظَّالمينَ والمكذبين، ومن يُنازعُ اللَّه رِدَاء الكبرياءِ.
وفي "السُّنن" عن النبي ﷺ قال: «يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ: بُولَسَ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ: طِينَةَ الخَبَالِ».
_________
(١) المطففين: ٢٦.
1 / 90