شرح الأربعين النووية للعثيمين

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
63

شرح الأربعين النووية للعثيمين

شرح الأربعين النووية للعثيمين

ناشر

دار الثريا للنشر

اصناف

مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: ١٤٢) وأمثال هذه الآيات مشكلة، لأن ظاهرها تجدد علم الله ﷿ بعد وقوع الفعل؟ والجواب عن هذا الإشكال من أحد وجهين: الوجه الأول: إن علم الله ﷿ بعد وقوعه غير علمه به قبل وقوعه، لأن علمه به قبل وقوعه علم بأنه سيقع، وعلمه به بعد وقوعه علم بأنه واقع، نظير هذا من بعض الوجوه: الله ﷿ مريد لكل شيء حتى المستقبل الذي لانهاية له، مريد له لاشك، لكن الإرادة المقارنة تكون عند الفعل: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس: ٨٢) فهاهنا إرادتان: إرادة سابقة، وإرادة مقارنة للفعل، فإذا أراد الله تعالى أن يخلق شيئًا فإنه يريده عند خلقه، لكن كونه أراد أن يخلق في المستقبل فهذا غير الإرادة المقارنة، كذلك العلم. الوجه الثاني: (حَتَّى نَعْلَمَ) (محمد: ٣١) أي علمًا يترتب عليه الثواب والعقاب، لأن علم الله الأزلي السابق لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب، فالثواب والعقاب يكون بعد الامتحان والابتلاء، كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد: ٣١) وحينئذ قد زال الإشكال ولله الحمد. وقد قال غلاة القدرية: إن علم الله تعالى بأفعال العباد مستأنف حيث يقولون: الأمر أنف يعني مستأنف، فيقولون: إن الله لايعلم الشيء، إلا بعد وقوعه، فهؤلاء كفرة بلا شك لإنكارهم ما دلّ الكتاب والسنة عليه دلالة قطعية، وأجمع عليه المسلمون. المرتبة الثانية: الكتابة وهي أنواع: . ١الكتابة العامة في اللوح المحفوظ، كتب الله تعالى كل شيء. . ٢ الكتابة العُمريّة، وهي أن الجنين في بطن أمه إذا تم له أربعة أشهر بعث الله إليه

1 / 65