Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah
شرح لامية ابن تيمية
اصناف
السنة النبوية
المصدر الثاني: هو سنة محمد ﷺ، ورسولنا ﷺ لا ينطق عن الهوى: ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:٤] والله قد بين في كتابه أن محمدًا: ﴿لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة:٤٤-٤٦] دل على أنه لا يمكن أن يأتي بشيء من هواه، وإنما يأتي مبلغًا عن ربه ﷾، ولذلك ما جاءنا عن الله أخذنا به، وما جاءنا عن رسول الله ﷺ أخذنا به؛ لأنه أعلم الخلق بربه ﷾، ولذلك أصبح هو المصدر الثاني عندنا في الاعتماد عليه في مسائل الاعتقاد.
ولم تُربط العقيدة بمسائل العقل ليعتبر مصدرًا مستقلًا استقلالًا كليًا، ويُعتمد عليه اعتمادًا كاملًا، وإنما جعل العقل دالًا لمعرفة الكتاب والسنة، والسبب: لأن العقل مخلوق لله ﷾، فكيف يمكن أن يحكم على ما يتعلق بمسائل الاعتقاد وعلى أخبار الرب ﷾، ثم إن العقول محدودة، وإطارها ضيق، ولا تستطيع التجاوز عن الحد الذي حدها الله لها، وأما من تجاوز بعقله عما خلقه الله عليه فإنه يتخبط في الظلمات ليس بخارج منها.
ثانيًا: أن العقل ضعيف التأثر، وسرعان ما يتغير الإنسان، يدخل عليك الإنسان بتصور جازم به، ثم تجده بعد ذلك ينطلق إلى آخر فيتغير بمتأثرات وغيرها، ثم يرجع لك بصورة غير الصورة التي دخل عليك بها من قبل، ولهذا عقول الناس تختلف باختلاف المؤثرات والأجواء التي يعيش فيها.
سبحان الله! كم من الناس عاشوا في بلاد الإسلام، وكانوا على صفاء ونقاء! ولما انطلقوا إلى بلاد الكفر مسخت عقولهم، وبعضهم تأثروا بما تعلموا به، فجاءوا بأمور جديدة على الناس لم تكن معروفة، مما يدل على أن العقل يتأثر بالمؤثرات التي تحيط به سواء كانت النفس أو الهوى أو التعلم أو غيرها، فلا يمكن أن يكون معتمدًا أبدًا يعتمد عليه في مسائل الصفات، ولهذا ظل (الفلاسفة) ولئن كان الناس يسمونهم (فلاسفة) ينسبونهم إلى الإسلام، وفي الحقيقة بعضهم لا ينسب إلى الإسلام؛ نظرًا لأقواله المنحرفة عن كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
5 / 4