Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

Ibn Jibrin d. 1430 AH
103

Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين

اصناف

الأدلة العقلية والنقلية في إثبات الأولية والآخرية لله تعالى نعرف أن هذا الوصف وهو قوله: (قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء) وصف ثابت للإله، ولكن العبارة التي في القرآن والسنة أوضح، وهي قول الله تعالى: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ﴾ [الحديد:٣]، وفسر ذلك النبي ﷺ الله عليه وسلم بقوله: (أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء)، وفسره أيضًا في حديث عمران بقوله: (كان الله ولم يكن شيء قبله) . وهذا دليل على أن الله تعالى قديم ولم يسبق بعدم، وأنه دائم ولا يلحقه فناء، وأن المخلوقات حادثة معدومة ثم وجدت، ثم يأتي عليها العدم، ويستدل على هذا بحدوث الحوادث، فيقال: هذه الحوادث لا بد لها من محدث. وهذا قد يعتبر دليلًا عقليًا، ولكن قيدته الآيات كهذه الآية التي في سورة الطور، وهي قوله تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [الطور:٣٥]، يقول: فإذا تحققوا أنهم لم يكونوا هم الذين خلقوا أنفسهم وتحقق أنهم لم يخلقوا من غير شيء، تعين أنهم خلقوا من شيء وأن لهم خالقًا خلقهم، ويستدل بهذا على الطبائعيين الدهريين، والذين يسمون في هذه الأزمنة بالشيوعيين الذين ينكرون الخالق، وقديمًا كانوا يسمون بالطبائعيين، ومنهم الفلاسفة الطبائعيون، فهناك فلاسفة يقرون بالخالق ويسمون الفلاسفة الإلهيين. فهؤلاء جميعًا يحتج عليهم بالعقل فيقال: هذه الموجودات نشاهد أنها كانت معدومة ثم وجدت، فلا بد لها من موجد، نشاهد مثلًا: أن السماء ليس فيها سحاب ثم يتراكم فيها السحاب، فلا بد له من موجد، ونشاهد أن الأرض تكون يابسة ثم نشاهدها بعد ذلك تهتز خضراء وفيها أشجار وثمار، فلا بد لها من موجد، ونشاهد مثلًا أن الإنسان يكون صغيرًا ثم نشاهده بعد ذلك قد حصل له أولاد وصاروا بجانبه، لقد كانوا معدومين ثم وجدوا، فلا بد لهم من موجد، وهكذا توالد الحيوانات والدواب ونحوها لا بد لها من موجد، فإن الإنسان ليس هو الذي يوجد نفسه، وليس هو الذي يخلق أولاده، ولو كان هو الذي يتصرف بنفسه لحرص على أن يكون خلقه أحسن من خلق غيره، ولو كان هو الذي يوجد ولده لحرص على أن يكون أولاده ذكورًا أو نحو ذلك، فتعين أن هناك خالقًا يتصرف في هذا الكون، فهو الذي يعطي ويمنع، يصل ويقطع، يخفض ويرفع، يسعد ويشقي، يفقر ويغني. فإذًا لا بد أن هذه الموجودات تنتهي إلى موجد، وذلك الموجد لا بد أن يكون غنيًا بنفسه، وأن ما سواه فقير إليه، وهذا الوصف هو وصف الخالق تعالى، قال ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾ [فاطر:١٥-١٧]، أي: ليس ذلك شاقًا ولا صعبًا على الله، بل هو سهل يسير: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس:٨٢] .

10 / 3