ثم اعلم أيضًا أن هذا المفعول الذي هو شر قد يكون شرًا في نفسه، لكنه خير من جهة أخرى، قال الله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم: ٤١]، النتيجة طيبة، وعلى هذا، فيكون الشر في هذا المقدور شرًا إضافيًا يعنى: لا شرًا حقيقيًا، لأن هذا ستكون نتيجته خيرًا.
ولنفض حد الزاني مثلًا إذا كان غير محصن أن يجلد مئة جلدة ويسفر عن البلد لمدة عام، هذا لا شك أنه شر بالنسبة إليه، لأنه لا يلائمه، لكنه خير من وجه آخر لأنه يكون كفارة له، فهذا خير، لأن عقوبة الدنيا أهون من عقوبة الآخرة، فهو خير له، ومن خيره أنه ردع لغيره ونكال لغيره، فإن غيره لو هم أن يزني وهو يعلم أنه سيفعل به مثل ما فعل بهذا، ارتدع، بل قد يكون خيرًا له هو أيضًا، باعتبار أنه لن يعود إلى مثل هذا العمل الذي سبب له هذا الشيء.
أما بالنسبة للأمور الكونية القدرية، فهناك شيء يكون شرًا باعتباره مقدورًا، كالمرض مثلًا، فالإنسان إذا مرض، فلا شك أن المرض شر بالنسبة له، لكن فيه خير له في الواقع، وخيره تكفير الذنوب، قد يكون الإنسان عليه ذنوب ما كفرها الاستغفار والتوبة، لوجود مانع، مثلًا لعدم صدق نيته مع الله ﷿ فتأتي هذه الأمراض والعقوبات، فتكفر هذه الذنوب.
ومن خيره أن الإنسان لا يعرف قدر نعمة الله عليه بالصحة،