فضل رب البرية في شرح الدرر البهية
فضل رب البرية في شرح الدرر البهية
اصناف
(الاستتار) أي طلب ما يستره عن أعين الناس.
(حتى يدنو من الأرض) أي يبقى مستترًا إلى أن يجلس.
ويدلّ على ذلك جميع الأدلة التي وردت في وجوب ستر العورة.
فإن كان المتخلّي في فضاء كان ستر عورته واجبًا، وأما إذا كان في مكان مغلق أو يغلب على ظنه أن أحدًا لا يراه فلا بأس بخلع ملابسه قبل أن يدنو من الأرض، لأن المراد هو ستر العورة.
وجاء في «سنن أبي داود» (١): «أن النبي ﷺ كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض» ولكنه حديث ضعيف، لأنه مضطرب.
وكذا حديث: «من أتى الغائط فليستتر» (٢) فإنه ضعيف أيضًا.
والعمدة على ما ذكرنا سابقًا، وهو عموم الأدلة التي أمرت بستر العورة، فقد قال الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم﴾ وقال ﷺ: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك» (٣).
ثم قال ﵀: (والبُعْدُ ودخولُ الكنيفِ)
(البعد): أي الابتعاد عن أعين الناس.
و(الكنيف): أصله الحظيرة التي تعمل للإبل، فَتُكِنُّها - أي تحفظها - من البرد، ثم سمّوا ما حظَروه وجعلوه موضعًا للحدث كنيفًا.
أخرج أبو داود وغيره: «أن النبي ﷺ كان إذا ذهب المذهب أبعد» (٤).
وعن جابر «أن النبي ﷺ كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد» (٥).
_________
(١) أخرجه أبو داود (١٤)، والترمذي (١٤) وغيرهما عن أنس وابن عمر ﵄.
ضعفه الدارقطني في «العلل» (٢٤٦٢)، وانظر «العلل الكبير» للترمذي (٨).
(٢) أخرجه أحمد (١٤/ ٤٣٢) رقم (٨٨٣٨)، وأبو داود (٣٥)، وابن ماجه (٣٣٧) عن أبي هريرة ﵁.
فيه الحصين الحبراني، وأبو سعيد مختلف في توثيقهما وجهالتهما، انظر «البدر المنير» (٢/ ٢٩٩).
(٣) أخرجه أحمد (٣٣/ ٢٣٥) رقم (٢٠٠٣٤)، وأبو داود (٤٠١٧)، والترمذي (٢٧٦٩)، وابن ماجه (١٩٢٠) من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
(٤) أخرجه أبو داود (١)، والترمذي (٢٠)، والنسائي (١٧)، وابن ماجه (٣٣١) عن المغيرة بن شعبة ﵁.
(٥) أخرجه أبو داود (٢)، وابن ماجه (٣٣٥) عن جابر بن عبد الله ﵁.
1 / 26