وأما البعض الآخر فجعل الزكاة من حق المال، أي، أنها واجبة في المال لأهل الزكاة، فقال: لا يشترط البلوغ والعقل، لأنها حكم رتب على وجود سببه وهو بلوغ النصاب، فجعلوا الزكاة كقيم المتلفات، فلو أن صبيًّا كسر زجاج سيارة وجب تصليح الزجاج في مال الصبي، وإن لم يكن الصبي مكلّفًا.
لكن الصحيح، أن الزكاة واجبة في مال المسلم الحرّ، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، مجنونًا أو عاقلًا، فإنها متعلّقة بالمال، لأن الله ﷾ قال: ﴿خذ من أموالهم صدقة﴾ فالمدار على المال، ولم يفرِّق بين مال ومال سواء كان لكبير أو صغير مجنون أو عاقل، فكلُّه تجب فيه الزكاة.
وقال ﷺ في حديث معاذ: «أعْلِمْهُم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم» (١) فالزكاة متعلّقة بالمال بغض النظر عن حال المالك.
وهذا القول هو قول الصحابة ﵃، عمر وعلي وابن عمر وعائشة وغيرهم، فإنهم يوجبون الزكاة على مال الصغير اليتيم وغيره، بناء على أن الزكاة تجب في المال.
الزكاة فرض وركن بإجماع المسلمين وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة لا يخفى على أحد وأدلته كثيرة منها قول الله ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾، وقول رسول الله ﷺ لمعاذ عندما أرسله إلى اليمن، قال: «وأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم».
وهي من أركان الإسلام لقوله ﷺ: «بني الإسلام على خمس» فذكر منها: «إيتاء الزكاة» (٢).
قال المؤلف (باب زكاةِ الحيوانِ)
قال: (إنما تَجِبُ في النَّعَم، وهي الإبلُ والبقرُ والغنمُ)
النوع الأول من الأموال التي تجب فيها الزكاة، الحيوانات المملوكة، ولا تجب في جميع الحيوانات، بل في النعَّم فقط، والنعم فسّرها المؤلف بقوله: (الإبل والبقر والغنم).
ودليل وجوبها في هذه الثلاث دون غيرها، حديث أنس الذي سيأتي ذكره مفرّقًا.
(١) أخرجه البخاري (١٣٩٥)، ومسلم (١٩) عن ابن عباس ﵁. (٢) أخرجه البخاري (٨)، ومسلم (١٦) عن ابن عمر ﵁.
1 / 169