170

Evangelization and Colonialism in the Arab Countries: An Account of Missionary Efforts Aimed at Subjugating the East to Western Colonialism

التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

ناشر

المكتبة العصرية-صيدا

ایڈیشن

الخامسة

اشاعت کا سال

١٩٧٣

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

أرجاء الإمبراطورية. لقد فرحوا على الأخص لأن سورية ولبنان سيفتحان في وجه المبشرين البروتستانت (١).
الحَرَكَةُ القَوْمِيَّة فِي الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ العُثْمَانِيَّةِ:
وبعد إعلان الحرية عام ١٩٠٨ اتسعت الحركة القومية في الإمبراطورية العثمانية. وبما أن الديانة المسيحية كديانة تبشيرية مناقضة للقومية، فإن التبشير لم يرض أن يوقظ الروح القومية ولا أن يخمدها إذا رآها يقظى، ولكنه أراد أن يحولها إلى خدمة أهدافه. كذلك لم يجبن المبشرون أمام الأممية أيضًا، بل أحبوا أن يستغلوها قائلين: «إِنَّ أُبُوَّةَ اللهِ تَشْمَلُ جَمِيعَ الشُّعُوبِ. وَإِنَّ الأُخُوَّةَ تَضُمُّ جَمِيعَ البَشَرِ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الأُمَمِيَّةُ نَصْرَانِيَّةً فَيَجِبُ أَنْ نَنْصُرَهَا. كُلُّ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَطِيعَ المُبَشِّرُونَ أن يُنَصِّرُوا جَمِيعَ الشُّعُوبِ عَلَى السَّوَاءِ» (٢).
وكذلك لما انتهت الحرب العالمية الأولى وأنشئت عصبة الأمم زعم المبشرون أن التبشير يساعد عصبة الأمم ويحقق أهدافها (٣). ولكن عصبة الأمم ماتت ثم خابت أهدافها.
كل هذا يدلنا بوضوح على أن التبشير كان يرمي إلى استعمار الشرق، حتى قال (رشتر): «إِنَّ أَسَاسَ الاِسْتِعْمَارِ مَسِيحِيٌّ». ثم إنه فتح فاه قائلًا: «لَقَدْ مَرَّ زَمَنٌ كَانَ المُلُوكُ المَغُولُ (المُسْلِمُونَ) فِي عَاصِمَتِهِمْ دِلْهِي يَحْكُمُونَ الهِنْدَ مَا بَيْنَ جِبَالِ هِمَلاَيَا إِلَى رَأَّسِ كُورْمُورِينْ .. وَلَكِنْ مُنْذُ زَمَنٍ بَعيدٍ حَتَّى آخِرِ مَهَرَاجَا (سُلْطَانٍ) عُنُقُهُ المُتَكَبِّرَةُ أَمَامَ بَرِيطَانِيَا المَسِيحِيَّةَ» (٤).
والمبشرون لم يتخذوا موقفًا صريحًا من القومية، شأنهم في كل أمر. ولكنهم كانوا يودون أن تبقى الأمور غامضة وعلى شيء من الفوضى حتى يتمكنوا من القيام بالتبشير ثم يربطوا الصابئين إلى مذهبهم إلى عجلة الأمة التي يخدمون أهدافها.
فالروم الأرثوذكس مثلًا كانوا يعتقدون أن انتشار البروتستانتية بينهم يضعف وحدتهم ويفقدهم كثيرًا من الشعور القومي الذي يربطهم بأبناء الكنائس الشرقية. ولكن (رشتر) يذكر ثلاثة اعتراضات على هذا الخوف، كلها - إذا نظرنا إليها نظرة فاحصة - خاطئة، ولكنها في الحقيقة موافقة لهوى المبشرين. يقول (رشتر) (٥): «إِنَّ القَوْمِيَّةَ خَطَرٌ عَلَى الحَيَاةِ

(١) cf. Richter ٧٨ f. ٢٢٩: Islam and Missions ١٢٧ - ١٦٢
(٢) cf. Missionary Outlook ٣، ٥، ٧، ٣٩ ff. ٤٣ ff
(٣) ibid ٧١ ff
(٤) Richter ٢٢
(٥) ibid ٧٦ - ٦٠

1 / 172