Encyclopedia of Islamic Morals - Al-Dorar Al-Sunniyah
موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية
ناشر
موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net
اصناف
اكتساب الأخلاق الإسلامية
الأخلاق فطرية ومكتسبة و(حظوظ الناس من الطبائع النفسية التي فطروا عليها حظوظ متفاوتة؛ هذه حقيقة ملاحظة لدى كل من يتعامل مع الناس، وتكاد تكون من البديهيات. فالناس كما تتفاوت حظوظهم من الذكاء الفطري، وتتفاوت حظوظهم الجسدية قوة وضعفًا، وطولًا وقصرًا، وبدانة ونحولًا، وصحة وسقمًا، وجمالًا ودون ذلك، فإن حظوظهم من الطبائع النفسية الخلقية وغير الخلقية حظوظ متفاوتة بالفطرة.
إننا نجد مثلًا الخوف الفطري عند بعض الناس أشد منه عند فريق آخر، ونجد الطمع الفطري عند بعض الناس أشد منه عند فريق آخر، ونجد فريقًا من الناس مفطورًا على سرعة الغضب، بينما نجد فريقًا آخر مفطورًا على نسبة ما من الحلم والأناة وبطء الغضب، ونجد حب التملك الفطري عند بعض الناس أقوى منه عند بعض آخر.
هذه المتفاوتات نلاحظها حتى في الأطفال الصغار الذين لم تؤثر البيئة في تكوينهم النفسي بعد.
وقد جاء في أقوال الرسول ﷺ ما يثبت هذا التفاوت الفطري في الطباع الخلقية وغيرها.
منها قول الرسول ﷺ فيما رواه الترمذي: «إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، ألا وإن منهم البطيء الغضب سريع الفيء، والسريع الغضب سريع الفيء، والبطيء الغضب بطيء الفيء، فتلك بتلك، ألا وإن منهم بطيء الفيء سريع الغضب، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء، وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء» (١).
ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» (٢).
ومنها ما رواه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود بإسناد صحيح عن أبي موسى قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن، والخبيث والطيب» (٣).
وفي قول الرسول ﷺ: «الناس معادن» دليل على فروق الهبات الفطرية الخلقية، وفيه يثبت الرسول ﷺ أن خيار الناس في التكوين الفطري هم أكرمهم خلقًا، وهذا التكوين الخلقي يرافق الإنسان ويصاحبه في كل أحواله. فإذا نظرنا إلى مجموعة من الناس غير متعلمة ولا مهذبة، أو في وسط مجتمع جاهلي، فإنه لابد أن يمتاز في نظرنا من بينهم أحاسنهم أخلاقًا، فهم خيرهم معدنًا، وأفضلهم سلوكًا اجتماعيًا، ثم إذا نقلنا هذه المجموعة كلها فعلمناها وهذبناها وأنقذناها من جاهليتها، ثم نظرنا إليها بعد ذلك نظرة عامة لنرى من هو أفضلهم، فلابد أن يمتاز في نظرنا من بينهم من كان قد امتاز سابقًا، لأن العلم والتهذيب والإيمان تمد من كان ذا خلق حسن في أصل فطرته، فتزيده حسن خلق واستقامة سلوك وتزيده فضلًا، ثم إذا جاء الفقه في الدين كان ارتقاء هؤلاء فيما فضلوا به ارتقاء يجعلهم هم السابقين على من سواهم لا محالة، وبذلك تكون فروق النسبة لصالحهم فضلًا وكرمًا.
ومنها ما رواه الإمام أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم».) (٤).
_________
(١) رواه الترمذي (٢١٩١)، وأحمد (٣/ ١٩) (١١١٥٩). وحسنه الترمذي، والسيوطي في «الجامع الصغير» (١٦١٠)، وضعفه الألباني في «ضعيف الجامع» (١٢٤٠).
(٢) رواه البخاري (٣٣٨٣)، ومسلم (٢٦٣٨) واللفظ له.
(٣) رواه أبو داود (٤٦٩٣)، والترمذي (٢٩٥٥)، وأحمد (٤/ ٤٠٠) (١٩٥٩٧). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه السيوطي في «الجامع الصغير» (١٧٣٤)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (١٧٥٩).
(٤) رواه أحمد (١/ ٣٨٧) (٣٦٧٢)، والحاكم (١/ ٨٨). قال الهيثمي في «المجمع» (١/ ٥٦): رواه أحمد، ورجال إسناده بعضهم مستور، وأكثرهم ثقات. وضعفه الألباني في «ضعيف الجامع» (١٦٢٥).
1 / 19