Encyclopedia of Heart Jurisprudence
موسوعة فقه القلوب
ناشر
بيت الأفكار الدولية
اصناف
يملكها وحده: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)﴾ [فاطر: ٢].
فلا رجاء في أحد من الخلق، ولا خوف من أحد من الخلق، فما أحد بمرسل من رحمة الله ما أمسكه الله ﷻ.
إن هذا اليقين لو استقر في قلب الإنسان لصمد كالطود للأحداث والأشياء والأشخاص، والقوى والقيم، ولو تضافر عليها الإنس والجن، فهم لا يفتحون رحمة الله حين يمسكها، ولا يمسكونها حين يفتحها، وهو العزيز الحكيم.
وقد أنشأ الله بهذا القرآن العظيم تلك الفئة العجيبة من البشر في صدر الإسلام، الفئة التي صُنعت على عين الله، تحمل رحمة الله وشريعته، لتكون قدوة للبشرية إلى يوم القيامة، اولئك هم: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح: ٢٩]
وهي قدر من قدر الله سلطه على من يشاء في الأرض، فيمحو ويثبت في واقع الحياة والناس ما شاء الله من محو وإثبات.
وما يزال هذا القرآن بين يدي الناس قادرًا لو حكموه أن ينشئ أفرادًا وفئات تمحو وتثبت في الأرض بإذن الله ما يشاء الله.
تمحو الظلم والبغي والباطل، وتثبت الحق والعدل والسلام.
والله سبحانه هو الرحمن الرحيم، ورحمته لنا تزيد بمقدار رحمتنا لخلقه، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.
قال النبي ﷺ: «لا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ» متفق عليه (١).
والرحمة المضافة إلى الله نوعان:
الأولى: إضافة مفعول إلى فاعله كما قال الله سبحانه في الحديث عن الجنة:
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٣٧٦) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٣١٩).
1 / 102