Encyclopedia of Heart Jurisprudence
موسوعة فقه القلوب
ناشر
بيت الأفكار الدولية
اصناف
ودروبها، ما من دابة من هذه الدواب التي لا يحصيها إلا الله وحده، إلا وعند الله علمها، وعلى الله رزقها، وهو الذي يعلم أين تستقر؟ وأين تكمن؟، ومن أين تجيء؟، ومن أين تذهب؟، ومن أين تأكل؟.
وكل منها مقيد في علم الله حيًا، ومقيد في علم الله ميتًا، ولا يعزب عنه منها شيء: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦)﴾ [هود: ٦].
إن فؤاد الإنسان يرجف، وكيانه يهتز، حين يرى عظمة العلم الإلهي في حالة تعلقه بالمخلوقات في هذا الكون العظيم، وحين يحاول تصور ذلك بخياله الإنساني فلا يطيق، ويزيد على مجرد العلم بها تقدير الرزق لكل فرد من أفراد هذا الحشد الكبير من المخلوقات الهائلة، والذي يعجز عن تصوره الخيال البشري، كمية ونوعية .. ومكانًا وزمانًا .. وإيصاله لكل مخلوق.
وقد أوجب الله سبحانه على نفسه، وتكرم على خلقه مختارًا أن يرزق جميع هذه المخلوقات الكثيرة الهائلة التي تدب على وجه هذه الأرض.
فأودع الله ﷿ هذه الأرض، ودحاها بالأرزاق، وأودع فيها القدرة على تلبية حاجات هذه الكائنات جميعًا، وأودع هذه الكائنات القدرة على الحصول على رزقها من هذا المودع في الأرض، ساذجًا خامة كالمعادن، أو منتجًا بالزرع، أو مصنوعًا، أو مركبًا إلى غير ذلك من الصور المتجددة لإنتاج الرزق وإعداده وحفظه.
فسبحان العليم القدير: ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣)﴾ [الأعلى: ٢، ٣].
وعلمُ الله ﷿ واسع شامل، لا يند عنه شيء، فالله سبحانه يعلم الحمل المكنون في الأرحام، والسر المكنون في الصدور، والحركة الخفية في جنح الظلام، والحب المدفون في التراب، والدواب التي تدب في قعر البحار.
ويعلم سبحانه كل مستخف بالليل، وكل سارب بالنهار، وكل هامس، وكل جاهر، وكل أولئك مكشوف لعلم الله: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ
1 / 115