أما الأشياء التي في قدرتنا فنحن بطبيعتنا أحرار فيها، لا حائل بيننا وبينها ولا عائق، وأما الأشياء التي ليست في قدرتنا فهي أشياء هشة وعبودية وعرضة للمنع وأمرها موكول لغيرنا.
تذكر إذن أنك حين تأخذ ما هو بطبيعته مملوك على أنه حر، وما هو موكول لغيرك على أنه لك، فلسوف تخيب وتأسى وتنخذل، ولسوف تلوم الآلهة والبشر. أما حين لا تأخذ إلا ما هو لك على أنه لك، وحين تدع ما هو لغيرك على أنه، حقا، لغيرك، فلن يكون لأحد سلطان عليك، ولن يصدك أحد عن سبيلك، ولن تلوم إنسانا ولن تتهم أحدا، ولن تفعل أي شيء غصبا، ولن يضرك أحد، ولن يكون لك عدو إذ لا يمكن أن يمسك أذى.
إذا كنت تصبو إذن إلى مثل هذه الأشياء العظيمة فتذكر أنك لن تشتريها بثمن قليل، إنما سيتعين عليك أن تتخلى عن بعض الأشياء كل التخلي، وأن ترجئ الأخرى في الوقت الحاضر. أما إذا كنت تريدها وتريد معها النفوذ والثروة أيضا، فلربما تخسر حتى هذه الأشياء نفسها (النفوذ والثروة) لأنك صبوت أيضا إلى تلك (الأشياء العظيمة). يقينا سوف تفوتك تلك الأشياء التي بها وحدها تتحقق السعادة والحرية.
فليكن دأبك إذن منذ البداية أن تقول لكل «انطباع» مزعج: «أنت مجرد انطباع، ولست بأي حال ذلك الشيء الحقيقي الذي تمثله.» ثم افحصه وقدره بتلك المعايير التي لديك، وأولها هذا: أيتعلق هو بالأشياء التي في قلوبنا أم بالأشياء الخارجة عن إرادتنا؟ فإذا كانت الأخيرة فكن على استعداد لأن تقول بأن هذا الانطباع لا يعنيك في شيء.
1 (2) الرغبة والنفور
تذكر أن الرغبة تتطلب حصولك على ما أنت راغب فيه، وأن النفور يتطلب تجنبك لما أنت نافر منه؛ أن من يفشل في بلوغ الشيء الذي يرغب فيه هو محبط، ومن يحيق به الشيء الذي يتجنبه فهو شقي. إذن لو أنك لا تجتنب إلا تلك الأشياء المكروهة التي في قدرتك اجتنابها فلن يلم بك أي شيء تعافه. أما أن تجتنب المرض أو الموت أو الفقر فسوف تعرض نفسك للشقاء. فلتقض في نفسك إذن على كل رهبة من الأشياء التي ليست في قدرتك، وليكن نفورك فقط من الأشياء المكروهة التي في قدرتك اجتنابها؛ على أن تلجم في نفسك كل رغبة في اللحظة التي أنت فيها؛ ذلك أنك لو رغبت في أي من الأشياء التي ليست في قدرتنا فمن المحتم أن يخيب أملك وأنت لم تنل بعد تلك الأشياء التي في قدرتنا والتي هي جديرة بالرغبة.
2
ولكن استخدم فقط ملكة النزوع المناسب «إلى» الشيء و«عنه»، وحتى هذه استخدمها بقدر وبلطف وتحفظ.
3 (3) تذكر بقية الخصائص
فيما يتصل بأي شيء لك فيه بهجة أو منفعة أو تحبه حبا جما لا تنس أن تضيف هذا إلى مواصفاته: «ما هي طبيعة هذا الشيء؟» بادئا من أدناها شانا. إذا كنت شغوفا بكوب فخاري معين قل لنفسك إنه كوب من الفخار؛ ومن ثم فإذا انحطم لم تأسف لانحطامه. وإذا كنت تقبل ولدك أو زوجك فقل: إنه كائن إنساني هذا الذي تقبله؛ ومن ثم فإذا مات طفلك، أو زوجك، لم تذهب نفسك عليهم حسرات.
نامعلوم صفحہ