Efforts of Muslim Scholars in Criticizing the Bible from the 8th Century AH to the Present "Review and Critique"
جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر "عرض ونقد"
اصناف
فهؤلاء الذين أصروا على كفرهم وعنادهم استمرءوا تحريف ما بين أيديهم من كتب على مر العصور، وقد بين ذلك القرآن الكريم فقال تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١).
وقد شهد الرسول ﷺ حادثة تدل على أنهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه وهي حادثة الرجل اليهودي الذي أخفى آية الرجم بن التوراة بيديه حتى لا يُطبق حد الرجم علي من أخطأ، فقد جاء في الحديث: "أُتي رسول الله بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعًا، فقال لهم: ما تجدون في كتابكم؟ قالو إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتحبية، قال عبد الله بن سلام (٢) ادعهم في يا رسول الله بالتوراة، فأتى بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له ابن سلام: ارفع يدك فإذا آية الرجم تحت يده فأمر بها رسول الله فرجما" (٣).
وتوالت الأحداث وكلما مر عهد حرف اليهود والنصارى وغيروا وبدلو وزادوا وأنقصوا، وكلما يطبع من كتبهم نسخة تكون غير النسخة الأولي التى قبلها لما يراه رجال دينهم ومجامعهم المقدسة- في زعمهم- من حذف كلمة أو زيادة أخرى أو تبديل كلمة مكان كلمة وغير ذلك يدعون صحة كتبهم وأنها من عند الله، وليس ذلك فحسب، بل وجهوا نقدهم للإسلام ورسوله وكتابه وأثاروا حوله الشبه والشكوك، ولكن الله ﷿ حافظ كتابه من التبديل والتغيير فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (٤) وقال سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٥).
_________
(١) سورة المائدة: الآية: (١٣).
(٢) هو: عبد الله بن الحارث، أبو يوسف من ذرية يوسف ﵇، حليف النوافل من الخزرج الإسرائيلي الأنصاري، كان حليفًا لهم وكان من بني قينقاع، كان اسمه الحصين فغيره النبي ﷺ إلى عبد الله، وكان يهوديًا فأسلم، مات سنة ٤٣ هجرية (انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ٦/ ١٠٨ - ١١٠، طبعة مكتبة الكليات الأرهرية، ط١، ١٣٩٦هـ/١٩٧٦م).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين، باب الرجم في البلاط ٤/ ١٧٧ ط / دار إحياء الكتب العربيه، الحلي، والتحميم هو تسويد الوجة بالفحم، والتحبسيه أن يضم الإنسان رجيله إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشد عليه (النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير: ١/ ٣٣٥، ٤٤٤، طبعة دار إحياء التراث العربي؛ بيروت).
(٤) سورة فصلت: الآيتان (٤١، ٤٢).
(٥) سورة الحجر: الآية (٩).
1 / 2