Educational Milestones for Aspiring High Religious Authorities
معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية
اصناف
لذلك: فإن كل طالب علم دخل إلى جامعة، أو جلس في حلقة، أو لازم شيخًا، فليعلم أنه بمجرد دخوله، وبمجرد ملازمته، قد وضعَ قدمه على عتبة المسئولية بين يدي الله ﷿، وأنه سيحمل على ظهره أمانة يوقف فيها بين يدي الله، إما أن تشقيه وإما أن تسعده وترضيه.
فاعلموا -إخواني- أن التخصص في العلم الشرعي، وحمل هذه الحِكَم من الكتاب والسنة ما هي إلا حجج تكون للإنسان أو على الإنسان.
جاء بعض السلف إلى أمّ المؤمنين عائشة ﵂ وكان يسألها المسائل، فقالت له يومًا من الأيام: أي بنيّ.. أكُلَّ ما علمتَه عملتَ به؟ فقال: يا أماه.. إني مقصّر -وجلس يشتكي من تقصيره- فقالت له: يا بنيّ.. لِمَ تستكثر من حجج الله عليك (١) [١٦٤]) .
فينبغي لنا أن نستشعر أن هذا العلم الذي نتعلمه حجج علينا، وأن وراءنا أممًا تنتظر هذا الوحي بفارغ الصبر، وراءك أهلك، وراءك حيك وأهل بلدتك وعشيرتك، ينتظرون هذا العلم الذي تتعلمه، فاتق الله فيما تعلمت، وكن غيورًا على هذا الدين، وبث الحِكم من كتاب الله وسنة سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.
احتسبوا -إخواني- الأجر عند الله، واعلموا أن هذا العلم لا يراد به الدنيا، وإنما يراد به ما عند الله. قال ﷺ: (من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة) (٢) [١٦٥]) .
فطلاب العلم هم أشبه الناس بالعلماء، وأعرفهم بالفضل وسبيل الأدب مع الله ﷿ وخَلقه. لهم الأخلاق السامية، والآداب العالية، يغزون القلوب بأخلاقهم وأدبهم، قبل أن يغزوا العقول بأفهامهم ودعوتهم (٣) [١٦٦]) .
(١) ١٦٤]) وروى الحافظ ابن عبد البر في الجامع مثله عن أبي الدرداء (ص:٦٩٥) – ط. دار ابن الجوزي.
(٢) ١٦٥]) رواه أحمد (٢/٣٣٨)، وأبو داود (٣٦٦٤)، وابن ماجة (٢٥٢)، والحاكم (١/٨٥) وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) ١٦٦]) من محاضرة الغرور وأثره على طلاب العلم، للشيخ.
1 / 143