دستور العلماء
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون
ناشر
دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت
ایڈیشن نمبر
الأولى، 1421هـ - 2000م
اصناف
فهو لا يحجب البصر عن الرؤية وإذا كان كثيفا فهو يحجب البصر عن الروية وما ذلك إلا كونه شعاعا من البصر فقد نفذ في الجسم المتوسط ووصل إلى المرئي على التقدير الأول ولم ينفذ في الجسم المتوسط ولم يصل إلى المرئي على التقدير الثاني. ورد بأن الشعاع إن كان عرضا امتنع عليه الحركة والانتقال وإن كان جسما امتنع أن يخرج من أعيننا بل من عين البقة جسم يخرق الأفلاك وينبسط في لحظة إلى نصف كرة العالم ثم إذا طبق الجفن عاد إليها أو انعدم ثم إذا فتحت العين خرج مثله وهكذا. ودفع بأنهم أرادوا بما ذكروا أن المرئي إذا قابل شعاع البصر استعد لأن يفيض على سطحه من المبدء الفياض شعاع يكون ذلك الشعاع قاعدة مخروطة رأسه عند مركز البصر لكنهم سموا حدوث الشعاع بسبب مقابله للتعين بخروج الشعاع عنها إليه مجازا على قياس تسمية حدوث الضوء فيما يقابل الشمس بخروج الضوء عنها إليه فافهم. ثم إن الرياضيين اختلفوا فيما بينهم فذهب جماعة إلى أن ذلك المخروط مصمت أي غير مجوف وذهب جماعة أخرى إلى أنه مركب من خطوط شعاعية مستقيمة أطرافها التي تلي البصر مجتمعة عند مركزه ثم يمتد متفرقة إلى المبصر فبما ينطبق عليه من المبصر أطراف تلك الخطوط أدركه البصر وما وقع بين أطراف تلك الخطوط لم يدركه ولذلك يخفى على البصر المسامات التي في غاية الدقة في سطوح البصرات وذهب جماعة ثالثة إلى أن الخارج من العين خط واحد مستقيم فإذا انتهى إلى المبصر تحرك على سطحه في جهتين طوله وعرضه حركة في غاية السرعة ويتخيل بحركته هيئة مخروطية. وأما مذهب جمهور الحكماء الطبيعيين فهو أن الإبصار بالانطباع والانتقاش وهو المختار عند أرسطو وأتباعه كالشيخ الرئيس وغيره قالوا إن مقابلة المبصر للباصرة يوجب استعدادا يفيض به صورته على الجليدية ولا يكفي في إبصار شيء واحد من حيث إنه واحد الانطباع في الجليدية وإلا لرؤي شيء واحد شيئين لانطباع صورته في جليديتي العينين بل لا بد من تأدي الصورة من الجليدية إلى ملتقى العصبتين المجوفتين ومنه إلى الحس المشترك ولم يريدوا بتأدي الصورة من الجليدية إلى العصبتين المجوفتين ومنه إلى الحس المشترك انتقال العرض الذي هو الصورة ليلزم انتقال العرض من مكان إلى مكان آخر بل أرادوا أن انطباعها في الجليدية معد لفيضان الصورة على الملتقى وفيضانها عليه معد لفيضانها على الحس المشترك. وحجة الجمهور أن الإنسان إذا نظر إلى قرص الشمس بتحديق نظره مدة طويلة ثم غمض عينيه فإنه يجد من نفسه كأنه ينظر إليها. وكذلك إذا بالغ في النظر إلى الخضرة الشديدة ثم غمض عينيه فإنه يجد من نفسه هذه الحالة. وإذا بالغ في النظر إليها ثم نظر إلى لون آخر لم ير ذلك اللون خالصا بل مختلطا بالخضرة وما ذلك إلا لارتسام صورة المرئي في الباصرة وبقائها زمانا. ورد بأن صورة المرئي باقية في الخيال لا في الباصرة. ودفع الشارح الجديد للتجريد بأنه فرق بين بين التخيل والمشاهدة. والارتسام في الخيال هو التخيل دون المشاهدة. ولا شك
صفحہ 20