فأمليت من مصارع العشاق، بين القلوب والمقل، ما إذا سمعه جنان الجنان، قال مكره أخوك لا بطل، فلم أدر أشرعت من إلفاتها غصون القدود، أو عواسل (ق 85/أ) الأسل، أو مدت من نوناتها حواجب الحبائب، أو تسي بني تعل، أو فرغت لامات اللامات، أو قامات تعانقت للقبل، أو السينات ثغور جعل التشديد بحراستها مرامي أو سينات الثغور الحامي بردها فتور الأجفان عن اطفاء أوامي (122)، فيا له من معرك تبذل فيه النفوس، وتثير فيه فتن الأحداق على العشاق حرب البسوس (123)، على أني لم أكن من أجلادها هذا الجلاد، ولا من لذاذة هذا اللذاذ، وإن كنت قد أخذ الحب مجامعي، وفتح السهاد جفوني، وسد عن العذل مسامعي، وأرعد بلاعجه (124) ضلوعي، وأجرى سيل مدامعي، وغادرني بين شموس الوجوه ألوح كالهباء، فها أنا بعليل جسمي صحيح، وصحيح وجدي صحيح عليل، فاطلبوني من الصبا ففيها كما شاء النحول مقامي، وأمسيت بين ضلوعي في احتراق اشتياقها ظوامي، وعيون بغوادي (125) دموعها على الدوام دوامي، وبعد؛ فقد قال الشيخ الإمام الفاضل الشيخ أحمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن مكية الشهير بالعناياتي غفر الله له ذنوبه، وستر عيوبه، ولمن دعا له، ولجميع المسلمين: يقول في التذكرة الحمدونية (126) عشر عشرات في أخلاق شتى في غاية النفع لمن طالعها أو تخلق بها وحفظها إلا أنها نثر، والنثر يصعب حفظه، فأشار بعض الإخوان من أهل الكمال أن أرجزها في أبيات وجيزة مختصرة ليسهل تعانيها، ويعذب معاينها، فامتثلت أمره بالطاعة، وبذلت فيها جهد الاستطاعة، وسميتها بالدرة المضية في الأخلاق المرضية. الله أسأل أن تكون خالصة لوجهه الكريم فهو بالنيات عليم، وهو حسبي، ونعم الوكيل. وهذه الأرجوزة:
(البحر الرجز)
حمدا لمن علمنا بالقلم ... وأظهر الفضل (127) لنا كالعلم
(ق 85/ب) وميز الإنسان بالبيان ... مشرفا بالقلب واللسان
فالقلب حلاه من الإيمان ... تحلية اللسان بالقرآن
فهو خليفة من الرحمن ... على جميع عالم الكيان
وبعد حمدا لله والصلاة ... على حياة أعين الحياة
نخبة عدنان النبي أحمدا ... أشكر راجي ربه وأحمدا
وآله وصحبه الأخيار (128) ... المصطفين السادة الأبرار
صفحہ 37