فلما أمسى جاء عالم من العلماء إلى وزيره وأسر إليه إن صدق الملك بنيته عافيته. فاستأذن الوزير له فلما خلا به قال له: هل نويت في هذا البيت أمرا؟.
قال: كذا وكذا.
قال العالم: تب من ذلك ولك خير الدنيا والآخرة.
قال: قد تبت مما كنت قد نويت فعوفي في الحال، فآمن بالله وبإبراهيم الخليل (عليه السلام) وخلع على الكعبة سبعة أثواب. وهو أول من كسا الكعبة.
وخرج إلى يثرب، ويثرب هي أرض فيها عين ماء، فاعتزل من بين أربعة الف (1) عالم أربعمائة عالم على أنهم يسكنون فيها، وجاؤوا إلى باب الملك وقالوا:
إنا خرجنا من بلداننا وطفنا مع الملك زمانا وجئنا إلى هذا المكان ونريد المقام فيه إلى أن نموت فيه.
فقال الوزير: ما الحكمة في ذلك؟
قالوا: اعلم أيها الوزير أن شرف هذا البيت بشرف محمد صاحب القرآن والقبلة واللواء والمنبر، مولده بمكة وهجرته إلى هاهنا، وإنا على رجاء أن ندركه أو يدركه أولادنا.
فلما سمع الملك ذلك تفكر أن يقيم معهم سنة رجاء أن يدرك محمدا (صلى الله عليه وآله)، وأمر أن يبنى أربعمائة دار لكل واحد دارا، وزوج كل واحد منهم جارية معتقة، وأعطى كل واحد منهم مالا جزيلا.
ويروى أن تبعا قال للأوس والخزرج: كونوا هاهنا إلى أن يخرج هذا النبي أما أنا لو أدركته لخدمته ولخرجت معه (2).
وروي أنه قال:
قالوا بمكة بيت مال داثر (3) * وكنوزه من لؤلؤ وزبرجد
صفحہ 17