وقال الحافظ ابن حجر: "كان عارفًا بالأنساب معرفة جيدة، وأما غيرها من مُتَعلقات الحديث فله بها خبرة متوسطة" (١).
وتعبيره -وكذا من جاء بعده- بـ"خبرة متوسطة" لا يفيد عدم تمكن المترجم في العلوم الحديثيةِ سوى الأنساب، بل يريد خِبرة متوسطة بالنسبة لتبحره في علم الأنساب، وإتقانه له، وإمامتِه فيه، فالحكم نسبي لا على إطلاقه.
وإلا فكيف يتمكن ذو الخبرة المتوسطة بالحديث من شرح البخاري في عشرين مجلدًا مخطوطًا، وغيرِه، وغيرِه من المؤلفات الحديثية القيمة، التي ستراها في مبحث مُؤلَّفاته، وتلك خير شاهد على إمامته في الحديث.
ويدل على سَعَةِ إطِّلاعه وتمكنِه في الأنساب شهادة تلميذه شيخ الإِسلام أبي الفضل العراقي:
ذكر السيوطي في "التدريب" (٢) أن الحافظ ابن حجر سأل شيخه العراقي رحمهما الله تعالى عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ: مُغلطاي، وابن كثير، وابن رافع، والحسيني؟
_________
(١) "الدرر الكامنة" ٤: ٣٥٣، ونحوه في "لحظ الألحاظ": ١٣٣ عن زين الدين ابن رجب، و"شذرات الذهب" ٦: ١٩٧، وغيرهما.
(٢) "تدريب الراوي" ٢: ٤٠٥.
1 / 16