فكيف تجاسر المجيب على دعوى الإجماع في هذا المقام مع ظهور
الخلاف في كثير من تلك الشروط للخاص والعام؟ ومن أعظم أركان الإمامة العدالة، وهي ظنية قطعا، فإن نصب برهان قاطع على أن الإمام آت بالواجبات قطعا، ومجتنب للمقبحات قطعا، حتى نعلم منه ذلك غير مقدور لنا، لأن علم السرائر وخفيات الضمائر مما استأثر به عالم الذات سبحانه وتعالى، ألا ترى أنه يجوز أن يعترف الإمام بالفسق وأن يصرح بتوبته عن ذلك، ولو علمت عدالته قطعا لم يصح ذلك.
[استبعاد إمكانية الأخذ بالقاطع في مسألة الإمامة]
قال السيد أيده الله تعالى: وإذا صح أنها قطعية وأن الحق فيها مع واحد لم يجز الأخذ فيها إلا بقاطع، ولزم كل مكلف النظر في آحاد شرائطها، والانتهاء فيها إلى العلم، وامتنع التقليد في شيء منها، والرجوع فيه إلى العلماء.
قال المجيب: هو ملتزم وقد صرح به في (التعليق)، إلا في العلم فإنه شرع للعوام تقليد العلماء فيه.
نقول: قد التزم الذاهبون إلى أن مسألة الإمامة وشرائطها قطعية ما ذكره المجيب، ولكن لا يخفى ضعف ذلك، وليت شعري كيف إقامة برهان قاطع على أنه فاطمي عدل في الباطن؟ كما أشرنا إليه آنفا، وإيجاب العلم بذلك، وعدم الاكتفاء فيه بالظن تكليف بمالا يطاق، والله أعلم.
قال السيد: ومن توابع أنها قطعية الإنكار على معتقد صحة إمامة الإمام من غير معرفة للشروط يقينا.
قال المجيب: بل الواجب على الأئمة حمل أتباعهم على السلامة، وأنهم لم يتبعوهم إلا لدليل، فإن عرف أنهم لم يتبعوهم لدليل، فمسلم وجوب الإنكار عليهم.
قال: فإن قيل: قد علم من حال الأئمة أنهم لم ينكروا، فإما حكمنا بخطأ الأئمة أو بكون المسألة ظنية.
صفحہ 340