أقول: هذا الإلزام الذي ذكره مولانا ملتزم، وليس فيه محذور يخاف ولا محال يلزم، وكلام الفقيه محمد بن سليمان في ذلك جيد لا عوج فيه، وهو ظاهر كلام أصحابنا في مواردهم ومصادرهم، وقد صرح به الفقيه قاسم بن أحمد(1) إلا في تفصيل العلم، فإنه سوغ للعوام تقليد العلماء فيه، قال: لأنه لا طريق لهم سوى ذلك، وبهذا قال الإمام المهدي أيضا، فإنه ذكر أنه يجب على العامي معرفة ما عدا العلم من الشرائط، إما بالخبرة أو بالتواتر.
قال: وأما الاجتهاد فلا طريق له -إلى اختصاص الإمام به- إلا نقل الناقلين من العلماء المجتهدين، أو كل عالم بفن يخبر أنه وجده عارفا للقدر المحتاج إليه في فنه.
قال رضي الله عنه: فإذا نقلوا ذلك فللعامي الأخذ بنقلهم، وإن لم يبلغ حد التواتر، لأن شرط التواتر المفيد للعلم هنا مفقود، وهو الاستناد إلى المشاهدة، والعلم لا يشاهد، لكن تدل عليه الأقوال فقط، فالتواتر حينئذ هنا لا يفيد علما، فيجتزي بالظن.
قال رحمه الله تعالى: وإن اختلف الناقلون في كمال علمه، رجع إلى الترجيح في صحة نقلهم، فإن حصل ترجيح عمل به، وإلا فالواجب الوقف حينئذ.
قال الفقيه قاسم: وقد اختار بعضهم جواز التقليد للعوام في معرفة الإمام واجتماع الشرائط فيه، وهو ضعيف، انتهى.
ثم قال مولانا أبقاه الله تعالى: ومن توابع القول بكونها قطعية أنه يلزم الأئمة وغيرهم الإنكار على من اعتقد صحة إمامتهم، من غير فهم القواعد، والوصول في ذلك إلى العلم اليقين، لأن من كانت هذه صفته مقدم على قبيح ومرتكب له، والإنكار على مرتكب القبيح واجب... إلى آخر ما ذكره في هذا المعنى.
صفحہ 273