Duroos Ash-Shaykh Hamad Al-Hamad

Hamad Al-Hamad d. Unknown
79

Duroos Ash-Shaykh Hamad Al-Hamad

دروس الشيخ حمد الحمد

اصناف

حكم الطلاق ثلاثًا قال: [فإن طلقها ثلاثًا ولو بكلمات فحرام]، الطلاق المأذون فيه شرعًا أن يطلق المرأة طلقة ثم يراجعها في العدة، أو يعقد عليها عقدًا جديدًا إذا خرجت من عدتها، ثم يطلق ثم يراجع إن كانت في العدة، وإن خرجت من العدة فيعقد عقدًا جديدًا، ثم يطلق؛ هذا الطلاق الذي شرعه الله ﷾. إذًا: الطلاق المشروع هو الذي يكون بعد رجعة أو بعد عقد آخر، وأما الطلاق الذي على خلاف ذلك فإنه على خلاف هدي النبي ﷺ وأمره، فإذا طلقها بكلمة واحدة في مجلس فقال: أنت طالق بالثلاث، فهذا طلاق محرم. وإذا طلقها في مجلس واحد لكن بكلمات، فقال: يا فلانة أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق، لا يريد التأكيد وإنما يريد تعدد الطلاق، أو قال: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، فالطلاق متعدد وفي مجلس واحد. وقد يكون في مجالس متعددة، يقول: يا فلانة أنت طالق، ثم تذهب إلى أهلها ويتصل بها ويقول: أنت أيضًا طالق، ثم بعد ذلك يقول: أنت طالق، ولا يتخلل ذلك رجعة؛ فهذا كله طلاق محرم. وقد جاء في النسائي من حديث محمود بن لبيد أن النبي ﵊ ذكر له أن رجلًا طلق امرأته ثلاثًا بكلمة، فغضب النبي ﵊ وقال: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم)؟ إذًا: طلاق الثلاث إما في مجلس أو في مجالس متعددة دون أن يتخلل ذلك رجعة أو عقد، فهذا محرم لا يجوز، وبقي هل يقع ثلاثًا أم يقع واحدة؟ قال الجمهور وهذا الذي عليه المذاهب الأربعة: يقع ثلاثًا، قالوا: وهذا هو الذي عليه عمل الصحابة في عهد عمر ﵁، فقد جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس ﵁ قال: (كان الطلاق في عهد النبي ﵊ وعهد أبي بكر وسنتين من عهد عمر طلاق الثلاث واحدة فلما استعجل الناس الطلاق -يعني كثر هذا- قال عمر: أرى لو أمضيناه عليهم، فأمضاه رضي الله تعالى عنه)، إذًا: هو من باب التعزير، كما أنه عزر شارب الخمر بثمانين جلدة فأخذت به المذاهب الأربعة وكان يحد في عهد النبي ﷺ بأربعين. فهنا عمر ﵁ رأى التعزير بذلك، ورأى أن الناس يأثمون بتعديدهم الطلاق بالثلاث فيعزرون بإيقاعه عليهم، وعملت بهذا المذاهب الأربعة. والقول الثاني في المسألة، وهو قول طائفة من أصحاب أحمد، وطائفة من أصحاب مالك، وطائفة من أصحاب أبي حنيفة، وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن قيم الجوزية، واختاره أيضًا الشيخ عبد الرحمن بن سعدي والشيخ محمد بن عثيمين قالوا: بل طلاق الثلاث واحدة بكل حال، ولا تقع الثانية حتى يراجعها أو يعقد عقدًا جديدًا. وتوسط الشيخ عبد العزيز بن باز ﵀ بين القولين فقال: إذا طلقها بكلمة واحدة بالثلاث فإنها تحسب واحدة، وأما إذا عدد الطلاق، سواء كان في مجلس أو في مجالس ولم يكن الطلاق بكلمة واحدة، يعني لم يقل: أنت طالق ثلاثًا أو أنت طالق بالثلاث، بل قال: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، أو أنت طالق وطالق وطالق، فهي ثلاث. أما إذا قال: أنت طالق طالق طالق، ونوى بالتكرار الإفهام أو نوى التأكيد فلا يقع إلا واحدة، وما ذكره الشيخ ﵀ وسط بين القولين، وفيه قوة. ومما يدل على ما ذهب إليه أهل القول الثاني أن النبي ﵊ كما في مسند أحمد بإسناد جيد سأله أبو ركانة أنه طلق امرأته ثلاثًا، فقال له النبي ﵊: (هي واحدة). فالذي يترجح أنه إذا طلقها بالثلاث بكلمة واحدة فنقول هي واحدة، وأما إذا طلقها في مجلس أو في مجالس بكلمات متعددة ونوى تكرار الطلاق ولم ينو الإفهام أو التأكيد في محله، فإن الطلاق يقع متعددًا كما أوقعه على نفسه.

5 / 5