الدرر فی اختصار المغازی والسیر

ابن عبد البر d. 463 AH
166

الدرر فی اختصار المغازی والسیر

الدرر في اختصار المغازي والسير

تحقیق کنندہ

الدكتور شوقي ضيف

ناشر

دار المعارف

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٠٣ هـ

پبلشر کا مقام

القاهرة

وَعظم عِنْد ذَلِك الْبلَاء وَاشْتَدَّ الْخَوْف، وأتى الْمُسلمين عدُوُّهُمْ من فَوْقهم١ وَمن أَسْفَل٢ مِنْهُم حَتَّى ظنُّوا بِاللَّه الظنون٣، وَأظْهر المُنَافِقُونَ كثيرا مِمَّا كَانُوا يسرون، فَمنهمْ من قَالَ: إِن بُيُوتنَا عَورَة فلننصرف إِلَيْهَا٤، فَإنَّا نَخَاف عَلَيْهَا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك أَوْس بْن قيظي إِلَّا أَنه مَعَ ذَلِك ولد ولدا سيدا فَاضلا وَهُوَ عرابة بْن أَوْس الَّذِي قَالَ فِيهِ الشَّاعِر٥: إِذا مَا راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة بِالْيَمِينِ وَقد قيل إِن لَهُ صُحْبَة بِالنَّبِيِّ ﷺ. وَمِنْهُم من قَالَ: يعدنا مُحَمَّد أَن نفتح كنوز كسْرَى وَقَيْصَر، وأحدنا الْيَوْم لَا يَأْمَن على نَفسه [أَن] يذهب إِلَى الْغَائِط، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك معتب٦ بْن قُشَيْر أحد بني عَمْرو بْن عَوْف. وَأقَام رَسُول اللَّهِ ﷺ وَأقَام الْمُشْركُونَ بضعا وَعشْرين لَيْلَة قَرِيبا من شهر لم يكن بَينهم حَرْب إِلَّا الرَّمْي بِالنَّبلِ والحصا. فَلَمَّا رأى رَسُول اللَّه ﷺ أَنه اشْتَدَّ على الْمُسلمين الْبلَاء بعث إِلَى عُيَيْنَة بْن حصن الْفَزارِيّ وَإِلَى الْحَارِث بْن عَوْف بْن أبي حَارِثَة٧ المري وهما قائدا غطفان، فَأَعْطَاهُمَا ثلث ثمار الْمَدِينَة لينصرفا بِمن مَعَهُمَا من غطفان و[أهل] نجد٨ وَيرجع بقومهما عَنْهُم٩. وَكَانَت هَذَا الْمقَالة مراوضة وَلم تكن عقدا. فَلَمَّا رأى رَسُول اللَّه ﷺ أَنَّهُمَا قد أنابا١٠ ورضيا أَتَى سعدَ بْن معَاذ وسعدَ بْن عبَادَة فَذكر لَهما واستشارهما، فَقَالَا: يَا رَسُول اللَّه هَذَا أَمر تحبه فنصنعه لَك، أَو شَيْء أَمرك اللَّه بِهِ فنسمع

١ من فَوْقهم أَي من فَوق الْوَادي من قبل الْمشرق حَيْثُ كَانَت غطفان وجموعها. ٢ وَمن أَسْفَل مِنْهُم أَي من بطن الْوَادي من قبل الْمغرب حَيْثُ كَانَت قُرَيْش وجموعها. ٣ وَفِي ذَلِك نزلت الْآيَة: ﴿إِذْ جاءوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم وَإِذ زاغت الْأَبْصَار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وتظنون بِاللَّه الظنونا﴾ . ٤ وَفِيهِمْ نزل قَوْله تَعَالَى: ﴿يَقُولُونَ إِن بُيُوتنَا عَورَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَة إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ . ٥ هُوَ الشماخ. ٦ وَفِيهِمْ نزلت الْآيَة: ﴿وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا﴾ . ٧ فِي الأَصْل: الْحَارِث وَهُوَ خطأ من النَّاسِخ. ٨ فِي الأَصْل زِيَادَة كلمة: قُرَيْش. ٩ فِي ابْن هِشَام: عَنهُ وَعَن أَصْحَابه. ١٠ أناب: رَجَعَ وَأجَاب.

1 / 173