كبيرهم المعروف " عون " الموصوف بالكرم والعون خمسة آلاف سقمانيه وألف بالعدد فرسانه، وهؤلاء المذكورين على جميع أفعالهم مشكورين أقدم من الضرغام، وأكرم من الضمام، ولا أفخرهم سوى إكرام الضيف أو الأقدام للضرب بالسيف، وكفى بذلك فخرًا من هذه الدار ومن الأخرى، وقد عنيت وصفهم، ودانيت رصفهم.
قال المؤلف: أنجز الله أماله، وخيب في الدارين أعماله هذه القبيلة المسماة بعسير نتعرف أسماء كثيرة فمنهم طوائف بظل المعروف " بأبي نقطة " وهم الذين يلون سواحل البحر والآخرون بظل السيد الشريف " حمود أبو مسمار " وقليل أن يكون بينهم الصلح لأن كل واحد يزعم الفخر له، والعلياء بيده، وهم المسمون، أبو نقطة، وأبو مسمار، فلما صار بينهم من الشحناء والعداوة ما صار وتبين الغلب والقدرة لأبي مسمار وأيقن أبو نقطة بالعجز عن حربه وأتعبه منازلته وحربه مال لطاعة الوهابي، واستعان به، وحتى أنفذ إليه أوامره وكتائبه فقصد " عبد الوهاب أبو نقطة " بعساكره وخيوله إلى بلاد أبي مسمار غازيًا على عدده وفوله، فلما بلغ أبي مسمار توجهه إليه أضرم النيران هممه وشمر عن عزائمه قادما عليه فالتقى أبو مسمار وعساكر أبو نقطة، ولم يعلم واحدهم بقرب الأخير منه فكمى له أبو مسمار ونزل هو وعساكره في موضع تحقق له إن أبو نقطة يمر معه وهو قد تأهب وأعد قوته، وكشف عن عساكره فإذا أبو نقطة قد قرب منه وعسكره يسير، نهض أبو مسمار نهضة الأسد بغرة من أبي نقطة، مما أمكن أبو نقطة النزول فلم ير إلا وخيول أبو مسمار أقرب له من حبل الوريد، فتبادر أبو مسمار إلى جمع أبي نقطة ففرقهم وضربه سيفًا في رأسه من خلف طاشة فخر صريعًا، فنزل عليه وحز رأسه وأخذه بعالية رمحه، فتفرقت عساكر أبو نقطة وهم عددهم خمسة وثلاثون ألف بين خيل وسقامني، وأما عسكر الشريف أبو مسمار فعشرة آلاف. وسأبين شيئًا من أخلاق هذا الشريف الأعظم، والهمام الأقدم ولكن مناقبه الفضيلة ألا تحص والخوض من بحوره الزاخرة. وإن جد الخائض لا تستقص ملك أزمة الحرب على سائر أقرانه فصرّ منها والزم نفسه مكارم الأخلاق وكلفها شرق حيثة وغربة وأبعد من ميادين العلى، وقرب ملك القلوب بإحسانه، فأشرقت، وجبل راحته على بذل إحسانه، ففازت بما تروم من المقاصد وترقت أن جاد أخجل البحر أو نطق أزرى بغرائد الفجر، وما أقول فيمن عجزت أضداده عن عكس مراده، ومن خدمته السعود وجرت بأوامره على أحسن عادة، وأقبلت عليه الدنيا برسائلها وشرفت الدولة العثمانية برسائلها، فأوضحوا من محامد ما كان وارس وأفصحوا بأسجاعهم فيه كل جوهر لجواهر كرمه مجانس ولولا الخزر من الإطالة والترقي عن الإضجار والملالة أثبت الرسالة الغراء والفريدة الزهراء التي ما سمحت بمثلها البداية والقرائح ولا قرع الأسماع مثل خالب لفضها والهازي بهمول الروائح وكفاه فخرًا وجاهًا وإكرامًا وتعزيزًا وتوقيرًا واحترامًا.
أن رب الرسالة ومنشئها، والموشح الصدد منها وحواشيها، رئيس دار الدنيا رافع الإسلام إلى الذروة العليا سالك مسالك الأنبياء، الهازئ بقيصر فما كسرى الواقف. وتبع وبنوخذ نصر لغاياتهم دون غايته، حسرى من شخصت أعيان المشارق والمغارب لأوامره، ورمشنت الأفلاك الدوائر بحركاتها، أن مقاليدها إليه صائرة العادل فما سواه والخاذل لمن ناواه من الواصفين حلمه، ولا يقوم علماء أهل زمانه بعلمهم مقام علمه، إلا وهو السلطان الأعظم والخاقان الأفخم السلطان " محمد خان أبن السلطان عبد الحميد خان " دامت مراقي علاه تزاحم العيون.
ولا زالت الأقدار موافقة لنوافذ حكمه ما طلب عاشقًا معتوقًا فبعثها إليه شريفًا وإجلالًا للسيادة، وأجزل له مواهب كفه التي أناملها الحائرة أصل السعادة، وكفاه فخرًا بهذه الفضائل التي لم يدرك أهل وقته منها مضيرًا ولا طائلًا.
ومن القبائل المذكورة السامية المشهورة الذي أتفق أسمهم من أصلهم وقام الدهر مؤرخًا ديباجة غرقه بفضلهم وهم المسمون " بالعجمان " أخبارهم معقولة وفي القراطيس منقولة، وذلك إن الملك الأعظم سيف بن يذ يزن مالكًا مقاليد أزمة اليمن.
ومنهم " بنو مرواع " ذو الكفاح والقراع والمجبولون على كرم الطباع السالكين مسالك الاماجد والتاركين ضدهم نحو أقمارهم فراقد سادوا اليمانيات حتى أدركوا الأمينات وعددهم مع ذلك قليل إلا أن نزالهم ثقيل، خيلهم مائتان وسقمانهم ألفان.
1 / 6