بِـ (الْقَسَمِ (١)، وَإِنَّ، وَاللَّامِ، وَاسْمِيَّةِ الْجُمْلَةِ)؛ لِمُبَالَغَةِ الْمُخَاطَبِيْنَ فِي الْإِنْكَارِ؛ حَيْثُ قَالُوا: ﴿مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ﴾ [يس: ١٥].
قَالَ الْقَزْوِيْنِيُّ (٢): «وَيُسَمَّى الضَّرْبُ الْأَوَّلُ ابْتِدَائِيًّا، وَالثَّانِي طَلَبِيًّا، وَالثَّالِثُ إِنْكَارِيًّا، وَيُسَمَّى إِخْرَاجُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا - أَيْ عَلَى الْوُجُوْهِ الْمَذْكُوْرَةِ؛ وَهِيَ الْخُلُوُّ مِنَ التَّأْكِيْدِ فِي الْأَوَّلِ، وَالتَّقْوِيَةُ بِمُؤَكِّدٍ اسْتِحْسَانًا فِي الثَّانِي، وَوُجُوْبُ التَّأْكِيْدِ بِحَسَبِ الْإِنْكَارِ فِي الثَّالِثِ - إِخْرَاجًا عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ».
قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ (٣): «وَهُوَ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ مُقْتَضَى الْحَالِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْحَالِ، فَكُلُّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ مُقْتَضَى الْحَالِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، كَمَا فِيْ صُوْرَةِ الْإِخْرَاجِ لَا عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ» اِنْتَهَى.
وَكَثِيْرًا مَّا يُخْرَجُ الْكَلَامُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ؛ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:
وَيَحْسُنُ التَّبْدِيْلُ: أَيْ تَبْدِيْلُ مَا يَقْتَضِيْهِ الظَّاهِرُ.
بِالْأَغْيَارِ: أَيْ بِغَيْرِ مَا يَقْتَضِيْهِ الظَّاهِرُ:
١ - فَيُجْعَلُ غَيْرُ السَّائِلِ كَالسَّائِلِ: إِذَا قُدِّمَ إِلَيْهِ مَا يُلَوِّحُ لَهُ بِالْخَبَرِ، فَيَسْتَشْرِفُ لَهُ اسْتِشْرَافَ الْمُتَرَدِّدِ الطَّالِبِ، نَحْوُ: ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [هود: ٣٧]، أَيْ: لَا تَدْعُنِيْ يَا نُوْحُ فِيْ شَأْنِ قَوْمِكَ، وَاسْتِدْفَاعِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ بِشَفَاعَتِكَ.