97

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

اصناف

============================================================

غراب بأعباء دؤلته، إذ هو جذيلها المحكك وغذيقها المرجب، واطلع يشبك على أمر الناصر فسر بذلك، ورأوا من الرأي إبقاء الناصر ليتم لهم الغرض من الأمراء، ويخرجوه لهم. فلما قوي شآن أمراء المنصور عبدالعزيز خاف ابن غراب، فجعل يرفو ما خرق ويبني ما هدم بعدما استدعى يوما إينال باي وهو عظيم الدولة إلى منزله وهم بالقبض عليه، ثم تلكأ فأشرع إينال باي القيام، فعند ذلك أظهر الناصر فرج في ليلة دبر له فيها أمره وجمع عليه الأمراء في بيت الأمير سودون الحمزاوي، فلم يشعر الناس سحرا إلا والصارخ بأن الملك الناصر قد ظهر بعد آن كان الكثير من الأمراء وغيرهم لا يشكون في أن سودون تلي المحمدي أمير آخور قتل الناصر وأخذ ما كان معه من الجواهر. وزحف بمن معه من الأمراء والمماليك وقد تلاحقوا به من كل مكان إلى القلعة ومعه ابن غراب إلى جانبه وهو لابس السلاح. فما ارتفعت الشمس حتى انهزم بيبرس وإينال باي، واستولى الناصر على القلعة وجلس على تخت ملكه، فآلقى مقاليد ملكه إلى ابن غراب، وفوض إليه ما وراء سريره، ونظمه في خاصة أكابر الأمراء، وأناط به جميع أمور المملكة، فغدا مؤلى نعمة كل من السلطان والأمراء يمن عليهم بأنه أنقى لهم مهجهم وأعاد اليهم ما سلبوه من ملكهم، وأمدهم بماله عند احتياجهم وفاقتهم، ويتكثر بأنه أزال دولة وأقام أخرى، ثم أعاد ما أزاله من غير حاجة إليه، ويصر بأن أخذه الملك لنفسه لو شاءه أسهل عليه من دخول الخلاء. ثم ترفع عن وظيفة كتابة السر وولاها كاتبه فخر الدين ابن المزوق، وانخلع من زي الكتاب، ولبس القباء والكلفتة(1)، وتقلد بالسيف كهيثة الأمراء، وتحول من داره إلى دار بعض الأمراء.

فعندما تم أمره بدا النقص ونزل به المرض الذي ما زال عنه حتى أزاله، وشاهد الناس من تعظيم الأمراء له في مدة مرضه وترددهم إليه كل يوم، وقيامهم على آرجلهم بين يديه، وتصوفهم فيما يآمر به وينهى عنه (1) وهي الكليتة، وهي غطاء للرأس معروف عند المماليك: درر اتعقوه الغريدة

صفحہ 97