دموع البلياتشو
دموع البلياتشو: مجموعة قصصية تنشر لأول مرة
اصناف
عاد الحارس يهمس في أذنه: قم يا رجل قم، خل الليلة تفوت على خير، العمدة هنا وحضرة المأمور، ومشايخ البلد والأعيان، يرضيك الناس تشمت فينا؟
تأوه الأسد آهة طويلة، زفر زفرة تقطع القلب، تحامل على نفسه ونهض بصعوبة، فرح الحارس وعاد يقدم إليه الطوق الملتهب بكلتا يديه، لكنه بدلا من أن يقفز منه زأر زأرة مخيفة جعلت الحارس يبتعد عنه، ولما تقدم منه من جديد هبشه بمخلبه في صدره، فوقع على الأرض وكادت النار تحرق صدره وتمتد إلى ملابسه.
صاح المأمور من بعيد: اضربوه بالنار يا عساكر، صرخ الناس وقاموا يريدون الهرب، رفع الحارس ذراعه وصاح: لا، لا، حاسبوا عليه، ابني وأنا أعرفه. عاد المأمور يهتف: اضربوه بالنار قبل ما يأكله. تقدم الأسد في خطوات بطيئة من سور الحلبة، اقترب من الموضع الذي يجلس فيه العمدة والأعيان وحضرة المأمور، وقف أمامهم قليلا ثم برك على الأرض وتأوه، صاح صوت: الأسد تعبان، مريض وظاهر عليه الموت، فتح الأسد فمه مرتين وأغلقه قبل أن يزفر ويخرج صوتا يشبه الكلام: نعم يا ولدي، تعبت وظهر علي الموت.
التفت الناس لبعضهم، خيل إليهم أنهم يسمعون كلاما كالذي ألفوه، تشجع العمدة وسأل: قل يا أسد، تكلم بحريتك.
قال الأسد: الله يحفظك يا سيدي العمدة، تعبت، تعبت، تعبت.
نهض العمدة من على مقعده وأشار للناس بالسكوت، طلب من العساكر أن تبتعد ببنادقها عن القضبان، تأكد له أن الأسد يسمعه ويرد عليه، فسأل: اطلب ما تشاء يا أسد، هل تأخذ إجازة؟
قال الأسد: إجازة؟ الله يحفظك يا عمدة.
بدا للعمدة أن الأسد يتهكم عليه، أعاد سؤاله مرة أخرى: هل تحب أن نلغي اللعبة؟ هل تعود للقفص؟
قال الأسد: تعبت يا عمدة من الأقفاص.
قال العمدة: ولكن القفص ضروري يا أسد، ضروري للمحافظة على الأمن، للمحافظة على أرواح الناس.
نامعلوم صفحہ