80

ضحیٰ اسلام

ضحى الإسلام

اصناف

32

وقال فيه ابن خلكان: «وكان يكره العرب، وألف في مثالبها كتبا.»

33

وقد صور لنا ابن قتيبة نوعا من الطعن الذي كان يستعمله أبو عبيدة؛ فقد عمد إلى مفاخر العرب فتهكم بها، كانوا يفخرون بقوس حاجب، ويعتزون بوفائه، فتضاحك عليه واستضحك الناس منه، واستسخف فعل حاجب، وخساسة عوده، وقلة ثمنه، ويذكره قول الشاعر:

أيا ابنة عبد الله، وابنة مالك،

ويا ابنة ذي البردين، والفرس الورد!

فيهزأ بالشعر، ويعجب في سخرية من التمدح بأن أباها ذو بردين وفرس ورد، ويقارن ذلك بملوك فارس وتيجانها، وأن أبرويز كان يرتبط تسعمائة وخمسين فيلا على مرابطه، وتخدمه ألف جارية، وفي حجرته التي يشرف منها على الداخل عليه ألف إناء من ذهب.

34

وكتب المثالب هذه - على ما يظهر - عمدت إلى ما صدر عن كل قبيلة من بيت تعير به، أو عمل تؤاخذ عليه، أو جريمة ارتكبها أحد أفرادها فقيدتها وأذاعتها؛ للتشهير بالعرب جميعا. كما أن كتب مناقب العجم ومفاخرها عمدت إلى ما استحسن من عادات الفرس، وعظمة ملوكها، ونظام جيوشها، وسياسة ملكها فشادت به. ولم يصلنا شيء من هذه الكتب - على ما أعلم - كما لم يصلنا أي كتاب ألف في بيان دعوى الشعوبية، وإنما وصل إلينا نتف من أقوالهم وآرائهم، أهمها ما ورد في كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وما ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه، وما نقله ابن قتيبة في كتابه «العرب».

والظاهر أن أكبر سبب في ضياع هذه الكتب أن المسلمين عدوا هذه النزعة الشعوبية نزعة ضد الإسلام، فتحرجوا من نقل الكتب المؤلفة فيها، وتقربوا إلى الله بإعدامها، وبرئ المخلصون من الميل إليها، كما فعل الزمخشري في أول كتابه المفصل؛ فقد حمد الله «إذ جبله على الغضب للعرب، والعصبية لهم، وبرأه من الانضواء إلى لفيف الشعوبية».

نامعلوم صفحہ