كانت كثرة الأموال بالعراق ووفرة ما يحمل إليها من خراج الأقطار سببا في ارتفاع الأسعار، وذلك إن احتمله الأغنياء فإنه يبئس الفقراء، وقد شكا أبو العتاهية ذلك، وصوره تصويرا دقيقا فقال:
من مبلغ عني الإما
م نصائحا متواليه
إني أرى الأسع
ار أسعار الرعية عالية
لم تكن أموال الدولة موزعة توزيعا متفاوتا ، ولا كانت الفروق بين الطبقات فروقا طفيفة، إنما كانت هناك هوات سحيقة بين الطبقات، فكثير من مال الدولة ينفق على قصور الخلافة والأمراء ورؤساء الأجناد وعمال الدولة، وهم ينفقون جزافا على المقربين من أدباء وعلماء ومغنيين وجوار، وأتباع وطبقة تجار ومن إليهم، وهؤلاء في درجة من الثروة دون الأولى، وعامة الشعب يفشو فيهم الفقر والبؤس. كانت بغداد تعجب أرباب الأموال لما يجدون فيها من عيش رغد وهناءة ونعيم:
كانت بغداد تعج بأرباب الأموال لما يجدون فيها من عيش رغد وهناءة ونعيم.
أعاينت في طول من الأرض والعرض
كبغداد دارا أنها جنة الأرض؟
صفا العيش في بغداد واخضر عوده
نامعلوم صفحہ