وثانيًا: أنه لو صح هذا الحديث لكان العمل به دواء لكل أعمى من المسلمين؛ إذ ليس فيه ما يدل على أنه خاص بهذا الأعمى، وهذا غير مقبول شرعًا، وعقلًا، وواقعًا. وثالثًا: الشفاعة التي ثبتت للنبي ﷺ هي شفاعة في الآخرة لعصاة المؤمنين بإذن من ربه ﷾، والله تعالى يقول: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ ١ ويقول سبحانه ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ ٢.وأما حديث بلال بن الحارث الذي أشار إليه ابن دحلان، فهو قوله: " كان رسول الله ﷺ إذا خرج إلى الصلاة قال: بسم الله، آمنت بالله، وتوكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ".. وقد بينا من قبل أن هذا -إن صح- فهو دعاء خالص لله تعالى، وليس توسلا بالسائلين، وإنما بحق السائلين الذي هو لله تعالى وحده، بما أوجب على ذاته الكريمة من إجابة دعوة الداعين المتوجهين إليه سبحانه بالدعاء، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ٣.وأما توسل آدم بالنبي ﷺ بأن يقبل الله توبته، ويغسل خطيئته، فقد كشفنا عن بطلانه، وأنه من تخريفات المتصوفة، ومفتريات الباطنية.