ويقال: إن الله نور على ما قال الله تعالى (¬1) واستعمله المسلمون، وإنما قال ذلك توسعا ومجازا، وإرادته هادي أهل السماوات والأرض، ومبين لهم، فقال تعالى: إنه نور السماوات والأرض مجازا، إذ كان به يهتدي أهل السماوات والأرض في دينهم ومصالحهم كما يهتدون بالنور والضياء؛ لأن النور المعقول المستحق لهذا الاسم حقيقة إنما هو الضياء المشاهد من نحو ضوء الشمس والقمر وما أشبه ذلك. فلما لم يجز أن يكون الله تعالى ضوءا ولا من جنس الضوء والأنوار، إذ كان الضوء والأنوار محدثة، والله تعالى لا يشبهه شيء من أجناس المخلوقات صح أنه إنما قال: إنه نور السماوات والأرض مجازا لا حقيقة.
وعلى هذا السبيل قال: إن القرآن نور (¬2) ، وإن الإيمان نور (¬3) ، وأراد بذلك أن القرآن يهتدي به الناس في دينهم كما يهتدون بالنور الذي هو ضياء لمصالحهم، وكذلك الإيمان، فقال تعالى: إنهما نور على التوسع دون الحقيقة؛ لأن القرآن الإيمان هما مخالفان للأنوار والضياء في الجنس، فإنما أجرى عليهما اسم الأنوار والضياء توسعا ومجازا على ما بيناه.
صفحہ 12