في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة والأنبياء والأولياء يريدون شفاعتهم، والتقرب إلى الله بهم، ويتبركون بهم، لكونهم أحباء الله المقربين الذين اصطفاهم١ واجتباهم: هو الذي أحل دماءهم وأموالهم. عرفت حينئذ التوحيد التي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون، وهذا التوحيد هو معنى قولك: لا إله إلا الله، فإن الإله هو الذي تألهه القلوب، ويقصد لأجل هذه الأمور، سواء كان ملكًا أو نبيًا أو وليًا، أو شجرة أو قبرًا أو جنيًا. لم يريدوا أن الإله هو الخالق الرازق المدبر.
فمن صرف من هذه العبادة -المتقدم ذكرها- شيئًا لغير الله فقد اتخذه إلهًا، لأنه صرف خالص حق الله لغيره، وأشركه معه في عبادته، ومن أشرك بالله أحدًا في عبادته كان مشركًا، سواء كان المدعو المستغاث به ملكًا أو نبيًا أو وليًا أو صنمًا.
فقول هذا العراقي: (إن المشركين جعلوا الأصنام آلهة، والمسلمون ما اعتقدوا إلا إلهًا واحدًا) . جهل عظيم، وغباوة مفرطة، فإن المشركين عبدوا الملائكة، وعيسى واللات -وهو قبر رجل صالح- مع الأصنام المصورة، وصرفوا لهم خالص حق الله، كما تقدم ذكره.
١ في ط الرياض: "اصطفاهم الله واجتباهم".