332
وإن كانا جميعًا قطعيين فيمتنع التعارض، وإن كانا ظنيين فالراجح هو المقدم. فدعوى المدعي أنه لا بد من تقديم العقلي مطلقًا، أو السمعي١ مطلقًا، أو الجمع بين النقيضين، أو رفع النقيضين: دعوى باطلة، بل هنا قسم ليس من هذه الأقسام، كما ذكرناه، بل هو الحق الذي لا ريب فيه. الوجه الثالث: قوله: (إن قدمنا النقل كان ذلك طعنًا في أصله الذي هو العقل، فيكون طعنًا٢ فيه) غير مسلم. وذلك لأن قوله: (إن العقل أصل للنقل) إما أن يريد٣ به أنه أصل في ثبوته في نفس الأمر. أو أصل في علمنا بصحته. والأول لا يقوله عاقل، فإن ما هو ثابت في نفس الأمر بالسمع أو بغيره هو ثابت، سواء علمنا بالعقل أو بغير العقل ثبوته، أو لم نعلم ثبوته لا بعقل ولا بغيره، إذ عدم العلم ليس علمًا بالعدم، وعدم علمنا بالحقائق لا ينفي ثبوتها في أنفسها، فما أخبر به الصادق المصدوق ﷺ هو ثابت في نفس الأمر، سواء علمنا صدقه أو لم نعلم. ومن أرسله الله تعالى إلى الناس فهو رسوله، سواء علم الناس

١ في في ط الرياض "والسمعي". ٢ في النسخ "طعنه فيه" والمثبت من: درء تعارض العقل والنقل ١/٨٧ محمد رشاد سالم و١/٨٢ ط الباز. ٣ في النسخ: "يراد" والمثبت من "الدرء".

1 / 331