القسم الأول
«شعر أبي ذؤيب وساعدة بن جؤية»
----NO PAGE NO------
صفحہ 9
ديوان الهذليين
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
شعر أبي ذؤيب
قال أبو ذؤيب (¬1) -وقد هلك له خمسة بنين في عام واحد، أصابهم الطاعون. وفي رواية: وكان له سبعة بنين شربوا من لبن شربت منه حية ثم ماتت فيه، فهلكوا في يوم واحد-:
أمن المنون وريبها تتوجع؟ ... والدهر ليس بمعتب من يجزع (¬2)
صفحہ 1
قالت أميمة: ما لجسمك شاحبا ... منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع (¬1)؟
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا ... إلا أقض عليك ذاك المضجع (¬2)
فأجبتها أن ما لجسمى أنه ... أودى بني من البلاد فودعوا (¬3)
أودى بني وأعقبوني غصة ... بعد الرقاد وعبرة لا تقلع (¬4)
سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم ... فتخرموا ولكل جنب مصرع (¬5)
فعبرت بعدهم بعيش ناصب ... وإخال أني لاحق مستتبع (¬6)
ولقد حرصت بأن أدافع عنهم ... فإذا المنية أقبلت لا تدفع
صفحہ 2
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع
فالعين بعدهم كأن حداقها ... سملت بشوك فهي عور تدمع (¬1)
حتى كأني للحوادث مروة ... بصفا المشرق كل يوم تقرع (¬2)
لا بد من تلف مقيم فانتظر ... أبأرض قومك أم بأخرى المصرع (¬3)
ولقد أرى أن البكاء سفاهة ... ولسوف يولع بالبكا من يفجع
وليأتين عيك يوم مرة ... يبكى عليك مقنعا لا تسمع (¬4)
وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع
والنفس راغبة إذا رغبتها ... فإذا ترد إلى قليل تقنع
كم من جميع الشمل ملتئم الهوى ... باتوا بعيش ناعم فتصدعوا (¬5)
صفحہ 3
فلئن بهم فجع الزمان وريبه ... إني بأهل مودتي لمفجع
والدهر لا يبقى على حدثانه ... في رأس شاهقة أعز ممنع
والدهر لا يبقى على حدثانه ... جون السراة له جدائد أربع
يريد حمار الوحش. والجون: الأسود. والسراة: أعلى الظهر. والجدائد: أتنه. والجداء (¬1): لا أذن لها.
صخب الشوارب لا يزال كأنه ... عبد لآل "أبي ربيعة" مسبع (¬2)
الصخب: الصباح. يريد تحريك شواربه بالنهيق.
أكل الجميم وطاوعته سمحج ... مثل القناة وأزعلته (¬3) الأمرع
الجميم: حشيش يكون أوله (¬4) بارضا ثم يصير جميما. والسمحج: الأتان الطويلة الظهر. وأزعلته: أنشطته. وعن أبي عبيدة قال: الأمرع: الخصب، يقال: مكان مريع، أي مخصب، وكأن واحد الأمرع مرع أو مرع. وقال الجوهري
صفحہ 4
في صحاحه: "المريع: الخصيب، والجمع أمرع (¬1) وأمراع، مثل يمين وأيمن وأيمان قال أبو ذؤيب: أكل الجميم" الخ.
بقرار قيعان (¬2) سقاها وابل ... واه فأثجم برهة يقلع
فلبثن (¬3) حينا يعتلجن بروضة ... فيجد حينا في العلاج ويشمع
يشمع. يلعب. وامرأة شموع: لعوب ضحوك مزاحة.
حتى إذا جزرت مياه رزونه ... وبأي حين ملاوة تتقطع
جزرت. نقصت. ورزونه: أماكن مرتفعة. وحز (¬4) ملاوة، أي حين دهر.
ذكر الورود بها وشاقى (¬5) أمره ... شؤم وأقبل حينه يتتبع
فافتنهن (¬6) من السواء، وماؤه ... بثر وعانده طريق مهيع
صفحہ 5
افتنهن: طردهن فنونا من الطرد. السواء: المرتفع. بثر: كثير. وعانده: عارضه. والمهيع: الواسع.
فكأنها "بالجزع" (¬1) بين "ينابع" ... "وأولات ذي العرجاء" نهب مجمع
وكأنهن ربابة وكأنه ... يسر يفيض (¬2) على القداح ويصدع
الربابة: خرقة (¬3) تغطى بها القداح. ويقال: الربابة هنا هي القداح (¬4). واليسر: الذى يضرب بها، وهو المفيض. ويصدع: يفرق ويصيح.
وكأنما هو مدوس متقلب ... في الكف إلا أنه هو أضلع (¬5)
المدوس: مسن الصيقل. وأضلع: أغلظ.
فوردن والعيوق مقعد رابي ... الضرباء فوق النظم (¬6) لا يتتلع
صفحہ 6
وردن: يعني الحمر. والعيوق: نجم يطلع بحيال الثريا، وهي (¬1) تطلع قبل الجوزاء. فشبه مكان هذا العيوق من الجوزاء بمقعد رابئ الضرباء. والضرباء: الذين يضربون القداح. والرابئ: الرجل الذي يربأ، أي ينظر إلى ضاربي القداح. ويتتلع: يتقدم.
فشرعن في حجرات عذب بارد ... حصب البطاح تغيب فيه الأكرع (¬2)
يعني الحمر، أي وردن ماء. و"حصب البطاح"، أي ذات حصباء.
والبطاح: بطون الأودية. والحجرات: النواحي. والأ كرع: الأوظفة (¬3).
فشربن ثم سمعن حسا دونه ... شرف الحجاب، وريب قرع يقرع (¬4)
"فشربن"، يعني الحمر. ثم سمعن حسا دون ذلك الحس شرف الحجاب، يريد حجاب الصائد؛ لأنه يستتر بشيء. و "ريب قرع"؛ أي سمعن ريب قرع الوتر.
ونميمة (¬5) من قانص متلبب ... في كفه جشء أجش وأقطع
صفحہ 7
النميمة: صوت الوتر لأنه نم عليه. ملبب: متحزم. والجشء: قضيب خفيف. أجش: غليظ الصوت، يعني القوس. وأقطع: جمع قطع، وهو نصل عريض قصير.
فنكرنه فنفرن وامترست به ... سطعاء (¬1) هادية وهاد جرشع
يعني الحمير نكرن الصائد. فامترست هوجاء (¬2)، يعني الأتان امترست بالفحل: جعلت تكاده وتسير معه. والهوجاء (2): التي ترفع رأسها لتتقدمه. وهاد، يعني الفحل.
وجرشع: منتفخ الجنين؛ وأراد أنه امترس هو بها أيضا.
فرى فأنفذ من نجود (¬3) عائط ... سهما فخر وريشه متصمع
يعني رمي الصائد. والنجود: الأتان الطويلة؛ وقال غيره (¬4): المتقدمة الجريئة.
والعائط: التي اعتاطت (¬5) رحمها فلم تحمل "فخر": يعني السهم. "وريشه متصمع" يعني منضم كالأذن الصمعاء، وهي اللطيفة الصغيرة. وبقرات متصمعات: منضمات من العطش.
صفحہ 8
فبدا له أقراب هذا رائغا ... عجلا فعيث في الكنانة يرجع (¬1)
فبدا للصائد. أقراب هذا، أي خواصر هذا الحمار وهو رائغ. فعيث،
أي أمال يده إلى كنانته ليأخذ سهما، ومنه: عاث الذئب في [الغنم] (¬2): إذا مد يده وأهوى إليها؛ وهذا أصله "عاث في الأرض"، أي أفسد.
فرمى فألحق صاعديا مطحرا ... بالكشح فاشتملت عليه الأضلع
صاعديا: يعني سهما منسوبا (¬3). والمطحر: السهم البعيد الذهاب، ويروى:
"مطحرا"؛ وهو الذي ألزقت قدذه. والقذة: الريش. أطحرت ختانته أي أخذت جدا. فاشتملت الأضلع على السهم، أي لبسته.
فأبدهن حتوفهن فهارب ... بذمائه أو بارك متجعجع (¬4)
صفحہ 9
فأبدهن (¬1)، أي الصائد أعطى كل واحدة منهن حتفها، أي رمى كل واحدة بسهم.
وقوله: "بذمائه"، ببقية من نفسه. "متجعجع": لاصق بالأرض قد صرع.
يعثرن في حد الظبات كأنما ... كسيت برود "بني يزيد" الأذرع (¬2)
شبه طرائق الدم في أذرعهن بطرائق تلك البرود؛ لأن تلك البرود تضرب إلى الحمرة. والظبة: طرف النصل. يقول: "يعثرن في حد الظبات (¬3) " والظبات: جمع ظبة.
والدهر لا يبقى على حدثانه ... شبب أفزته الكلاب مروع (¬4)
الشبب: الثور المسن (¬5). أفزته: استخفته (¬6) وطردته.
شعف الكلاب الضاريات فؤاده ... فإذا يرى الصبح المصدق يفزع (¬7)
صفحہ 10
يقول: الكلاب أذهبن فؤاد الثور. والضاريات: المتعودات. والصبح المصدق: المضيء، يقال: صبح صادق وصبح كاذب. وإنما يفزع عند الصبح لأن الصائد يباكره.
ويعوذ بالأرطى (¬1) إذا ما شفه ... قطر وراحته بليل زعزع
يقول: يعوذ بالأرطى ليمتنع. شفه: جهده. وراحته: أصابته ريح. بليل: شمال باردة تنضح الماء. وزعزع: ريح شديدة تحرك كل شيء .
يرمي بعينيه الغيوب وطرفه ... مغض، يصدق طرفه (¬2) ما يسمع
الغيوب: الواحد غيب، وهو الموضع الذي لا يرى ما وراءه. فالثور يرمي بطرقه المواضع التي لا يرى ما وراءها يخاف أن يأتيه منها ما يكره. يقول: هو ينظر ثم يطرق وله بين ظهري (¬3) ذلك النظر إغضاء. "يصدق طرفه": يقول: إذا سمع شيئا رمى ببصره فكان ذلك تصديقا لما سمع؛ لأنه لا يغفل عن النظر حين يتسمع.
فغدا يشرق متنه فبدا له ... أولى سوابقها قريبا توزع
صفحہ 11
فغدا الثور يشرق متنه للشمس ليجف ما عليه من الندى، فظهر له أولى سوابق الكلاب قريبا توزع. قال الأصمعي: "توزع": تكف (¬1) ليجتمع بعضها إلى بعض. وقال غيره: تغرى.
فاهتاج من فزع وسد فروجه ... غبر ضوار: وافيان وأجدع (¬2)
ويروى: "فانصاع (¬3) من فزع". "وسد فروجه"، بالعدو.
والفروج: ما بين القوائم. والغبر: الكلاب تضرب إلى الغبرة. ضوار: قد ضريت وتعودت. وافيان: لم تقطع آذانهما. وأجدع: قد قطعت أذنه، وهي علامة تعلم بها الكلاب.
ينهشنه ويذبهن ويحتمي ... عبل الشوى بالطرتين مولع (¬4)
صفحہ 12
يعنى الكلاب ينهشن الثور. ويذودهن: يردهن. ويحتمى: يمتنع. عبل الشوي (¬1)، أي غليظ القوائم. والطرتان: خطان يفصلان (¬2) بين الجنب والبطن. مولع: فيه ألوان مختلفة.
فنحا لها بمذلقين كأنما ... بهما من النضح المجدح أيدع (¬3)
فنحا الثور للكلاب ليطعنها. نحا: تحرف, والتحرف في الرمي والطعن أشد من غيرة. "بمذلقين": بقرنين محددين أملسين (¬4). يقول: كأنما القرنان (¬5) من لطخ الدم أيدع. والأيدع: دم الأخوين (¬6)، ويقال: الأيدع: الزعفران. أى (¬7) يحرك قرنه في أجوافها فكأنه يجدح (¬8) كما يجدح السويق.
صفحہ 13
فكأن سفودين لما يقترا ... عجلا له بشواء شرب ينزع (¬1)
سفودين: شبه القرنين وقد نفذا من جنب الكلب بسفودين. أراد: فكأن سفودين عجلا للكلب. "لما يقترا بشواء شرب"، أي لم يشو بهما ولم يكن لهما قتار (¬2) بل جديدان (¬3).
فصرعنه تحت الغبار وجنبه ... متترب، ولكل جنب مصرع
حتى إذا ارتدت وأقصد عصبة ... منها وقام شريدها يتضرع (¬4)
ارتدت الكلاب: رجعت. وأقصد الثور عصبة من الكلاب، أي قتلها.
وقام شريدها يتضرع: يتصاغر ويتضاعف. شريدها: ما بقى منها.
فبدا له رب الكلاب بكفه ... بيض رهاف ريشهن مقزع (¬5)
صفحہ 14
أي وظهر (¬1) للثور رب الكلاب. رهاف: رقاق الشفرات، يعني نصالا رقاقا.
ومقزع: محذف (¬2) مقدر.
فرمى لينقذ فرها فهوى له ... سهم فأنفذ طرتيه المنزع (¬3)
فرمى الصائد الثور ليشغله عن الكلاب. وفرها: ما فر منها؛ يقال: فار وفر مثل صاحب وصحب وراكب وركب. وقال بعضهم: فرها: بقيتها.
فكبا كما يكبو فنيق تارز ... بالخبت إلا أنه هو أبرع (¬4)
فكبا الثور كما يكبو فنيق: فخل من الإبل. تارز: يابس، أي ميت. أبرع يريد أن الفنيق أعظم من الثور.
والدهر لا يبقى على حدثانه ... مستشعر حلق الحديد مقنع (¬5)
مستشعر، أي اتخذه شعارا (¬6). ومقنع: عليه مغفر (¬7).
صفحہ 15
حميت عليه الدرع حتى وجهه ... من حرها يوم الكريهة أسفع (¬1)
تعدو به خوصاء يفصم جريها ... حلق الرحالة فهي رخو تمزع (¬2)
تعدو به: بالمستشعر. خوصاء: فرس غائرة العينين. وحلق الرحالة، يعني الإبزيم. والرحالة: سرج (¬3) من جلود. فهي رخو تمزع: تسرع في عدوها، ويروى: "فهي رهو (¬4) تمزع".
قصر الصبوح لها فشرج لحمها ... بالني فهي تثوخ فيهما الإصبع (¬5)
قصر: حبس اللبن للفرس. فشرج لحمها، أي جعل فيه لونين من اللحم والشحم.
تثوخ: تدخل. والمعنى: لو أدخلت فيه إصبع من كثرة لدخلت.
متفلق أنساؤها عن قانيء ... كالقرط صاو غبره لا يرضع
صفحہ 16
"متفلق أنساؤها"، والأنساء لا تتفلق، ولكن لما سمنت انفرجت اللحمة فظهر النسا (¬1) فصار كأنه في جدول. "عن قانيء" أي ضرع أحمر. كالقرط في صغره. "غبره لا يرضع": والغبر: بقية اللبن، ولم يرد أن ثم بقية، وذلك أنها لم تحمل، فهو أصلب لها. "وصاو": يابس، ومثله: "فلان لا يرجى خيره"، أي ليس عنده خير فيرجى.
تأبى بدرتها إذا ما استكرهت (¬2) ... إلا الحميم فإنه يتبضع
يقول: الفرس تأبى بدرة العدو، يقال للفرس الجواد إذا حركته للعدو: "أعطاك ما عنده"؛ فإذا حملته على أكثر من ذلك فحركته بساق أو سوط حملته عزة نفسه علي ترك العدو وأخذ في المرح. قال (¬3): وهذا مما لا توصف به الخيل وقد (¬4) أساء. وقوله: "استغضبت": طلب ما عندها كرها. "ويتبضع":
صفحہ 17
يتفتح بالعرق ويتفجر، فيقول: هي تأبى بدرتها إذا ما استغضبت لا تأبى العرق.
بينا تعنقه الكماة وروغه ... يوما أتيح له جرئ سلفع (¬1)
يقول: هذا المستشعر بين تعنقه الكماة وبين روغانه، أي بين أن يقبل ويراوغ إذ قتل. أتيح له، أي قدر له رجل جرئ. سلفع (¬2): جرئ الصدر. تعنق يتعنق تعنقا.
يعدو به نهش المشاش كأنه ... صدع سليم رجعه، لا يظلع (¬3)
يقول: يعدو بهذا الجرئ فرس نهش المشاش: خفيف (¬4) القوائم في العدو.
"كأنه صدع" يعني الفرس كأنه ظبي (¬5) لا صغير ولا كبير. "سليم رجعه" يريد عطف يديه سليم.
فتناديا (¬6) وتوافقت خيلاهما ... وكلاهما بطل اللقاء مخدع
صفحہ 18
ويروى: "مجدع" (¬1)، أي مجرح (¬2)، يقال: "جدعه بالسيف وجدعه": إذا قطعه بالسيف. يقول: هذان الرجلان يتناديان بالبراز. و"ومخدع" (¬3): مجرب.
متحاميين المجد كل واثق ... ببلائه واليوم يوم أشنع
ويروى: "يتناهبان المجد" وهو أجود، أي كل واحد منهما يحمى المجد يطلب أن يغلب فيذكر. ثم ابتدأ فقال: "كل واثق ببلائه"، يريد، كل واحد منهما قد علم من نفسه بلاء للناس حسنا. وأشنع: كريه.
وعليهما مسرودتان قضاهما ... "داود" أو صنع السوابغ "تبع" (¬4)
ويروى "وتعاورا (¬5) مسرودتين". يقول: تعاورا بالطعن مسرودتين: درعين.
"قضاهما": فرغ منهما داود النبي عليه السلام؛ "أو صنع السوابغ"، والصنع: الحاذق بالعمل. ثم رد تبعا على صنع.
صفحہ 19