وَقُولي: ألا لا يُبْعِدِ اللّهُ أرْبَدَا ... وهَدّي بهِ صَدْعَ الفُؤادِ المُفَجَّعَا (١)
عَمِيدُ أُنَاسٍ قَدْ أتَى الدَّهْرُ دونَهُ ... وَخَطُّوا لهُ يوْمًا منَ الأرْضِ مضْجَعَا (٢)
دَعا أرْبَدًا داعٍ مُجيبًا فَأسْمَعَا ... وَلمْ يَستَطعْ أنْ يَستَمِرَّ فيَمْنَعَا
وكانَ سَبيلَ النّاسِ، مَن كانَ قَبلَهُ ... وذاكَ الذي أفْنَى إيَادًا وتُبَّعَا
لَعَمْرُ أبيكِ الخَيرِ يا ابنَة َ أرْبَدٍ ... لقَد شفَّني حزُنٌ أصابَ فأوْجَعَا
فِراقُ أخٍ كانَ الحَبيبَ فَفَاتَني ... وَوَلَّى بهِ رَيْبُ المَنُونِ فَأسْرَعَا
فعَيْنَيَّ إذْ أوْدَى الفِراقُ بأرْبَدٍ ... فَلا تَجْمُدَا أنْ تَسْتَهِلَاّ فتَدمَعَا
فتىً ً عارِفٌ للحَقِّ لا يُنكِرُ القِرَى ... ترَى رَفْدَهُ للضَّيفِ ملآنَ مُتْرَعَا (٣)
لحَا اللّهُ هَذا الدَّهرَ إنّي رَأيْتُهُ ... بصِيرًا بما سَاءَ ابنَ آدَمَ مُولعًا
أنا لبيدٌ [الرجز]
وحين ملك النعمان بن المنذر جاءه وفد من بني عامر فيهم طفيل بن مالك وعامر بن مالك للتسليم عليه، وفداء أسرى من بني عامر كانوا لديه، وكان معهم لبيد، فخلفوه في رحالهم ودخلوا على النعمان، فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي، وكان أثيرًا قد غلب على مجلسه، فلم ينل العامريون حظوة لدى النعمان بسبب كيد ربيع لهم، فعادوا إلى رحالهم بحال سيئة، فلما استخبرهم لبيد عن ذلك قالوا له: خالك -وكانت أم لبيد عبسيّة- قد صدّه عنا ببلاغته وتأثيره؛ فاقترح عليهم لبيد أن يأخذوه معهم لدى عودتهم إلى الملك، وأنّه كفيل بمعارضة ربيع. فدخلوا على النعمان وإذا به هو وربيع يأكلان، فاستأذنه لبيد في الكلام فأذن له، فأنشده قوله:
_________
(١) الصدع: الشقّ في الشيء.
(٢) العميد: الرئيس في القوم.
(٣) الرفد: القدح العظيم.
1 / 58