متى الفتى يذوق المنايا؟ [الطويل]
وقال يرثي أربدًا أخاه:
بَلِينا ومَا تَبلَى النّجومُ الطَّوالِعُ ... وتَبْقَى الجِبالُ بَعْدَنَا والمَصانِعُ (١)
وَقَد كنتُ في أكنافِ جارِ مَضِنّةٍ ... فَفارَقَني جارٌ بأرْبَدَ نَافِعُ (٢)
فَلا جَزِعٌ إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا ... وكُلُّ فَتى ً يَوْمًَا بهِ الدَّهْرُ فاجِعُ (٣)
فَلا أنَا يأتيني طَريفٌ بِفَرْحَةٍ ... وَلا أنا مِمّا أحدَثَ الدَّهرُ جازِعُ (٤)
ومَا النّاسُ إلاّ كالدّيارِ وأهْلها ... بِها يَوْمَ حَلُّوها وغَدْوًا بَلاقِعُ (٥)
ومَا المَرْءُ إلَاّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ ... يَحُورُ رَمادًا بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ (٦)
ومَا البِرُّ إلَاّ مُضْمَراتٌ منَ التُّقَى ... وَما المَالُ إلَاّ مُعْمَراتٌ وَدائِعُ (٧)
ومَا المالُ والأهْلُونَ إلَاّ وَديعَة ٌ ... وَلابُدَّ يَوْمًا أنْ تُرَدَّ الوَدائِعُ
وَيَمْضُون أرْسَالًا ونَخْلُفُ بَعدهم ... كما ضَمَّ أُخرَى التّالياتِ المُشايِعُ
ومَا النّاسُ إلَاّ عامِلانِ: فَعامِلٌ ... يتبِّرُ ما يَبْني، وآخَرُ رافِعُ (٨)
فَمِنْهُمْ سَعيدٌ آخِذٌ لنَصِيبِهِ ... وَمِنْهُمْ شَقيٌّ بالمَعيشَة ِ قانِعُ
_________
(١) المصانع: القصور.
(٢) مضنة: أي يُضَن به.
(٣) الجزع: الخوار لدى المصيبة.
(٤) الطارف: المال المستطرف أي الجديد، والماجد أيضًا.
(٥) بلاقع: أي قفار.
(٦) يحور: أي يصير. ساطع: أي مشتعل.
(٧) المعمر: الموضوع وديعة.
(٨) يتبر: يهلك ويخسر. رافع: الذي يشيد ويبني.
1 / 56