مقدمة صاحبة الديوان
1 - قصائد وطنية
2 - قصائد قيلت في الحوادث الهامة في الحركة الوطنية
3 - في الشكوى من الزمان
4 - في المراثي
5 - في التهاني والمديح
6 - قصائد قيلت والشاعرة تلميذة بالمدرسة السنية
7 - في الألعاب
مقدمة صاحبة الديوان
1 - قصائد وطنية
2 - قصائد قيلت في الحوادث الهامة في الحركة الوطنية
3 - في الشكوى من الزمان
4 - في المراثي
5 - في التهاني والمديح
6 - قصائد قيلت والشاعرة تلميذة بالمدرسة السنية
7 - في الألعاب
ديوان السيدة نبوية موسى
ديوان السيدة نبوية موسى
تأليف
نبوية موسى
مقدمة صاحبة الديوان
إن الشعر في اللغة هو العلم، أو هو فن البلاغة والخيال، وهو لذلك يكون في النثر كما يكون في النظم، ولكنه أطلق على المنظوم؛ لأنه في الغالب أكثر بهاء، وأشد روعة على النفس، وأقوى تأثيرا في العواطف من المنثور، حتى وإن جاراه المنثور في دقة الخيال وحسن المعاني؛ لأن وزن المنظوم وقافيته يكسبانه بهاء لفظيا لا وجود له في المنثور، والنفس عادة تطربها النغمات الموسيقية، فإذا اجتمعت تلك النغمات المحبوبة مع الخيال الدقيق والمعاني الجذابة أدخلت على النفس سرورا لا يدخله نفس ذلك الخيال وتلك المعاني لو أنها في منثور لا وزن له ولا قافية.
لهذا أعتقد أن وزن المنظوم إن لم يكن من البحور المطربة في نغماتها كان المنثور أفضل منه، ولا شك أن المنثور في سهولته وطلاقته أفضل من منظوم يأتي من بحر لا تطرب النفس نغماته الموسيقية الشيقة، ولا تخف عليها قافيته التي يظهر فيها من التكلف اللفظي ما ينفر منه الذوق السليم، فإما أن يكون الكلام منثورا لا وزن له ولا قافية، وإما أن يكون منظوما بوزن وقافية يجذبان النفوس إليه لا ينفرانها منه؛ ولهذا كان أغلب أشعاري من البحور التي تخف على النفس نغماتها والقوافي التي لا تكلف فيها. هذا وللمنظوم أغراض لا يجوز أن يخرج عنها مثل الفخر والمديح والهجاء والرثاء والشكوى والغزل والوصف الخيالي الذي لا يقيد بحقائق، فإن خرج عن هذا إلى تدوين العلوم المقيدة بحقائق، كالتاريخ وغيره، فقد أصبح سخرية وسخفا كألفية ابن مالك.
ولست كغيري ممن يقولون الشعر أو النظم وهم متفرغون له، بل أنا معلمة شغلني حب التعليم عما سواه من الفنون الجميلة، وما قلت شعرا إلا لحاجة أطلبها لذلك التعليم، أو لشيء آسف على ضياعه، وكنت أروم منه الخير لتعليم البنات الذي شغفني حبه؛ فقلما تخلو قصيدة من قصائدي من الإشارة إليه، فإذا مدحت شخصا فمن أجل ذلك التعليم أمدحه، وإذا شكوت الدهر فمن أجله أشكو.
وتكاد قصائدي تكون مجمل تاريخ لأول أدوار تعليم البنات في مصر، وقد ضمنتها جزءا عظيما مما كان في الحركة الوطنية التي قد تكون الظاهرة الثانية في أشعاري إذا اعتبرنا أن الظاهرة الأولى هي تعليم البنات.
لهذا أقول: إن ديوان أشعاري - إن جاز لي أن أسميه كذلك - ليس كدواوين الشعراء كله خيال، بل هو تاريخ إجمالي للحركة الوطنية والنهضة النسائية في مصر.
الباب الأول
قصائد وطنية
أبطال مصر:
يا مصر يا فخر المدائن والقرى
كم لج دهرك في العناد وأكثرا
يا أم آمون غدوت بحاجة
لذكائه المخبوء في جوف الثرى
لو كان حيا ما تجاسر لوردهم
أن يستبد بما أبان وأظهرا
كلا ولا وطئتك يوما خيلهم
واستعذبوا من ماء نيلك كوثرا
فرعون لو نظروا سيوفك شرعا
لارتاع طاغيهم وولى مدبرا
هابوك في طي اللفائف مغمدا
ما بالهم لو أبصروك مشهرا
يا مصر هذا شأن دهرك فاصبري
لا تجزعي مما أكن وأضمرا
ما زال غدارا يجور ويعتدي
ويهد من سادوا بحذقهم الورى
سلب الزمان بنيك كيدا للعلا
لله ما أقوى الزمان وأقدرا
كم أبلت الأيام شهما ماجدا
من أهل مصر وكم أبادت قيصرا
يا دهر كم تسطو بسيفك قسوة
وتغول من أبطال مصر غضنفرا
طاحت بكاملنا لياليك التي
من شأنها أن تستبد وتقهرا
وطوت فريدا في البلى ومحمدا
وبقاسم أخفت هلالا نيرا
راحت بباحثة وكانت قدوة
في كل ما ساق الثناء وأمطرا
وهوت بسعد بعد طول جهاده
فانهد ركن النيل لما أدبرا
ومضى وقد سلب العقول بيانه
وسما بمصر وأهلها ما سطرا
فنبوغ مصر بمن تقدم ذكرهم
أعيت حقائقه المضل المنكرا
أوينكرون فخار مصر ومجدها
وكفاية المصري أوضح ما يرى
مصر وأهلها:
يا مصر ماذا جره أهلوك
حتى ركنت لإفك من غبنوك
تحلو الإقامة للغريب ويرتقي
ويظل في وادي الهموم بنوك
كم ساد في أرجاك غر خامل
وسمت بأرضك سمعة الصعلوك
يا أم فرعون وأنت حكيمة
كيف ابتسمت لمعشر ظلموك؟
يا جنة الدنيا وبهجة أهلها
لا كان من بعنادهم قصدوك
أبناؤك الغر الأفاضل كلهم
أصل العلا من سوقة وملوك
هم خير من درسوا الفنون فأدهشوا
هذا الزمان بحسنها المتروك
آثارهم لا يستطيع معاند
إتقان دقة صنعها المسبوك
حسدوا جمالك فاستبدوا عنوة
لولا محاسنك لما حسدوك
لولا نوالك ما تهافت جمعهم
يتلقطون الخير في واديك
أيقول عنا الغرب إنا أمة
لا تهتدي لطريقه المسلوك
كذب العداة فأنت أول أمة
سادت وإن هانوك أو سلبوك
وزمان إسماعيل يشهد بالذي
يخزي الذين بإفكهم شانوك
فتح المدارس واستقل كثيرها
ومحا عن الأذهان كل شكوك
فتحرك الغرب الطموح لفعله
وأبى على الأهلين أن يعلوك
أوهكذا يا مصر يحرمنا العلا
هذا الغريب بمكره المحبوك
حسد الرقي فلم يقر قراره
إلا بإبعاد الألى رفعوك
لا تيأسي إن الخطوب كثيرة
والفوز مضمون وإن خذلوك
واستقبلي غدر الزمان بحكمة
عرفت وثغر للخطوب ضحوك
ذكرى المرحوم الأستاذ الإمام محمد عبده:
أعيدوا ثناء النابهين وجددوا
مآثرهم ما دام في الشرق منشد
فما أبلت الأيام آيات مجدهم
ولا طاش سهم صوبوه وسددوا
وإن تذكروا أبناء مصر ومجدهم
فأولاهم بالمكرمات محمد
إمام وأستاذ وقاض وكاتب
يرد افتراء المفترين ويسرد
ولولاه للتفسير ما بان غامض
ولا زال إشكال ولا لاح فرقد
ولو عاش للفتوى لما ضل سائل
ولا كان فينا عالم يتردد
وكم نافسوه ظالمين وسرهم
كلام أباحته الغواية مفسد
وما كان إلا كالنبي هداية
وكم جحدوا فضل النبي وفندوا
فلا تتناسوا ما أتاه فإنما
من العار أن ينسى الكريم الممجد
ولا تتناسوا في البطولة قاسما
فآراؤه تحيي البلاد وتسعد
جريء فلم يرهبه قول جموعهم
وقد هددوه ساخطين وأوعدوا
فإن ينسه جمع الرجال فإننا
نكرر ذكرى قاسم ونمجد
وكامل لن ينسى وإن طال عهده
فما كان إلا شعلة تتوقد
ولا تتركوا ذكرى فريد فإنه
همام أضاعته الكنانة مفرد
وباحثة ما غاب وقع يراعها
إذا ذكر الكتاب يوما وعددوا
أولئك أبناء البلاد وفخرها
وهل يتوارى فخر مصر المخلد
إذا ذكروا يوما فإن فعالهم
بفضل رجال النيل تشدو وتشهد
فماذا يقول الغاصبون بإفكهم
وهذا ابن وادي النيل يعلو ويصعد
ذكرى المرحوم مصطفى باشا كامل:
أكامل هل تدري بما نتوجع
وتعلم من كأس الأسى كيف نجرع
بلى لو علمت اليوم وقع مصابنا
لقمت ترد الظلم عنا وتدفع
كعادتك الأولى تخوض غمارها
وتحمي بلاد النيل قهرا وترفع
تضحي بنفس أن تمس حقوقنا
وتدفع كيد الغاصبين وتردع
ترد إلى مصر العزيزة حقها
وترشدها في أمرها كيف تصنع
وتدحض قول المفترين بحجة
تحرم تقسيم البلاد وتمنع
فتى النيل كم علمتنا حب أرضه
وكم طعن الجهال فيك وشنعوا
وقاموا يريدون انخذالك عنوة
فكنت قوي الجأش لا تتضعضع
وكنت كسيف الله إن سل للعدى
تخلوا عن الأطماع خوفا وأقلعوا
وما وارت الأيام نصلك في الثرى
وما زال بعد الموت يسطو ويقطع
فسيفك مسلول وإن كنت نائيا
تصول به أيدي الشباب فيصرع
وإن هام في حب البلاد رجالنا
فذاك الذي قد كنت بالأمس تزرع
قفوا إثر رب المجد في حب أرضه
ولكنهم هدوا الوفاق وضيعوا
تشعبت الأغراض في مصر فانبروا
وكل له فيما يحاول منزع
فكونوا يدا إن الخطوب عسيرة
وإن اتحاد القوم في الخطب أنفع
وضموا صفوف العنصرين وكافحوا
مكافحة الأبطال لا تتصدعوا
وكونوا لرب التاج أخلص أمة
ولا تسمعوا إفك العدو فتخضعوا
ولا تتراخوا في الطلاب وثابروا
وكونوا كما كان الهمام السميدع
فكم جمع الأقوام حول لوائه
وقاموا يردون العدو فأفزعوا
وكم أيقظ النوام سحر بيانه
فهبوا إلى نصر البلاد وأسرعوا
ولو عمر المقدام ما ضل سعينا
ولا فاتنا مما نحاول مطمع
فيا مصطفى وادي الكنانة إننا
ليعوزنا ذاك البيان الممتع
رحلت عن الدنيا وخلفت أمة
يهيب بها صوت العدو فتفزع
وما ودعوا فردا بفقدك إنما
منار العلا والعز في مصر ودعوا
ولو كنت فينا ما توانيت لحظة
ولا غرنا ذاك الرياء المقنع
فيا ليتك الباقي إلى يوم حشرنا
ويا ليت وانينا الفقيد المشيع
مصر تغضب من عقوق أبنائها:
يا مصر يا بهجة التاريخ والأثر
وروضة زانها الرحمن بالدرر
أغرى بنا حسنك الأقوام فاحتشدوا
يهددون ابن وادي النيل بالخطر
أشقى جمالك أهلينا وأسعدهم
لله در جمال جاء بالضرر
وهكذا الغيد كم جرت محاسنها
لعاشقيها صنوف الهم والغير
يا ليت أرضك لما أنبتت ذهبا
لغير أهلك خانتها يد القدر
أدعو عليك ولو خيرت طائعة
لبعت نفسي فدى حصباك يا وطري
يا أم فرعون علمت التي جهلت
لفظ الغرام معاني الحب والسهر
يا جنة الخلد ماذا جر معشرنا
حتى تحولت من روض إلى صقر
نفسي فداؤك هل لا زلت غاضبة
ونحن نشري الرضا بالسمع والبصر
لا تغضبي فرجال النيل ما برحوا
أهلة الكون من بدو ومن حضر
يقودهم نحو نيل المجد سيدهم
فرحبي بأبي الفاروق وافتخري
تيهي بملك فؤاد إنه بطل
أزرت مناقبه الغراء بالقمر
يسعى لنشر العلا والعلم معتزما
فاستقبلي المجد من مسعاه واشتهري
يا صاحب التاج لا كانت ضمائرنا
إن لم تقر ببر منك منهمر
أوليتنا مننا جلت فضائلها
لم تحصها كتب الأنباء والسير
وشاطرتك فعال الخير سادتنا
فكلل الله مسعى الكل بالظفر
هوى مصر:
لا كان قلبي إذا لم ينتفض طربا
لذكر مصر ولم يستعذب التعبا
لم أذكر الحب إلا في محاسنها
ولا عرفت لها لهوا ولا لعبا
لولاك يا مصر ما أصبحت عاتبة
على الزمان إذا ما جار وانقلبا
ولا طويت الليالي فيك ساهرة
أكد لا أشتكي ضعفا ولا نصبا
لا عار إن خانك الدهر الخئون فكم
كل الحسام بكفي قادر ونبا
وفي ربوعك آساد إذا وثبوا
مال الزمان إلى ما نشتهي وصبا
لا يضربون بنار الحرب خصمهم
لكن برأي سديد يمطر اللهبا
فوحدوا الرأي لا يلهيكم غرض
عن نصر مصر ولا تستبعدوا الأربا
ضموا الصفوف وقوموا حول نيلكم
فليس يفلح شعب بات منشعبا
لا كان من خان مصرا في مطالبها
أو نام عنها وعن إعلائها رغبا
أحب مصر وأهليها وإن غبنوا
وأستشيط لهم من عزة غضبا
والدهر يقعد بي رغم العلا وبهم
ويسلب المجد موروثا ومكتسبا
ولا سبيل إلى ما نبتغي أبدا
إلا إذا ما غرسنا العلم والأدبا
فشجعوا العلم لا تبغوا به بدلا
ففيه آمالنا إن حل أو ذهبا
والقوم لولاه ما سادوا ولا ارتفعوا
ولا تقدم عاتيهم ولا غلبا
وعاونوا ملكا يعليه مقتدرا
ويستقل الذي من أجله وهبا
يشجع العلم مسرورا وينشره
وكم أراد لنا مجدا وكم طلبا
كم زينت رحبات الدرس طلعته
وانهال وارفه للخير وانسكبا
من معشر إن بدت يوما وجوههم
لأهل مصر نسوا من أجلها النوبا
أبناء من شيد المجد الذي عجزت
عنه الملوك فساد الترك والعربا
هم أهلة مصر الساهرون لها
لا يعدلون بها جاها ولا نشبا
أعمالهم كشموس الأفق ساطعة
فإن حذا حذوهم في المجد لا عجبا
أغر لا تعرف الأقوال همته
إذا دعاه ضعيف للعلا وثبا
دعوته فأتى للعلم مبتدرا
يخشى عليه إذا ما ماؤه نضبا
فإن جهلتم أياديه فدونكم
من فضله ما يزين الشعر والأدبا
لا ينكر الفضل إلا من له غرض
ولا يسود الذي يستمرئ الكذبا
خلوا الخلاف وقوموا حول سدته
لعل وحدتنا تدني الذي عزبا
وساعدوا العلم ما اسطاعت عزيمتكم
فقد يلين لنا بالعلم ما صعبا
الاتحاد:
إن الشعوب بالاتحاد
ترقى إلى نيل المراد
فدعوا التنافر والخلا
ف فذاك مدعاة الفساد
وتعاونوا في رفع مص
ر فإنها خير البلاد
بلد الحضارة والصنا
عة والرقي والاجتهاد
كانت عروس الغابرين
فأصبحت مهد الكساد
أخنى على أبنائها
دهر غريزته العناد
فأباد ماضي مجدهم
بدهائه فيما أباد
فتضافروا أبناء وادي الني
ل في مجد يعاد
وخذوا العلوم بهمة
فالعلم مفتاح الرشاد
ما كان شعب ناهضا
إلا بعلم وسداد
والشرق لولا جهله
ما أخطأ الغرض المراد
ترك النساء عواطلا
وبسعيها تعلو العباد
والغرب لولا فعلها
ما شاد في الدنيا وساد
فتعهدوها مثله
وارموا إليها بالقياد
فبها نجاح باهر
إن تصلحوها أو فساد
إن النساء لشعبها
لأعز كنز يستفاد
مصر رياض:
يا مصر أنت جنة
فيها النعيم المنتظر
للدهر أنت غرة
ودرة من الدرر
وفي رباك فتنة
لكل سمع وبصر
يعليك منا فتية
من كل شهم مقتدر
هم لحماك جنة
إن حل في الدنيا خطر •••
أبناء مصر كلهم
أصحاب مجد وهمم
وما تخطى فعلهم
يوما علاء وكرم
أو كان يوما حالهم
إلا إباء وشمم
وليس ينسى فضلهم
ما دام في الدنيا هرم
أو يتوارى نبلهم
وفي سما العليا قمر •••
فاسعوا بني مصر ننل
من دهرنا مجد الأول
لا يقعدن بكم ملل
فاليأس مدعاة الفشل
والحظ يدنيه العمل
ويذوده عنا الكسل
والمرء يحظى بالأمل
ما دام مقداما بطل
والجد مفخرة الدول
وعليه يرتكز الظفر
مصر ونيلها:
يا مصر دومي بهجة للناظرين
فصفاء جوك فوق وصف الواصفين
يا روضة تزهو بريحان وعين
وسبائك فيها شفاء الشاربين
وبهاء مجد ليس تمحوه السنون
يا مصر أنت بما حويت فتنة
ماء كما شاء الإله وجنة
ورجال صدق لم تهلها محنة
أو تثنها عما تروم أسنة
فهم الكرام بنو الكرام العاملين
يا مصر يا أم الملوك الفاتحه
هل كنت إلا في الأكف الراجحه
وكذاك أنت على الحوادث رابحه
فتفاءلي خيرا فأنت الناجحه
والله لا ينسى جزاء المخلصين
يا مصر حبك في الحشى أسكنته
وثناء مجدك طالما سطرته
فيك النعيم وكل ما أملته
والله في نجواي كم ناديته
أن تظفري يوما بما تتطلبين
يا نيل أنت أجل ما يرجى لنا
هل كان إلا في ورودك عزنا
تأتي فتكسو الأرض أثواب الهنا
وتحقق الآمال فينا والمنى
فاسلم على الأيام يا أقوى معين
أفديك بالروح العزيزة يا وطن
وأذود عنك بمهجتي شر الفتن
والله أسأل أن يفيض لنا المنن
لنسود ما شئنا وشاء لنا الزمن
ونعيد في العلياء مجد الأولين
آمال مصر:
إن شعبا بالمعالي قد ولع
ليس يثنيه عن العليا فزع
سيوالي سعيه معتصما
لا يبالي بزمان ذي خدع
إن هذا الدهر مهما عقنا
فسيعطي عن قريب ما منع
إن في كر الليالي عبرة
وصروف الدهر تأتي بالبدع
عالجوا الآمال في نهضتنا
ما تولى الدهر عنا أو رجع
فممات الشعب موثوق به
إن هوى في اليأس يوما أو وقع
إن بالتعليم ترقى أمة
حطها كر البلاء المندفع
فافتحوا للعلم دورا جهدكم
إن فيها شأن مصر يرتفع
واقتدوا في نصرة العلم بمن
بين فخر المجد والملك جمع
إن رب التاج يهوى مجدكم
وهو مقدام إذا شاء نفع
وديار العلم لولا فضله
ما سما فيها هلال وسطع
سترى منه المعالي ملكا
يخجل البدر إذا البدر طلع
فانصروه إنه ناصركم
واذكروا من فعله ما قد صنع
يزرع المعروف لا يذكره
فسلوه كم جميلا قد زرع
أنت يا مولاي أقوى عدة
لديار العلم توليها الخلع
فابق فينا للمعالي كعبة
ليس يدري من أتاها ما الهلع
الحركة الاقتصادية:
مصر يا أم الفراعين الشداد
لا ثناك اليأس عن نيل المراد
إن هذا الدهر لا يقوى على
رد ما نبغي وإن طال العناد
إن أسباب المعالي جمة
يبلغ المقصود منها من أجاد
وبلاد النيل يجبي خيرها
صانعو الغرب وتجار البلاد
وطبيب أو مرب جاهل
لم يفدنا منه علما واستفاد
كم غريب شاد فينا مصرفا
وبنى مدرسة يبغي اصطياد
لم يرد نشر المعالي بيننا
بل نوى طي المنى فينا وكاد
كل من ألقى بمصر رحله
هيأ المجد الذي يهوى وشاد
وابن وادي النيل فيها جامد
يبتغي بالقول تحرير العباد
إن حرب السيف لا تقوى لها
فلتقم يا قوم هيجا الاقتصاد
تلك حرب إن بدت نيرانها
هاج ذاك الغرب من خوف وماد
فاتركوا الأقوال فيها واعملوا
ليس يعلي الشرق قول يستعاد
إن أقوى عدة نلبسها
عند تلك الحرب علم وسداد
وديار العلم فينا أغلقت
فافتحوها إن في ذاك الرشاد
علموا العلم الذي نحيا به
إن خير العلم ما فاق وزاد
سرنا نوم طويل هادئ
وتركنا لبني الغرب القياد
أيقظوا الأمة من رقدتها
بعلوم وفنون في ازدياد
نطلب التعليم في سوقتنا
وبنو السادة منه في كساد
ليس يعلي القوم علم ناقص
وخبال كل هذا الاعتقاد
إنما الأمة جسم واحد
رأسه السادة والباقي السواد
فاحفظوا الرأس فإن نال المنى
طاب ذاك الجسم من بعد الفساد
علموا القادة حتى يظهروا
من بنات النيل ما أخفى الرقاد
ما ارتقى في الناس شعب ناهض
دون أن يرفع للبنت عماد
فارفعوها إن في رفعتها
كل ما نرجوه من هذا الجهاد
ما أقام الأهل فينا معهدا
يرشد البنت إلى حب البلاد
وهي أصل المجد إن نحفل بها
عز هذا الشعب في الدنيا وساد
علموها حب إعلاء الوطن
وبلاد النيل حزنا ومهاد
علموا الغادة علما راقيا
يعرف الأبناء معنى الاتحاد
مكانة المرأة في الأمة:
يا مصر إن جار هذا الدهر أو ظلما
فأنت أنت التي ما نكست علما
ومجد فرعون لا تنسى مفاخره
وكيف ينسى الذي قد شيد الهرما
لا تيأسي إن عين الله ساهرة
وحكمه نافذ فاستنهضي الهمما
إن الذي خلق الأنعام سائمة
لسوف يعطيك ما تبغينه كرما
أبناؤك الغر لا يألون جهدهم
فيما ترومين جاد الدهر أو حرما
قد شاقهم حسن وادي النيل فانبعثوا
يستعذبون لما يرجونه الألما
وقلبنا الصلد لم يحفل بعاطفة
غدا لحبك يشكو السهد والسقما
لولاك ما انبعثت فينا الحياة ولا
رفعت أناملنا في مبحث قلما
يا قوم إن بلاد النيل يعوزها
علم يجدد مجدا بات منصرما
والبنت أصل رقي الشعب إن جهلت
مال البناء الذي نرجوه وانهدما
فعلموها تسد مصر بها وكفى
أن تغرس المجد في الأبناء والشيما
تأثيرها في نفوس القوم ينكره
من أنكر الشمس في الأفلاك واتهما
لولا الفتاة لما قالت أوائلكم
شعرا ولا اقتحموا جيشا قد اضطرما
لا تحسبوا البأس تحميكم بوادره
من الخضوع لما تهوى وإن عظما
لها الجنان الذي لم ينب صارمه
عما أراد من الدنيا وما عزما
يطيعها البطل الصنديد ما أمرت
فكم أساءت وكم قد قدمت أمما
جهنم الكون إن ساءت وجنته
إن مال رائدها للخير وانتظما
فكيف نرضى بأن نلقي بها عبثا
إلى معاهد لا ترعى لنا الذمما
تبث في نفسها ما شاء منشئها
من الغرور فتنسى المجد والشمما
فعلموا بنت وادي النيل رفعته
حتى تحرك في حب البلاد فما
لو أنها عرفت مقداره عظما
باعت لتفديه نفسا حرة ودما
قد أهمل الشرق إعلاء النساء وفي
رقيهن فخار الشرق لو علما
وغر أبناء مصر مين غاصبهم
فخلفوا العمل المبرور منعدما
يسرنا حسن ألقاب ومرتبة
فلا نحرك في نيل العلا قدما
لا تتبعوا الجبن واسعوا في مناكبها
فقد يصادف رب الجرأة النعما
نالوا بأفرادهم ما شاء مجدهم
وخلف الضعف في أفرادنا الندما
إن سار فيهم إلى نيل العلا أحد
أعانه الشعب فيما يبتغي فسما
ونحن إن سار فينا للعلا رجل
ملنا عليه بسيف اللوم فانهزما
ثقوا بمقدرة المصري واعتصموا
فليس يفشل شعب بات معتصما
وشجعوه على الأعمال يطلبها
يرمي بسهميه إن ذاك الغريب رمى
فإنما الشعب بالأفراد إن غنموا
في ساحة العمل الراقي فقد غنما
استقبال العام الهجري سنة 1925، وفيه إشارة إلى حالة رجال التعليم:
أطل هلال العام علك موفد
بما يرتجى من عز مصر ويقصد
ولا تك بسام المحيا بشوشه
وفي طي ذاك الحقد باق مخلد
أبن لبنات النيل هل فيك غبطة
لهن أم الشر القديم المؤبد
وهل وجهك الوضاء يهدي إلى العلا
أم النار يذكيها العدو ويوقد؟
ويا وجه هذا البدر هل جئت ساطعا
لترشد أبناء البلاد فيسعدوا
ويظهر ذاك الضوء ما غيب الألى
أهانوا بلاد النيل ظلما وأفسدوا
ضياؤك هل يهدي الكنانة بعدما
أقام بنيها القاسطون وأقعدوا
وهل وجهك الوضاح وجه مسالم
يطل فيرضينا سناه المجدد؟
يميل لمصر إذ تشاكل حسنه
ففيها نجوم في الرياض وفرقد
بلى أنت جاسوس أردت خديعة
فبت تراعينا وطرفك مسهد
كذلك تأتي كل عام كأنما
ضياؤك للقوم المضلين مسعد
لعلك تهوى مصر يا بدر جاهدا
فتكره أهليها لذاك وتحسد
كما تيم الأقوام من مصر حسنها
فأرغوا على أهل البلاد وأزبدوا
وسدوا سبيل المجد عنا وما دروا
بأنا بذاك الضغط نعلو ونصعد
فيا بهجة الدنيا جمالك جرهم
ولولاه ما كنا نهان ونوعد
أجل شاقهم ذاك الجمال فأقبلوا
كما شاق أهليك من اللهو مفسد
لعل بنيك يقتدون بفعلهم
فيجذبهم منك الصعيد المنضد
يهيمون في حب الحسان وفاتهم
بأنك أبهى الغانيات وأمجد
لذلك صنت عذب نيلك عنهم
وقد طاب منك للأجانب مورد
ضننت عليهم إذ رأيت عقوقهم
وجدت بما يهوى الغريب المطرد
فلا تغضبي يا مصر منهم فإنهم
أهاب بهم في حلبة الغي مقصد
لك الحب ممن ليس يعرف قلبها
غراما فهل يرضيك ذاك التودد؟
أحبك حتى إن دهتني مصيبة
من الحب لا أشكو ولا أتردد
ويعذب فيك ما أمر وما حلا
وإن قصد الأعداء ذلي ونددوا
وأسعد يوم في حياتي أن أرى
وقد حاط بي أعداء مصر وهددوا
وقفت حياتي للعلوم لعلني
أساعد مصرا في العلا وأؤيد
فإن خذلتني الحادثات فما أنا
بأول جماع لدهر يبدد
وما طلبت نفسي من العيش غاية
ولا حل من قلبي الهناء المعدد
وأرضى بما لا ترتضيه ثرية
فما ضرني مال لدى الخطب يفقد
سأرضى بما يرضيك يا مصر من أذى
وإن أكثر العزال لومي وفندوا
يعلمني حب البلاد مملك
شغوف بإعلاء الكنانة مفرد
فعش يا أبا الفاروق للنيل عدة
تجود بما تهواه مصر وتنشد
العام الهجري سنة 1919، بعد وفاة المرحوم السلطان حسين:
نود له العلو وإن تعالى
هلال يملأ الدنيا جمالا
نريد بوجهه الوضاح خيرا
وأن نحظى بما نهوى اتصالا
عسى العام الجديد يحل فينا
بما نرجوه يمنا واعتدالا
فيسكن ثائر الأقوام طرا
وتصرف عنهم نوب توالى
ويرجع للسكينة كل حي
فقد ذاقوا من الحرب الوبالا
وقد مل الفقير العيش فينا
وأصبح ذو القوى يشكو الكلالا
سئمنا نحن أخصبهم بلادا
وأقصاهم عن الهيجا مجالا
وأبعد من تألم من لظاها
وأحسن من على الغبراء حالا
فما بال الألى شهدوا عناها
وكابد جيشهم ذاك القتالا
فيا عاما يكون السلم فيه
لأنت أجل ما ندعو ابتهالا
فإن يهدأ بك الأقوام جأشا
فإنك أحسن الأعوام فالا
وإن ولى القديم بفقد شهم
فقد يحيي الجديد له مثالا
ويا فتيات مصر لكن بشرى
يحققها لنا المولى تعالى
فقد أحيا الحجى العام المولي
وسوف نرى من الآتي كمالا
فما عاقت عن العليا خطانا
لظى للحرب تشتعل اشتعالا
قطعنا الوقت في درس وجد
ولم نشك السآمة والملالا
وكنا في زمان الحرب سلما
فلم نحفل بما قالوا وقالا
وما دمنا على ما نحن فيه
فسوف نرى الكرامة والجلالا
وسوف تسود مصر بما بنته
لها الفتيات جدا واشتغالا
وتحيا أمة ماتت لجهل
وتهدي طفلة النيل الرجالا
فما سعدت بغير العلم قوم
ولا حط الرخاء بهم رحالا
ولا ارتفعت رجال أثقلتهم
نساؤهم بما تأتي ضلالا
وهل يرقى إلى الأفلاك قوم
ونصف القوم مضطرب خبالا؟!
إذا ما شل نصف المرء يوما
فقد خارت عزائمه ومالا
فإن جهل النساء فلا ترجوا
من الأيام ما عشتم نوالا
ولولا الشرق حقرهن جهلا
لفاق الغرب عزا واستطالا
تغالى في إهانتهن ظلما
فكان هلاكه فيما تغالى
له المجد المؤثل من قديم
أزالته جهالتها فزالا
وشيدت النساء بما أتته
لذاك الغرب أبنية فطالا
فإن سهلت لنا طرق المعالي
فقد نلتم من العليا الوصالا
وإلا فاندبوا حظا تولى
فلن يدنو المرام ولن ينالا
أتى العام الجديد بما رجونا
وفجر منبع العليا فسالا
وكم قد حرموا العرفان فينا
فأصبح ورده سهلا حلالا
وسوف نرى الفتاة وقد تسامت
وكان علوها قدما محالا
ونالت مصر مقصدها وأضحت
تتيه به على الدنيا دلالا
شغفت بحب مصر فلست أقوى
لغير هواك يا مصر احتمالا
ولولا العجز يمنعني وعي
لقلت قلائد المدح ارتجالا
تعليم النساء:
بالعلم ترتفع البلاد وتظفر
ويسود بعد خموله المتأخر
فإذا ولاة الأمر راموا نفعها
عمدوا إلى دور العلوم فعمروا
وتعهدوا التعليم فيها بالذي
يرجى لهم منه النجاح وأكثروا
ولخير ما تعلو به أوطاننا
علم تواليه الفتاة فيثمر
علم تعز به الفتاة وترتقي
وتسود حين تكون أما تبصر
فإذا المليك سعى إلى تعليمها
فانعم بما فعل المليك الأكبر
واشكر له حسن العناية بالذي
يعلي البنات فذاك فضل يؤثر
وابسط يد الترحاب في تشريفه
لمعاهد منهن ملأى تزهر
إن النساء عماد كل فضيلة
فإذا هوت فالفضل قاع مقفر
إن النساء يد الرجال وعونهم
فإذا هوت خاب الرجال ودمروا
إن النساء تقيم ميل وليدها
فإذا ارتقت طابت وطاب العنصر
إن النساء إذا تنور عقلها
بالعلم فهي أجل ذخر يذخر
ترضى العلا وتنال ما يرجى لها
من عفة وفضائل لا تنكر
لا ترتقي أمم بغير نسائها
أبدا وتعلو بالنساء وتفخر
هذي نساء الغرب قد طارت به
فوق السها والشرق لاه ينظر
هذي سبيل المجد إن شئتم فلا
تتواكلوا فيها ولا تتأخروا
إني أبشركم بفوز عاجل
إن صار للفتيات شأن يذكر
من رام للأوطان عزا فليكن
لمعاهد الفتيات عونا ينصر
الباب الثاني
قصائد قيلت في الحوادث الهامة في الحركة الوطنية
حرب البلقان:
سلاما على عصر الفتوح سلاما
وعصر العلا لو أن ذلك داما
سلاما على الإسلام قد زال عزه
فأيقظ للمجد العدو وناما
سلاما على دار الخلافة إنها
غدت أرضها للطامعين طعاما
سلاما على آساد حرب أذلها
ضراب وكانت قبل ذاك كراما
كفى فشلا يا قوم أين اتحادكم
غدا فخركم أحدوثة وكلاما
دعوا الفخر بالماضي وقوموا فساعدوا
نساء يعانين الردى ويتامى
دعوا الفخر بالماضي وقوموا فساعدوا
جيوشا لفرط البؤس صرن عظاما
جيوشا تحاصرها العدا وتذيقها
هوانا على رغم العلا وحماما
أجيبوا ندا ذاك الأمير محمد
فقد هب يدعو للعطا الأقواما
شقيقك يا عباس لم يأل جهده
فلا زلتما في النائبات سهاما
وجاراكما عمر على البر والتقى
فعش يا أبا حفص لمصر إماما
تحض على تأييد قومك جاهدا
وتنشر فيهم للهدى أعلاما
تعثر جيش الترك في سقطاته
فلما رأى منك العناية قاما
وأصبح من بعد التقهقر هاجما
كأنك أرهبت العدو فهاما
أجيبوا ندا الأمراء لا كان من ونى
وكانت عليه المكرمات حراما
حراما على حر يعيش بنعمة
ويهجر قوما كابدوا الإعداما
ويهجر قتلى في الدماء غريقة
بظلم وجرحى لا تذوق مناما
فلا تبخلوا بالمال في إنقاذهم
أرى العار كل العار أن نتعامى
ولا خير في مال يحمل أهله
لدى الناس عار تخاذل وملاما
وخير بني الإنسان أجودهم يدا
وأرفعهم في المحسنين مقاما
القبض على المرحوم سعد باشا وزملائه، محمد باشا محمود وإسماعيل باشا صدقي وحمد باشا الباسل، في سنة 1919:
يا مصر كم نشكو وكم نتألم
ويجور فيك المستبد ويظلم
سهلت قيادتنا فزاد عنادهم
واللؤم يطغيه السكوت فيعظم
ذهبوا بسادات البلاد وطوحوا
بالمصلحين وأفسدوا وتجهموا
يا سعد إن تبعد فإن قلوبنا
مثواك فأمرها فإنك أعلم
أو غاب شخصك يا محمد عنوة
فعلاك في أبصارنا يتجسم
أو راح من حمد همام باسل
فله من العربان ألف جثم
أو زال إسماعيل عن أرجائها
فلسوف يأتي بعد ذاك ويسلم
أنتم شموس الأفق إن غربت به
خلفتها أقمار تضيء وأنجم
فليسقط القوم الذين تقولوا
زورا وعقوا المكرمات وحرموا
دخلوا الحروب وهالهم ما عاينوا
فتقهقروا فيها ولم يتقدموا
وأتى محاربهم يجرب نبله
في فتية طرحوا السلاح وسلموا
عار محاربة النساء وفتية
عزل يروعها الطعان فتهزم
لم يكفهم وقع النبال فأنزلوا
نار المدافع والقنابل فيهم
فتحوا صدورهم لنيران العدى
وحلا لهم في الموت ذاك المطعم
والموت أحلى من حياة كلها
ذل نقاسيه وفقر يسقم
كم طفلة في الدم مالت تشتكي
تلوي بكفيها لمن لا يرحم
وعزيز قوم ذل لم يجن سوى
أن قال قول الحق فيما يعلم
كم من قتيل كان يحمي صدره
دون القنابل كفه والمعصم
لا الدرع يحميه ولا سيف له
فيشق هامات العدو ويحطم
وأتى أخوه والنبال تنوشه
فغدا يكر على النبال ويهجم
يأتي ليقتله العدو تخلصا
من أن يرى أوطانه تتقسم
كم حاصروا دور العلوم كأنها
أضحت قلاعا بالمدافع تهدم
كم طالب للعلم طار يمينه
وبها كتاب الدرس لوثه الدم
كبت عليه أمه لتضمه
فتناولتها من عداها أسهم
كم طاح بالقبطي وقع نبالهم
فانكب يبكيه أخوه المسلم
ويقول يا أسفى على وطن غدت
أبناؤه من غير ذنب تعدم
أقباطنا والمسلمون تعانقوا
فعلام يشتد العدو وينقم
دم أريق على الولاء فصابروا
إن البلاء إذا تفاقم يصرم
حتى إذا انتهت المعارك أقبلوا
يتضاحكون وسرهم ما أجرموا
هل ذاك ما ذكروه من إنصافهم
بئس الخلال وبئس ما نتوهم
كم حبذوا الإنصاف عند لقائهم
بالفاتكين وسرهم أن يحجموا!
وإذا بدا صدر الضعيف فإنهم
أضرى الوحوش الضاريات وألأم
قوم إذا عد الزمان ذنوبهم
لم يحصها قلم اللبيب ولا الفم
جان دارك لن تنسى ويوم بلائها
للإنجليز أشد عار يرقم
قامت بجوف النار تعبد ربها
تسأله إنقاذ الألى لم يجرموا
طاحت بها النيران تحت عيونهم
عذراء تعلو عن الذنوب وتعصم
ووراء أرض الكاب كم سفكوا دما
ظلما وجاروا جورهم وتحكموا
كم أسرة نفيت إلى جوف الفلا
أطفالها ونساؤها لا تطعم
هل بعد ذاك يقال رحمة قلبهم
لا كان من يحنو ولا من يرحم
في نفس الموضوع:
ألا يا دهر يا عون البغاة
لقد أطمعت فينا الحادثات
سئمنا الظلم أعواما تقضت
فكيف نطيق كر الآتيات
أتخرج أرضنا الذهب المصفى
ونحرم منه في ماض وآتي
كنوز الأرض يأخذها سوانا
ويمنحنا نزول النائبات
ويحكم نخبة النبهاء فينا
غبي من بني التاميز عاتي
رءوس ملؤها علم وحزم
تدبر بالرءوس الخاليات
فبئس العيش فقر وامتهان
وذل في العشي وفي الغداة
ولولا سادة فينا كرام
لفضلنا الممات على الحياة
الغاصبون:
حلوا فراح الفضل وارتحل الحجا
وانهد جاه العلم والآراء
حملوا على جيش الفضيلة فانثنوا
متسربلين بحلة حمراء
هذا دم الإنصاف فوق ثيابهم
يبدي فظائعهم لعين الرائي
نيران حقد أضمرتها قلوبهم
فتوشحوا من لونها برداء
ما دام أهل النار تحجب روضنا
عنا فأين معالم السراء
إن يدعوا الإنصاف أو ينسب لهم
فوفاء عرقوب وبخل الطائي
قبول عدلي باشا الوزارة بعد أن استقال في سنة 1920:
هنيئا لك الفوز الذي قد تعددا
وأنبأنا نصرا قريبا مؤيدا
رجوعك أرضى الناس حتى كأننا
أخذنا على الأيام عهدا مؤكدا
سعيت إلى العلياء شأنك دائبا
فعلقت الآمال في فوزنا غدا
أعد لي إن سدت الأنام شهامة
فبيتك معروف الفضائل مذ بدا
سعيت إلى العدل الذي كللت به
حروف اسمك السامي فزادك سؤددا
وسار إلى العليا حسين يروضها
فكنت له قلبا وكنت له يدا
فدوما لنا عونا فإن زماننا
يحاول ألا نبلغ اليوم مقصدا
وعزمكما أمضى من السيف قاطعا
فهل يستطيع الدهر أن يترددا
يطيعكما الدهر العتي تواضعا
فيولي بلاد النيل عزا مجددا
فعيشا هنيئا تنعم الناس غبطة
فإنكما ركنا المروءة والهدى
اعتراف المرحوم سعد باشا بصاحب السمو الملكي ولي عهد مصر وهو في مالطة:
أجل يا سعد قد قلت الصوابا
وأحسنت النصيحة والخطابا
ولو قلت الذي قد قلت قبلا
لما انشقت عشائرنا اضطرابا
ولا أودى بنهضتنا اختلاف
ولا ذقنا النكاية والعذابا
فقووا وحدة الإخلاص فينا
وخوضوا في هوى مصر الصعابا
ولا تتذكروا قلنا وقالوا
فقد سئمت مسامعنا العتابا
وخلوا عنكم الأغراض نرفع
بوحدتنا عن الوطن المصابا
وقوموا حول رب التاج جهرا
فقد ذقنا من التفريق صابا
مليك شأنه حلم وعفو
عن الجاني إذا عبد أنابا
رحيم القلب موفور المعالي
فلا يرضى انتقاما أو عقابا
إذا ناداه عن بعد مناد
رأى من عطفه الشهد المذابا
وكم قلنا انصروه فخطئونا
فلما قالها سعد أصابا
فكم أخرت يا سعد التصافي
ولو أسعفت وادينا لطابا
ولا لوم عليك فقد رضينا
وأوصدنا لخلف الرأي بابا
فعد للقطر محبوبا مفدى
فإن قلوبنا تهوى الإيابا
ويا ملك البلاد لنا التماس
ستملك إن سمحت به الرقابا
فرد لشعبك المحبوب سعدا
فقد كان الزعيم المستجابا
الإفراج عن المرحوم سعد باشا وزملائه في مالطة:
صفا الدهر من بعد الجفاء وأنعما
وأنقذ أبطال البلاد وسلما
فيا نيل فاهنأ أن شعبك سالم
ويا مصر فاعلي في ذرا العز بعدما
وأب سالما يا سعد عل بلادنا
بمقدمك الميمون أن تتقدما
ويرفع ركن العدل فينا محمد
وتورق أغصان الفضيلة منكما
فكم لابن محمود على الفضل من يد
غدت من مكان البدر أعلى وأعظما
فيا عز مصر يوم تحظى بلادها
به بطلا عند الشدائد معلما
ويوم يعود النازحون لأرضهم
وقد أصلحوا من شأنها ما تثلما
ويرجع إسماعيل شهما مسودا
جريئا على جور الليالي مكرما
وتزهر في أرض البواسل جنة
نرى حمدا فيها قويا منعما
ألا فاسلموا أبطال مصر فإنكم
جديرون أن تحيا بكم وتعظما
نأيتم فزال الأمن وانهد صرحه
وأرعد جو المكرمات وأظلما
أراد اعتداء الدهر إخفاء نوركم
فكنتم على رغم الحوادث أنجما
فعودوا كما شاء الإله أهلة
تشيدون من بنياننا ما تهدما
سفر الوفد المصري في المرة الأولى:
صحبتك يا وفد السلامة فالظفر
وأطاع أمرك في تصرفه القدر
سافر لمن طلبوك لا ترهبهم
فرجالك النبلاء لا تخشى الخطر
يا سعد أنت همام نهضتنا فقم
وانهض بمصر إلى الرقي المستمر
وادخل بلاد الغاصبين ليعلموا
أن ابن وادي النيل مقدام أغر
وانثر عليهم من بيانك أنجما
فكلامك المأثور آيات العبر
واشرح لهم حال البلاد فإنها
لا تستكين ولا تبالي بالغير
فنساؤها ورجالها سيان لا
يرضون إلا بالجلاء المنتظر
والعدل أن تعطى البلاد مرادها
ليسوسها من أهل نجدتها نفر
هم خير من ملكوا البلاد فأحسنوا
وأجل من ساسوا بحزمهم البشر
فسل الفراعنة الذين بجدهم
فتحوا البلاد وخلفوا أبهى أثر
خبرهم يا وفد عنا أننا
أبناء من سادوا المجرة والقمر
وخذ المواثيق التي تبقي لنا
حق البلاد فأنت أدرى بالخير
وإذا أراد القوم أن تعطيهم
عنا العهود فأنت أوفى من يبر
عرف الوفاء لنا فما منا الذي
خان العهود وكان كذابا أشر
سواسنا لا يعرفون سياسة
ترمي إلى التلفيق في درء الضرر
قدوم المرحوم سعد باشا من أوروبا بعد أن تفاوض في لندن المرة الأولى:
قدوم المنى يا سعد ركبك يقدم
تسود به أرجاء مصر وتعظم
رحلت بوفدهم شموس منيرة
فضاءت بلاد الغرب والشرق مظلم
كذلك شمس الله إن حل ضوءها
بقوم تولت عن سواهم فأظلموا
وعدت كما عاد الصباح مؤيدا
بنصر من الرحمن تزهو وتنعم
فلله ليل البعد كم طال نحسه
وأظلم حتى لم تر فيه أنجم
ولله صبح النصر إن صح ما نرى
فذلك صبح بالمسرات مفعم
ولله جور الدهر كم ساء فعله
وكم راعنا منه نبال وأسهم
وبث بذور الخلف في القوم فانثنوا
وكاد يضيع الرشد لولا التكرم
ولولا رجال الوفد ما طاش سهمه
ولا فاز قبطي ولا ساد مسلم
فيا سعد لا تبخل برفق وحكمة
فأنت بأحوال الكنانة أعلم
صديقك عدلي خبير مجرب
فشاوره إن الأخذ بالرأي أحكم
وثق برجال الوفد واحفظ عهودهم
فذلك أدنى للنجاح وأسلم
هم شاطروك الهم في البؤس فارعهم
ولا تنس ما قد كان في الغرب منهم
ولا تنس إذ قمتم إلى الحق قومة
فلم يثنكم هول ولم تتألموا
قدمتم على الهيجاء عزلا تقودكم
قلوب من الصيوان أقوى وأعظم
سلاحكم حسن اليقين وجيشكم
نفوس تفل الحادثات وتحطم
فإن كرم الأقوام في الفتح جيشهم
فوفدكم من ذلك الجيش أكرم
ولولا اتحاد الرأي ما فاز سهمكم
ولم نجن في العلياء ما قد غرستم
ولولا اتحاد الرأي ما سطاع منكم
كريم على نار المعادين يهجم
ولولا اتحاد الرأي ما كان عزل
يهاب لقاه في الحروب المطهم
ورأي ترى فيه الجماعة رأيها
لأمضى من الرأي الوحيد وأقوم
فكونوا يدا إن الخطوب عسيرة
وإن اتحاد القوم في الخطب أحكم
ودوموا لنا أبطال مصر ذخيرة
فما منكم إلا الكريم المعلم
استقبال صاحبة العصمة أم المصريين بعد عودتها مع سعد باشا:
إيه وادي النيل ما أبهى سناك
ليس في البلدان مرغوبا سواك
أنت كالفردوس حسنا وسنا
خلق الرحمن من تبر ثراك
جوك الرائق كم أغرى بنا
أمما شتى وراقتها سماك
إن هذا الحسن لولا وقعه
في قلوب القوم ما ذقنا الهلاك
حسد الأقوام حسنا زاهرا
من رياض النيل فاغتالوا حلاك
ونسوا فيك أسودا كلهم
يبذلون الروح كي يحموا حماك
وزراء ما لهاهم منصب
طرحوه كي ينالوا مبتغاك
تركوا الثروة والملك معا
كي يفوقوا بمعاليك السماك
ورجال الوفد ما منهم سوى
ملك من غير تاج أو ملاك
لم يراعوا نزعة دينية
حين لبوا في دجى الليل نداك
كلهم شهم كريم ماجد
كنجوم الليل علياها اشتراك
إن سعدا لو بدى في ركبه
لملوك الغرب لانصدعوا لذاك
فارق الأوطان يسعى جاهدا
ومناه كان أن تعطى مناك
سل سيفا من بيان ساحر
أدهشت آياته الدنيا هناك
أدهشتهم ذات عز سرها
أن تذل النفس في نيل رضاك
زوج سعد ليس في مصر لها
من مثيل يرتجى عند الدراك
أنت يا زوجة سعد بهجة
لبنات النيل بل أنت ملاك
فابقي فينا للمعالي كعبة
وجعلنا من أذى الدهر فداك
اعتقال المرحوم سعد باشا في سيشل:
دهتنا الرزايا وخاب الأمل
وحل بسعد بلاء جلل
وكنا بسعد رجال العلا
وكان المفدى وكان البطل
وكان اتحاد الألى جاهدوا
عظيما فأدهش كل الدول
وكنا بذاك على ضعفنا
كأجزاء صخر فلا تنفصل
فدب خلاف أضاع الحجا
وأقصى الأماني وأعمى المقل
وكل خلاف إذا ما سرى
بقوم تراخوا وحل الفشل
وقامت رجال تريد الهدى
فقلنا أسافل تبغي الخطل
فيا قوم إنا ضعاف فلا
جيوش لدينا ولا من أسل
وليس لدينا سوى سادة
بعقل رجيح ورأي أجل
فلا تتغالوا ولا تفرطوا
فإن التغالي أصل الزلل
وأخلوا الطريق لأهل الحجا
فما كل شخص يجيد العمل
تقولون موتوا فدا أرضكم
فنعم الكلام ونعم المثل
ولكن قولا بلا طائل
فلا خير فيه لشعب عقل
وما كل موت ينيل العلا
ولا كل مجد بمدني الأجل
ويا سعد مهلا فلا تبتئس
ورحب بخطب بنا قد نزل
وألق عليه البيان الذي
عهدناه منك فقد يعتدل
وثق أن فينا رجال الهدى
فلا تلبث الحال أن تنتقل
ونأخذ بالصبر ما فاتنا
وبالرفق نبلغ ما لم ينل
خلاف الأحزاب:
ألا يا مصر إنا لن نلينا
ولا نرضى قبول الذل فينا
سننسى كل ما قلنا وقالوا
ونسعى للمنى متكاتفينا
فليس بأرض وادي النيل إلا
همام من بقايا السابقينا
وكل بنيك مصري صميم
فلا وسط ولا متطرفونا
فمنا العاملون بغير قول
ومنا القائلون المحسنونا
ونحن بحاجة لرجال جد
ونحن بحاجة للقائلينا
فلا ننسى مفاخر كل شهم
ولا ننسى جهاد المخلصينا
ولا ننسى الألى قاموا جهارا
فصاحوا في وجوه الغاصبينا
أننساهم وقد حبسوا وضيموا
لرفع لواك بين العالمينا؟
فلا والله ما فينا انشقاق
ونحن على ولائك مجمعونا
وقد كان الخلاف على هواك
وحرصا كان ذلك أو ظنونا
وسوف يصير حبك بعد هذا
قويا في تآلفنا متينا
وسوف نسد باب الخلف قهرا
فلا يغشاه إلا الخاسرونا
وهل كان الخلاف سوى خراب
لأقوى أمة لو تعلمونا
فما بال الخلاف بأرض قوم
أحاط بهم دهاء المعتدينا
أفي وقت عصيب مثل هذا
يكون رجالنا متخاذلينا
فهبوا للسلام فقد كفانا
من الأحقاد ما يدمي العيونا
وضموا كل مصري وكونوا
يدا فالله عون العاملينا
ولا تتفرقوا شعبا تضلوا
وتذهب ريحكم في الذاهبينا
وقوموا حول سلطان كريم
ليحبط كل كيد الكائدينا
وصونوا عرشه واحموا حماه
وكونوا جنده الحر الأمينا
فما كنا لإسماعيل إلا
رعايا مخلصين فلن نخونا
ألا لا تفتحوا للشك بابا
فيظهر ضعفكم للطامعينا
خديعة خادع فتجنبوها
ولا تصغوا لقول الجاهلينا
تولي الوزارة المحمدية الأولى الحكم:
صفا الدهر من بعد الذي قد تكررا
وأورق غصن السعد فينا وأزهرا
ونالت بلاد النيل ما شاء أهلها
فللنيل أن يزهو بذاك ويفخرا
وشرف كرسي الرياسة ماجد
قليل عليه ملك كسرى وقيصرا
سريع إلى العلياء مقدام قومه
إذا شاء أمرا جاءه الدهر صاغرا
جريء يرد الحادثات كليلة
ويرهبه صرف الزمان محاذرا
وهل كابن محمود ذكاء وفطنة
وحكمة رأي في الأنام وخاطرا
يعاونه في حكم مصر أعزة
هم خير أهل النيل مرأى ومخبرا
هم خير من ساسوا البلاد بحكمة
ودان لهم في الأمر ما قد تعذرا
سترقى بهم أرض الكنانة بعدما
أراد اعتداء الدهر أن تتأخرا
فطب يا زعيم النيل نفسا بما ترى
فأنت الذي ذاق البلاء وأبصرا
وأنت الذي عذبت نفسا أبية
لتبعث في مصر النعيم وتنشرا
وساعدت سعدا في الشقاء مخاطرا
بشرخ شباب مثله العين لن ترى
وما كنت تبغي من جهادك غاية
سوى أن ترى شعب الكنانة ظافرا
وها قد ظفرنا اليوم بالسؤل كله
ودانت لنا العلياء فاهنأ بما جرى
زيارة حضرة صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد الأول للأزهر الشريف بعد عودة سعد باشا من مالطة:
مولاي يا خير الملوك سلام
يهدى لمن دانت له الأيام
ما زلت بالإحسان تلقى جهلنا
حتى اضمحل وزالت الأوهام
رجعوا إلى المعقول بعد ضلالهم
ودنا لهم ما أبعد الإبهام
داويتهم يا خير من عرف الدوا
فتنافست في مدحك الأقلام
أيقظتهم بالمكرمات فآمنوا
ولطالما جحدوا الضياء فناموا
سكتوا فأنطقهم علاك وراعهم
فيما رأوه النبل والإقدام
نظروا المروءة والمهابة والندى
فتعلقوا بهوى المليك وهاموا
طافوا بعرشك هاتفين وهكذا
يزهو ببهجة ملكك الإسلام
فلأنت للدين العماد وللحجا
نعم المعين وللرقي قوام
شرفت أزهر مصر حين طرقته
وحلاه منظر وجهك البسام
فرحوا بطلعتك البهية فيهم
وتمايلت لسرورها الأعلام
يا شبل إسماعيل مهلا في العلا
فلك الأيادي البيض والإنعام
ولك الخلال الغر والمنن التي
ما فاخرت بنظيرها الأهرام
حليت بالتعليم صدر نسائنا
فزهت معاهدها وطاب العام
أنشأت (ترقية الفتاة) وصنتها
فلها ببرك رونق ونظام
ستدوم ما دام المليك منيعة
ترجى لخير بلادنا وترام
فبمثل سعيك نستنير ونرتقي
ويشاد صرح فخارنا ويقام
أنت الفؤاد وروح ما تصبو له
هذي البلاد وكلهم أجسام
فاسلم لتعليم البنات فإنه
لا ترتقي إلا به الأقوام
عودة جثة المرحوم محمد بك فريد من برلين:
ألا كم تيمت مصر فريدا
وود القلب فيها أن يعودا
فأقسم لا يعود إلى رباها
إذا لم يطرح الوطن الجمودا
وأن يغشى البلاد إذا استقلت
وساعدها الزمان بأن تسودا
فعودته إلى الأوطان فأل
بأن الشعب قد فك القيودا
فتيهي مصر بالجسد المفدى
فلم يخلف لدى الموت الوعودا
وحل بأرضك النعش المعلى
وقد أدنى الزمان لك العهودا
فريد فخرك الماضي فحضي
على استقبال جثته الوفودا
أحبك فاستشاط الدهر غيظا
وكان الدهر جبارا عنيدا
فكم عكس المآرب والأماني
وكم أبلى من العليا جديدا
تعود أن يغول ذوي المعالي
وأن تفري أظافره الحديدا
فغال محمدا لم يرع عهدا
وأخفى بدر نهضتنا المجيدا
وكان كما علمنا منه شهما
قوي الجأش مقداما جليدا
فيا لله مفضال مفدى
أحب بلاده طفلا وليدا
فأنفق ماله عمدا لتحيا
وحقر في محبتها الوجودا
وقال فأنصت الأقوام طرا
وكان كلامه الدر النضيدا
فكم نفع البلاد وكم حماها
وكم أبدى بها الرأي السديدا
سعى فأجاد في رد المخازي
ليحفظ عز مصر وأن يزيدا
ولما آن أن نجني ثمارا
لذاك السعي فارقنا وحيدا
فحب بلاده أقصاه عنها
ومات مشردا عنها طريدا
فيا برلين أظهرت الرزايا
وأخفت أرضك البطل الشديدا
حوت أرجاك أعلى الناس حينا
ففخرك لن يزول ولن يبيدا
ولو بقيت رفاة المجد فيك
لحج إليك أهلونا سجودا
وحولنا الوجوه إليك قصدا
لدى الصلوات لا نخشى الوعيدا
ولكن الكنانة لم يرقها
بقاء عميدها عنها بعيدا
وضنت أن يضم الغرب شهما
وحيدا في معاليه فريدا
فأدنت جثة البطل المفدى
لتبقى ذخر أمته العتيدا
ففيها سلوة المضنى وفخر
لقوم كان مجدهم التليدا
فقوموا حول جثته جميعا
فكم قد قام إذ كنتم قعودا
ويا ذاك الفقيد حباك ربي
من الرحمات والفضل المزيدا
فعش في جنة الفردوس رغدا
فكم أسديت معروفا وجودا
حكم القضاء في قضية عمدة تلا:
أجل يا مصر شعبك لا يهان
ومجدك ليس يمحوه الزمان
وفيك كل مقدام جسور
جريء ليس يرهبه امتحان
من الغر الذين بنوا فأعلوا
وشاء الله أن يسموا فكانوا
وما أبناء «توت» غير شعب
يدين له الزمان ولا يدان
كأهل «تلا» فما منهم ضعيف
يزحزحه عن الحق امتهان
فقد صدوا الذين بغوا وعاثوا
وكان سلاح حربهم البيان
أجادوا في تمسكهم وجدوا
ففاز الحق وانهزم الجبان
تفانوا في محبتهم لمصر
فلا زجر يفيد ولا هوان
فإن لم تنجبي يا مصر فخرا
سوى علياهم فلك الرهان
أبوا فتراجع الوزراء ذعرا
وكان دفاعهم نعم السنان
أشد على العدو من المواضي
بيان ليس يدحضه الطعان
فيا نعم الرجال إذا توالت
خطوب الظلم واختل الأمان
تتيه بكم بلاد النيل فخرا
ويقصر عن مديحكم اللسان
أجدتم في نضالكم فكنتم
سيوفا زان حدتها المران
فهل علم الألى يتشبثون
بأهداب المناصب كيف دانوا
وكيف تغلب الشعب المفدى
على نفر بقدرته استهانوا
أجل أبناء توتنخ فأنتم
كآباء البلاد لكم مكان
ظهرتم في تلا تتلألئون
بدورا ليس يحجبها العنان
مداره جل مقولهم فجلوا
يزيلون الشكوك متى أبانوا
وأعيان برأيهم استقلوا
يردون الألى ظلموا وخانوا
فأرشد نورهم من ضل منا
إلى ضعف الألى كذبوا ومانوا
وهال اللورد عن بعد زئير
لآساد بصبرهم استعانوا
فخف لينظر الآساد جهرا
وخير من تسمعك العيان
وحل بأرضهم فاستقبلوه
بجأش لا يهين ولا يهان
ولم يترددوا أن يخبروه
بأن النار يسبقها الدخان
وأن بني الكنانة ليس منهم
أذلاء إذا ظلموا استكانوا
فما أبهى اتحادهم المرجى
وقد نسجوا به العليا وزانوا
بني مصر تهنئكم نساء
يرين ثباتكم نعم الضمان
فدوموا في نضالكم أسودا
أجل واستعذبوا الجلى وعانوا
ففي أعلى الصعيد قد انتصرتم
فهان الخطب إذا خذلوا وهانوا
بقاض مثل حد السيف عدلا
تتيه به العدالة بل تصان
فيا خير القضاة وإن أجادوا
لك الفكر المحلق والجنان
قضيت على الألى رأسوك ظلما
فكنت السيد الأعلى وكانوا
وما ملك الرئيس فؤاد شهم
ولا أوهى شكيمته العنان
عودة حضرة صاحب السعادة المرحوم أحمد بك شوقي من منفاه:
شاعر الحضرة في العليا كفاك
أن مصرا لم يغب عنها سناك
إيه شوقي إن منثور العلا
لم يفز في جمعه أحد سواك
أنت شمس غاب عنا ضوءها
فأضاءت بقعة أخرى هناك
أوحشت في البعد مصر وانزوت
وازدهت مدريد إذ نالت علاك
إن تغب عنا فقد ذكرتهم
بعلاء الشرق لا شلت يداك
هل نسوا للشرق ما أسسه
من فخار قد تولاه الهلاك
هل نسوا ما كان في أندلس
من علوم وفنون حينذاك
كنت تذكارا لمدثور العلا
حين هذا الدهر بالبين رماك
كم بلاء كان مفتاح العلا
وقوى أظهرها بعض العراك
إن يكن أنساك حب الغيد ما
ذقته من بعد مصر ولهاك
فلقد أصبحت صبا مغرما
بجمال النيل فافتح فيه فاك
وانثر الدر الذي عودتنا
إنما الأوطان يطربها نداك
احتراق الجزء الخاص بوزارة المعارف في المعرض الزراعي سنة 1925، وفيها إشارة إلى أخلاق رجال المعارف:
صدمة النيران ضيعت الذي
ضاع فيه العمر في جهد وكد
ما رحمت غادة قد ضيعت
من ليالي العمر ما يضني الجسد
سهرت في جوف ليل مظلم
تتحف الفن بآيات جدد
فإذا ما استكلمت آياتها
ضيعت مجهودها نار الحسد
كم نفيس الصنع مرفوع الذرا
قد أتته النار تسعى فارتعد
أنزلته من أعالي فنه
قوة النيران قهرا فسجد
وقديما سجد الناس لها
قوة تحيي وتفني إن ترد
ذاب فخر الفن من سطوتها
يوم كرت في أزيز المستبد
علمتهم كيف يردي ظلمهم
طيبات إن تولت لم تعد
صادمتنا في عزيز ليتها
صدمت من خان منهم أو فسد
فابك يا قطان من صدمتها
أنها قد صادمت فخر البلد
ودموع العين قد يطفأ بها
ما بقلب المرء من نار الكمد
واجتنب ما يؤخذ المرء به
إن لطم الخد من وهن الجلد
ورجال النيل لا نرضى لهم
موقف الجبناء إن صبر نفد
طلبت الشاعرة عمل تحقيق في الحالة الأخلاقية وعارضت وزارة المعارف، فأصدر جلالة المغفور له الملك فؤاد الأول أمره بعمل التحقيق إظهارا للحقيقة، فقالت الشاعرة هذه القصيدة:
ملك الكنانة كم أعدت الماضيا
وغرست بالحزم الفخار الباقيا
فاهنأ بعيدك رب مصر فإنه
يأتي بما تهوى البلاد مناديا
عيد رأت فيه الكنانة ربها
فأعاد مولده الفخار النائيا
في كل عام آية يأتي بها
تحيي المنى فينا وترضي الراجيا
فكأنه الشمس التي إن أقبلت
كشفت عن الدنيا الظلام الغاشيا
أو كالربيع أتى الرياض بخيره
فأعاد رونقها وسر الرائيا
فكفى بعيدك للأنام مسرة
وكفى بفعلك للمحاسن راويا
يا خير من ساسوا البلاد بحكمة
وبنوا بما كسبوه مجدا عاليا
لله أنت فقد نصرت فضيلة
خذلت وكنت لكل حق حاميا
ضيم العفاف فكنت ملجأ أهله
ورددت بالعدل الظلوم الطاغيا
ونشرت بالأمر الكريم صدوره
فضلا طوته يد الرذيلة باليا
ورأيت شعب النيل يشكو علة
فوهبته منك العلاج الشافيا
والشعب بالأخلاق يعلو شأنه
فإذا هوت في الظلم أمسى هاويا
فعلى حماة الدين شكر متوج
أحيت مناقبه الكمال الفانيا
عيسى الفضائل ردها بعد البلا
وأعاد رونقها فأشرق زاهيا
ورأى العلوم تهان في رباتها
فغدا لهن من الرذيلة واقيا
لو تعلم الحسناء ما أوليتها
نثرت عليك من الثناء دراريا
أو أنصفتك لكان مفرق شعرها
مما تنمقه اليراعة حاليا
تاج يزان بمدح ذاتك يشترى
بالدر موفور المحاسن غاليا
فإذا تجملت الفتاة بحسنه
فاقت مفاخرها الجمال الباديا
يا منقذ المظلوم من عثراته
هل كنت إلا بدر مصر الساريا
كم أنكر الجهلاء نورك فانثنوا
يتخبطون وقد أضأت الداجيا
وسعتهم أخلاقك الغر التي
ترضي الأبي وتستميل الجافيا
أنت الكريم تعف عن إيذائهم
نبلا وإحسانا وعفوا وافيا
فاسلم لمصر فأنت منبع عزها
واسطع لأهل الشك بدرا هاديا
الباب الثالث
في الشكوى من الزمان
شكوى من حالة المدارس الأخلاقية:
يا دهر كم تعدو وكم تتقلب
وتفل عزم العاملين وتتعب
إن كان ما تبغيه ذلي فالذي
تبغيه لا يرضاه شهم طيب
حالي كما شاهدتها من شدة
ما صدني عنها العدو الأغلب
ما فل عزمي حادث فيما مضى
بل زادني علما بما يتعقب
ما ازداد دهري في التعنت والأذى
إلا بلغت من العلا ما يصعب
ما ضرني لقب يزول ورتبة
ما دام في الألقاب ما لا يعذب
ما كنت من أهل التنعم والحلى
كيما أخاف من الزمان وأرهب
ما لذ لي يوما طعام طيب
أو نالني مال أقول سيذهب
حالي كأهل الفقر فيما كابدوا
من ملبس أتعبت فيه وأتعبوا
أهوى التقشف ما استطعت فإن مضى
مال أفرقه فماذا أندب
الرزق في الدنيا كثير واسع
عين تفيض به وأخرى تنضب
ما الخوف إلا أن يقال تقهقرت
جبنا ولما يأت ما تتطلب
غرسي أخاف عليه من وقع الردى
بعد الكمال وذاك غرس طيب
غرس سهرت الليل في تقويمه
حتى نما فله أبش وأغضب
جاهدت لا أبغي الثراء وإنما
فخر البلاد وعزها ما أطلب
سيان عندي المال أو فقدانه
إن فاتني مما أحاول مأرب
أرجو لبنت النيل كل فضيلة
لا تعبث الأيدي بها أو تلعب
ويحارب الدهر الخئون مآربي
ويعينه نزق الرجال فيغلب
علماء دين الله ماذا صدكم
والناس يعجبها الفساد فتطرب
أضحت ديار العلم تحت عيونكم
فضل يموت وعفة تتعذب
حاولتم الإصلاح في تمثيلنا
وتركتم للعلم دورا تخرب
ولوا إلى دور العلوم وجوهكم
وتعهدوها بالنصيحة واكتبوا
فعسى يفيق المفسدون فإنهم
أخفوا بما فعلوا الكمال وغيبوا
يا أيها الملك المفدى ملكه
فخر البلاد وعزها لك ينسب
فاعطف على دور العلوم فإنها
ترجوك للإصلاح فيما تطلب
في الموضوع أيضا:
أتى الليل واستعصى المنام المحبب
وباتت توافيك الهموم وتتعب
وما أنت من أهل المجون فتسهري
ولا لك في باب السياسة مأرب
فماذا أطار النوم عنك وقد مضى
من الليل ثلثاه وها الثلث يذهب
أتخشين جور الدهر والعيش ناعم
وحولك أقوام على الدهر غلب
نعم قد أخاف الدهر إني عرفته
وأخشى كلام الشامتين وأرهب
يقولون ماذا تستفيد من العنا
فتاة بطول العمر تشقى وتدأب
تجد ولا تلقى من الفضل منجدا
فلا كان قلب بالعلا يتعذب
وقد أسرفت في الجد حتى تضاءلت
وكادت بقايا جسمها تتغيب
وهذا جزاء المسرفين فما لها
تلوم على هذا الزمان وتعتب
ولو أنها هانت لزالت همومها
وكانت كباقي الناس تلهو وتلعب
فهذا كلام الشامتين وإنه
أشد من الموت الزؤام وأصعب
وإني وإن جار الزمان عزيزة
فلا أنثني جبنا ولا أتقلب
سأصبر في حرب الزمان وأهله
وإن جمعوا أعوانهم وتألبوا
أحاربهم بالحق حتى أصدهم
وسرعان ما يعلو المحق ويغلب
شكوى أخرى:
ساء هذا الدهر كم يردي الذكيا
ويجل القوم مغرورا غبيا
لا يرى العميان ما فخر الثريا
فاعذروهم إن يظنوا الرشد غيا
ودنيء الطبع لا يهوى العليا
ليس يرضى الشهم أن قالوا تصدى
لفتاة أو على فضل تعدى
ويظن الغر سوء البطش مجدا
فيعادي ذات خدر مستعدا
أن ترى العذراء ظلما سمهريا
رابه منها رداء لا يزان
وفؤاد ليس يدري ما الهوان
ثم أعياه لدى القول البيان
قد رأى شهما وحيره العيان
فغدا في الظلم جبارا عتيا
قد رأى في الجبن خذلانا وعابا
فأراد الحرب لا يدري الضرابا
خاف إن لاقى هماما أن يصابا
فانثنى يغتال من أرخت حجابا
كي يقول الناس أرهبت العصيا
قد نجحت اليوم فاهنأ بالمراد
أن كل الفخر في لبس وزاد
متع الطرف بحسن في ازدياد
ودلال ناعم سهل القياد
واترك المعروف والفعل السويا
إن تكن هدمت ما قد شيدوه
فلقد أظهرت ما لم يظهروه
تطلب المدح ولما يطلبوه
ولذا أنفقت ما لم ينفقوه
للصحافيين كي تطرى مليا
هل تداري السوء يوما بالصلاة
وتظن اللين يخفي السيئات
إن ما تجنيه من ماض وآتي
ليس يخفيه ادعاء الصالحات
فاترك البهتان والقول الفريا
قل لمن قد ذاد عنه جئت عارا
كيف ترضى لأخي الظلم انتصارا
تعلم الحق وتخفيه اضطرارا
يا زكي القلب ما هذا فخارا
قد عهدناك هماما عبقريا
قد أخاف عليك من نظر القضاة
يوم ترمى بسهام صائبات
ويطول القول في ماض وآتي
وكلام الصدق أمضى القاطعات
يخرس المقوال والشهم الذكيا
شكوى من التعليم:
إذا ألقت الأقدار يوما جواهرا
بأيدي وحوش ضاريات كواسرا
فقد فقد الدر النفيس فخاره
وصار حشيش الأرض أغلى وأفخرا
ولو وسط الأعجام سحبان قد أتى
بخطبته الفيحاء لارتد خاسرا
فكيف ينال النبه في الناس فاضل
وقد صار كل الناس غرا وفاجرا
فلا تتخطي الحزم يا نفس واعلمي
بأن لهذا العمر ما طال آخرا
وإن كدرت دار الفناء التي هي
طريقك للأخرى فقد يحمد السرى
ومر مذاق السير لولاه ما غدت
حلاوة وضع الرحل تغري المسافرا
فعمرك يوم ثم ليلك حشره
ومن رقد الأيام فليمس ساهرا
وغاية نيل العلم طلبتك التي
أرتك نياب الدهر سودا كواشرا
وقد أبت الأيام تتميمها فلا
فؤادك مرتاحا ولا النجح ظاهرا
رأيت بدور العلم غير الذي به
أخو أدب باهى الزمان وفاخرا
وأكثر ما يأتيك في الدرس لا يفي
بحاجة راجي العلم إلا تظاهرا
فكنت كرام وسط بحر شباكه
ليخرج أسماكا ويرتد ظافرا
وأخرج بعد الجهد أغلب صيده
حصى فرماه في التراب وبعثرا
لعلك إن داومت تعلق تصادفا
شراكك بالمرجو وإن كان نادرا
بقاؤك فيمن تبغضين لحاجة
متى قضيت نلت المنى المتعذرا
أعلل نفسي بالرحيل إذا انقضت
لبناتها كي تستقر وتبشرا
ورب ظلوم من بني الدهر ساءني
لذا كرهت نفسي المقام المشهرا
وعلمني دهري محاباة ذي الغنى
وخفض جناح الذل إن شمت قادرا
ولما رآني لست من أهل فنه
وعاين باعي في التملق قاصرا
أثار علي الحرب حتى يذلني
وأسلم حبلي جائر الحكم غادرا
ويمنع ذلي عزة عربية
ولو فعل الدهر الخئون الذي يرى
أنخفض ذلا للغريب رءوسنا
ونهدم بيتا في ذرا العز عامرا
نروم بذل النفس عزا لذي العدى
وإن سنح الأهلون نعلو تكبرا
فيا أمة القرآن لا تجعلوا الذي
يكذب بالحسنى وليا وناصرا
بعد إلغاء مدرسة معلمات المنصورة:
يا نفس لا تطمعي في الصفو والجزل
وانفي المحال وردي خاطر الأمل
لو لم تكوني بحسن الظن مولعة
ما ضاع عمرك في كد وفي عمل
قالوا ينال نصيبا كل مجتهد
وها نصيبك من نصب ومن عطل
ليس اجتهاد امرئ في الناس يسعده
وربما تمت الآمال بالكسل
حتام أزرع في الدنيا بلا ثمر
وبالتعلل تقضى مدة الأجل
هلا قضيت من الأعمال لي وطرا
وقد مضى البعض من عمري على عجل
سعيت في السبق حتى نلت أوله
ولست أعلم أن الهم للأول
فأعقب الدهر بعد الكد لي ندما
وهكذا الدهر فيه خيبة الأمل
حالي لكل لبيب أسوة وله
فيه النصيحة عند الحادث الجلل
قد كنت بين فتيات إذا دعيت
للعلم كنت لها كالنور للمقل
فازت بنيل أمانيها بلا تعب
وخيب الدهر آمالي فما عملي
وقد بليت بقوم لا ذكاء لهم
لديهم الجد في العلياء كالكسل
والصبح كالليل في عيني أخي رمد
والفضل كالنقص عند المعشر السفل
ماتت لذلك آمالي فوا أسفا
والعيش لذته في بارق الأمل
وقد رمتني الليالي من كنانتها
بأحمق سافل الأخلاق مختبل
كم صال يرهقني سعيا لمأربه
ولو رأى خطة الإنصاف لم يصل
أصاب قلب رجائي واستهان به
فيا له قاتلا لم يرم بالوجل
ومجرم القوم مأخوذ بفعلته
وذاك تنصره الأقوام في الخطل
لو بالفضيلة والبرهان ناضلني
لارتد من ساحة الهيجاء بالفشل
لكن بسلطته والدهر واهبها
لمن يشاء بلا فضل ولا عمل
لا تحسبوه بسلبي المال مقتصرا
فالمال عارية إن تأت ترتحل
لي عنده ثأر موتور على شرف
إن لم أنله فإن الموت أفضل لي
حتام يا مصر ما فيك أخو ثقة
يفوه بالصدق في تكذيب منتحل
يمد للحق كفا ليس يرهبها
ظلم الظلوم ولا يغتر بالحيل
كفى بجهل أهاليك انحيازهم
إلى القوي وإن يعكف على الذلل
أخلاقهم كصفات الماء حائلة
يا شر منقلب منها ومنتقل
والماء يغريك بالألوان يسرقها
من الإناء وأشكال على نحل
بعد إلغاء قرار المجلس الخاص بإلغاء المدرسة وإعادتها كما كانت:
قد صفا الدهر وخاب المستبد
رب أرشدنا إلى الرأي الأسد
ساءهم يا مصر إدراك العلا
فرموك بالرزايا والنكد
وسعى المغرور فينا طالبا
أن يذود الخير عنا ويرد
هادم التعليم لا كان الذي
يهدم العلياء فينا ويهد
أنت غرس النيل هلا صنته
وبذرت الخير في هذا البلد
صدك الإعنات عن فعل العلا
ولهاك الحقد عنه والحسد
إن يعق النيل فرد واحد
فبنوه الغر موفورو العدد
كم بنوا في مصر دورا للعلا
عجز التخريب عنها فقعد
حاول الأفاك أن يخفي الذي
خلفوه من ثناء وقصد
فتولاه خبال وانثنى
هل يطيق الذئب إذلال الأسد
ما كفاه خيبة صادفها
في ذرا الفيوم إذ كر وشد
فأراد الثأر كي تتبعها
خيبة أخرى لما رام وقد
مصر يا أم المعالي والألى
هم لأهل الفضل في الدنيا سند
هل بنوك منهم هذا الذي
أخجل الأوطان لا كان الولد
أنت فردوس وهل في جنة
يدخل الشيطان صلى أو سجد
لا يغر الناس منه لينه
إنما الرقطاء ملساء الجسد
لم يسؤني إذ تعدى حده
بل أساء النيل ظلما وجحد
أنا لا أبغي ثراء أو منى
فأقول القصد ولى أو فقد
إنما غاية نفسي أن ترى
معهدا للبنت مرفوع العمد
وكفاني أن أراه سالما
بعد عام ضاع في أخذ ورد
لم يعبني تعب لاقيته
ليس يخلو من عنا الدنيا أحد
أنا والأيام لا تنكرني
لا أبالي طاب دهري أم فسد
معهد التعليم أجهدت الذي
كان يبغي السوء ظلما فخمد
قد سلمت اليوم فابق زاهرا
وفداك الروح مني والجسد
في نفس الموضوع:
لقد زال ما تخشين يا نفس فانعمي
ودومي بخير طفلة النيل واسلمي
وتيهي بعلم لن يزول سناؤه
وجري ذيول الفخر في مصر واغنمي
ويا دار تعليم البنات لقد مضى
بلاؤك فاسعي في العلا وتقدمي
بناؤك مرفوع العماد متينه
فأنت بحمد الله لن تتهدمي
سترقين ما شاء الإله إلى العلا
وتبقين رغم الحاسد المتألم
بقاؤك سعد للبلاد وغبطة
وهل يرتقي قوم بغير التعلم
وجل مرادي أن أراك رفيعة
تحلين في أسمى مكان وأعظم
ولست أبالي إن نأيت فإنني
إلى المجد أسعى لا على المال أرتمي
وما ضرني مال يضيع ورتبة
وخير بلادي كل ربحي ومغنمي
سأرحل عن دار لأخرى أشيدها
فأفتح أبواب العلا والتقدم
وأترك في المنصورة العلم شاهدا
بعزم فتاة تستبد بضيغم
أراد اعتداء أن يوارى فخارها
فباء بعار ليس يمحى ومأثم
يضحي انصياعا للغواية والهوى
بلادا تفدى بالنفوس وبالدم
مصالح أقوام تضيع لغاية
فتظلم لم تجن بأيد ولا فم
لذا شاء أمر الله أن تنصر العلا
وأن يبتلى منا الظلوم بأظلم
شكوى من الدهر، تخاطب فيها الشاعرة شقيقها المرحوم موسى بك محمد وهي لا تزال في السنة الرابعة الابتدائية:
إلى المقصود هل أجد السبيلا
فأذكر بالثنا الصبر الجميلا؟
يعاديني الزمان وكم أرتني
مكائد أهله الخطب الجليلا
ويثني همتي بالمكر حتى
وأيم الله فضلت الخمولا
وأن أبا الزمان غدا طريحا
بسيف أبي على البيدا قتيلا
فقام سليله يقتص مني
بثأر أبيه ما أشقى السليلا
وظن الحجب حاجبة المعالي
فأم بذاك قصدا مستحيلا
وما حجب الحجاب المجد عني
ولا عاق الغطا باعا طويلا
رضعت صغيرة ثدي المعالي
فكيف يسوغ عنها أن أحولا
وفي سن الشباب عرفت لما
خبرت الدهر ما فاق الكهولا
فإن يزور عني فلن أبالي
إذا أوليتني منك القبولا
فنعم الأخ أنت لدى الليالي
كسيف الله لا تلقى فلولا
سمي كليم رب العرش كدت
تضاهي فعله علما وطولا
فقد كان الدليل بخوض بحر
وبحر العلم كنت به الدليلا
وقد أبدى اليد البيضاء فيهم
وبيض يديك أولتنا الجميلا
فألق إن أردت إلى الليالي
عصاك فإنها تبدي الدخيلا
وتلقف كلما صنعته ظلما
ويقطع حدها قالا وقيلا
ولا تلم الفتاة على خمول
فما كسلا أردت ولا خمولا
أتوجس خيفة وتظن وهما
سواي علي يوما أن تطولا
وسحرا ما رأيت من الليالي
يحير دهرنا فيه العقولا
وموعدنا لقطع الشك يوم
به تزور من لبست حجولا
ويتسع المجال لذات جد
ويمكن عند ذلك أن تصولا
وسل إن شئت تصديقا لقولي
هماما يفعل الحسن الجميلا
لتعرف هل رأى مني ملالا
وهل أحجمت يوما أن أقولا
وهل ألقى دراريه علينا
وكان بجمعها عزمي كليلا
فحتام أرى فوقي أناسا
أراني فوقهم فعلا وقيلا؟
وهل يرضيك يا ذا النبل أني
أغادر منطق العرب الجميلا
وأعوج في كلامهم لساني
ليعطوني المسول والمسولا
ويأبى منطقي إلا اعتدالا
كما عودتني الزمن الطويلا
ولكني سأبذل كل جهدي
لعلي في النهاية أن أطولا
الباب الرابع
في المراثي
مرثية المرحوم موسى بك محمد شقيق صاحبة الديوان:
أيا دهر ماذا أرجو منك وقد ولى
همام هو المقدام والمثل الأعلى؟
أخي كان من أقوى القضاة نزاهة
وأمضى من السيف الحسام إذا استلا
وقسطاس عدل للضعيف عهدته
فلم يخش منه الجور أو يرهب الميلا
أبي يرى الإثراء في نيله العلا
شغوف بها من يوم نشأته طفلا
وديع فلم يرض الظهور تواضعا
ولم تر منه العين عيبا ولا هزلا
فواريت منه العزم والحزم والعلا
وأخفيت في أكفانه العلم والعدلا
أضعت شبابا زاهرا لو عرفته
لأصبحت لا ترضى بفقدانه بخلا
فلله ما أقساك يا دهر ضاربا
بسيفيك لا ترعى ذماما ولا إلا
ولله ما أقساك يا دهر ظالما
تحملني ما لا أطيق له حملا
ولله ما أقساك ترمي ضعيفة
بنارين لا تخشى ملاما ولا عذلا
ولله ما أقساك جرعتني الأسى
وعودت نفسي بعد عزتها الذلا
يقولون كانت كالرجال فما لها
وقد فاتهم أني فقدت به الحولا
وكنت به ليثا يصول بعزمة
فلما طواه الدهر صرت به ثكلى
فلا تعجبوا من حالتي بعد فقده
فقد كان يوليني المروءة والنبلا
وكانت له روحا علا فأعارني
لإخلاصه الأولى فكنت بها فضلى
فلما دفناه دفنت مواهبي
وأصبحت كالفرع الذي فارق الأصلا
وراح بروحيه وخلف جثة
فلا تبتغوا منها حياة ولا فضلا
لقد هد هذا الموت مني عزائمي
فلم يبق لي صبرا عليه ولا عقلا
وطاح بآمالي العظام وهمتي
فلم أستطع فعلا جميلا ولا قولا
وأغمض عيني في الصباح فلم تر
وأسهدها من أجل فرقته ليلا
وكان كيوم الحشر يوم وفاته
شهدت به من حول مدفنه الهولا
شهدت به الآمال تذهب في الثرى
وتبعث في أحشائي الهم والويلا
فيا قبر هل يبقى بك العلم والحجا
ويحرم منه الكون وهو به أولى
وتظفر منه بالحديث وطيبه
وتحفظ ذاك الثغر أم هو قد يبلى؟
سلام على آدابه الغر تنطوي
وكانت لنشر المجد لو بقيت أهلا
سلام على تلك الشهامة والعلا
وخلق هو الشهد المكرر بل أحلى
سلام على نبراس علم لبعده
ضللت فلم أحسن مقالا ولا فعلا
سلام على ذاك الذكاء وفطنة
تصير صعب المشكلات بها سهلا
سلام على الأيام من بعد فقده
ويا حبذا الموت المحبب لو حلا
مرثية المرحومة باحثة البادية:
يا درة عبثت بها الأيام
هل بعد فقدك يرتجى إكرام؟
يا خير باحثة يهاب يراعها
كيف استطاعت كسره الأعوام؟
يا خير زوج كان يرضي زوجها
منها خلال جمة ونظام
يا خير ربات المنازل فطنة
وأعز من يعزى لها الإحكام
قد كنت أولى النابغات بمصرنا
وأجل من دانت لها الأقلام
وكذاك رزؤك كان أول فاجع
دهم الورى فتوالت الآلام
كم نكبة حلت بنا من بعده
خشعت لها أبصارنا والهام
يا عام فقدك ما أشد مصابه
بئس البقاء به وبئس العام
لما علمت بما تكن صروفه
وضياء فكرك ظنه إلهام
لم ترتضي عيشا تخلله الأذى
بل سرت عنه وشأنك الإقدام
وكذاك كنت من الذكا بمكانة
ما شابها طيش ولا إبهام
كم قد تخيرت العلا بعزيمة
ما فاتها في نيل ذاك مرام
وكذا تخيرك الحمام بموقف
جم المكاره كله آثام
إني غبطتك في الممات فليتني
كنت التي سارت بها الأقوام
لو مت قبلك ما رأيت كوارثا
وعناد دهر دأبه الإجرام
عاينت بعدك فقد واحد أسرتي
وعماد ما يرجى لنا ويرام
ذهب الشقيق فحلو عيشي بعده
مر وكل الطيبات حرام
يا عامه المشئوم كم روعتني
وجرحت قلبا هاله الإيلام
قد كنت قبلك كالرجال وها أنا
ثكلى يروعها الأسى فتضام
أخفيت ضوء الشمس في جوف الثرى
وانهال فيك على الهلال رغام
سارت وسار كلاهما بدر هوى
فالكون من بعد الضياء ظلام
خطب دهى العلياء فارتاعت له
منا القلوب وحارت الأفهام
تسعى يد المقدار في خطف الألى
شغفوا بحب المكرمات وهاموا
تتسابق الأيام تنكيلا بمن
سبقوا الأنام فأقعدوا وأقاموا
فعلام يسعى المرء في نيل العلا
وجزاء سعي المصلحين حمام
قالوا يئست وليس هذا حكمة
والحزن لا يجدي لديه ملام
مرثية المرحوم زعيم الأمة المصرية:
أيوم اشتداد الخطب ينأى المسود
ويعوزنا في ظلمة الليل فرقد
ويرحل سعد والخطوب ملمة
وقد كان عند الخطب يرجى ويقصد
ويسكت ذاك الصوت من بعد رنة
تهيبها في الغرب دان ومبعد
وتكسف شمس الشرق عند شروقها
فلا يهتدى أي الطريق المعبد
ويرحل عن أفق الكنانة بدرها
وما عهدنا بالبدر إلا مجدد
فهل عائد يا سعد ضوءك بعدما
تولى وهل من سفرة الموت عود
بلى صوتك الرنان لا زال وقعه
يرن صداه هاتفا فنردد
وإن غيبت منك المقابر ماجدا
فشخصك باق في القلوب مؤبد
ومجدك ما واروه في الترب بعدما
سرى منه في نفس الشبيبة سؤدد
فكلهم سعد إذا جد جدها
وكلهم سهم قوي مسدد
وهل يفرح الأعداء فقد مجاهد
لهم منه بعد الموت خصم مؤيد
ومصر التي أنمتك يا سعد لم تمت
وإن هدها في يوم موتك مشهد
ستبقى على رغم العدو منيعة
لها منك بعد الموت عون ومسند
تعلمت الإقدام منك وهكذا
يؤثر في الآلاف فرد موحد
ذكاؤك هل سيل الدموع وإن طغى
سيطفئ منه شعلة تتوقد
سيبقى منيرا يرشد الناس للعلا
كما كنت قبل الموت تهدي وترشد
لحا الله هذا الدهر كم هد أمة
بفقد فريد كان يرجى فيحمد
وكم ضيعت آمال مصر صروفه
وطاح بمجهود الرجال التعند
تيقظ سعد والبلاد بغفلة
ونام وقد هبت من النوم ترعد
فلا تفرحوا أعداء مصر فخصمكم
تولى وكل القطر يرغي ويزبد
ويا زوجة الشهم الأبي تجلدا
وإن عز في هذا المصاب التجلد
ألم يعدك سعد وفيه شهامة
وقلب يفل الحادثات مؤسد
فكوني كما كان الرئيس قوية
ويكفيك من سعد ثناه المخلد
مرثية المرحوم محمد أمين بك لطفي وكيل وزارة المعارف:
لحا الله هذا الدهر كم هد مفردا
وكم خيب الآمال فينا وأفسدا
يكر على مصر فيخفي نجومها
كما أخفت الأنواء في الليل فرقدا
يعادي أبي النفس ظلما وقسوة
ويردي المفدى بالنفوس الممجدا
يصول على أهل النبوغ بجيشه
فيخطف منهم سيدا ثم سيدا
لياليه كم جارت على كل نابه
وطاحت بمن أعلى البلاد وأسعدا
فلا غرو إن خانت أمينا فإنها
رأت في اسمه المحبوب رمزا مؤيدا
رأته أمينا يفتدي مصر بالدم
فضنت بلطفي أن يعيش فيسعدا
رأته ذكيا يرفع العلم جاهدا
فيولي بلاد النيل مجدا وسؤددا
رأته كشمس الصبح يسطع صاعدا
فيمحو غمام الجهل أنى تلبدا
رأته غيورا لا يقر قراره
ولا ينثني إلا أبيا محمدا
رأته قوي الجأش لا يخشى ظالما
ولا يتوانى أن يقول فيحمدا
فضنت على مصر به شأن حاسد
يرى في وجود الخير هما مجسدا
نعم حسدتنا النائبات على المنى
فحطم سيف كان صلدا مجردا
وأسكت صوت كان حلوا سماعه
وطاح يراع كان سهما مسددا
لقد فجعت فيه الحوادث أمة
رأت في فقيد العلم عونا ومسندا
رأت فيه شمل المكرمات مجمعا
فلما نعته الناعيات تبددا
فيا أسرة الشهم الكريم لقد مضى
وخلف كنزا في العلوم مخلدا
وخلف ذكرا ليس ينسى ثناؤه
وفخرا على كر الليالي مجددا
فهل ذاك يأسو من جراحك بعدما
أصبت بما أضنى الفؤاد وأسهدا؟
بلى لسنا ننسى ما حيينا مصابه
ولا نرضى للحكماء منا التجلدا
مرثية الأستاذ المرحوم محمد عبده وصاحبة الديوان في السنة الثالثة الابتدائية:
لقد مال ركن الدين وانهدم الفضل
وأقوت ديار العلم وارتحل العدل
وغالت يد المقدار نفس محمد
فكان نصيب الكون من بعده الثكل
فهلا قضى العافون حزنا لفقده
ومادت رواسي الأرض وانطبق السهل
وهلا فديناه بخير هداتنا
فليس له في علمه منهم مثل
وكان سراجا وسط قوم وجلهم
أخو رمد أو حاسد صده الذحل
وغيثا على الصوان كان هبوطه
وهل تخصب الصما وإن هطل الوبل
وما كان إلا رحمة الله للورى
فجار بهم عن شكر نعمته الجهل
وسيفا لنصر الدين جرده الفكر
فأجلى العمى وارتد في غمده النصل
قضى عمره في خدمة الدين جاهدا
وكان له في نصره الباع والحول
وما زال في نشر المعارف ساعيا
إلى أن طواه الدهر فاستتر النيل
ذكي تقي زين العلم فعله
بحسن اجتهاد لم يكن شيم من قبل
كريم لكل الناس فيه مآرب
فللأغنيا علم وللسوقة النيل
تجمع شمل المكرمات حياله
وغاب عن الأحياء فانصدع الشمل
فيا راحلا للعرف إثرك لوعة
وللفقه والتفسير من بعدك الويل
سهرت وجاهدت الضلال وأهله
وساعدت أهل الرشد حتى انجلى الليل
وبانت كضوء الشمس كل حقيقة
فما ضل عن تحصيلها من له عقل
وأظهرت آيات الكتاب وفصحه
بقول إذا جد المرا فهو الفصل
فإن جحد الجهال فضلك والنهى
فقد كذبت بالإفك من قبلك الرسل
وفي الخلد إخلاف الذي قد بذلته
من العمل المبرور لا يبخس الكيل
مصابك قد ساء المعالي وأهلها
كما كان يرضيهم فعالك والقول
ولولا الذي خلفته من معارف
لضاقت بنا الدنيا وزاد بها الهول
لنا في الذي دونته خير ملجأ
كما كان قبل الموت في ربعك الظل
فصبرا جميلا معشر الشيخ للقضا
وهل من مقيم لا يشد له رحل؟
ذكرى باحثة البادية، وفيها إشارة إلى حالة الأخلاق في التعليم أيضا:
ما غاب من ملك علاها بل ظهر
لما توارى النبل منها واستتر
وهوى بباحثة القضاء وحكمه
أما مباحثها فدان لها القدر
كانت كشمس الصبح تسطع في الضحى
إن كان أهل العلم يوما كالقمر
ظهرت مواهبها الكثيرة طفلة
وأنار روض العلم فكر مستعر
ما كان في أبناء مصر مثلها
وبذاك فضلت النساء على البشر
هاكم أشقاها وإن ملئوا علا
هل فيهم من فضل باحثة أثر؟
لو أنها عاشت لكان ذكاؤها
يهدي الذي جهل النساء وإن كفر
لهفي على شمس توارت في الضحى
قبل الأوان وضوء فكر قد قبر
كم جاهدت في حب مصر فأتعبت
مقلا أضر بحسنها طول السهر
كنا نؤم لدى الحوادث شخصها
فبمن نلوذ وقد أحاط بنا الخطر؟
ملك لقد جحد الرجال نبوغنا
ونسوك لما زال عهدك وانقبر
هل تقدرين على الكلام ليعلموا
أن النساء أجل من يلقي الدرر
لو أنهم سمعوك يا ابنة ناصف
تتسامرين لهالهم حلو السمر
قومي فخطي من بيانك أسطرا
تهدي عنيدهم وإن فقد البصر
ردي لنا الفضل الذي ولى فقد
دفن الكمال بجوف قبرك واندثر
هبي ندافع عن كرامة جنسنا
فسواك لا نرضاه في كر وفر
هزي اليراع فإن طول سكونه
حرم النساء من الرقي المنتظر
هزي اليراع فإن مصر بحاجة
ليراع فاصلة وعقل مقتدر
هزي اليراع فإن كل فضيلة
تدعو النساء إلى النضال المستمر
ضاع العفاف فهل سمعت بفقده
وبمن أصابوا القلب منه فانفطر
قطعوا غصون المجد فينا عنوة
ولأنت أول من جنى منها الثمر
يا شمس نهضتنا وغيث رياضنا
غاب الضياء ولم يعاودنا المطر
فذوت رياض العلم بعد نمائها
وهوى بها جور الحوادث والغير
هل كنت يا ابنة ناصف إلا هدى
يهدي الأنام فذاع صيتك واشتهر
شهد الرجال بما لذاتك من علا
في الخافقين وما لشأنك من خطر
وهم الألى غبنوا النساء وأنكروا
ما كان من مجد لهن ومن ظفر
فإذا أتى منهم بفضلك شاهد
دلت شهادته على صدق الخبر
هذي جموعهم تدل صراحة
أن التي يبكون أفضل من خطر
فإليك من كل القلوب تحية
تهدى إلى جدث بمثلك يفتخر
مرثية المرحومة عائشة هاتم تيمور، قالتها صاحبة الديوان وهي في السنة الرابعة الابتدائية:
حتام تبدو للأنام هموم
وتغيب عن أفق الكمال نجوم؟
وإلام يغتال المنون ذوي العلا
ويصاب عن سهم الفناء كريم؟
تلك المنية غلظت أيمانها
إلا على حوض الكرام تحوم
أخذت يتيمة عصرها وترحلت
فكوى القلوب رحيلها المشئوم
سكب الدموع النثر فوق ترابها
فغدا به المنثور والمنظوم
ألقى محاسنه البديع بجيدها
والكون منه عاطل محروم
طويت فهل نشر البلاغة يرتجى
وكثير قول العالمين عقيم
أقسمت لو عصمت من الموت العلا
أحدا غدت وبقاؤها المعصوم
يا عصمة فتك الحمام بها وقد
كنا نود بقاءها ونروم
بكت السماء عليك إذ وارى الثرى
ذاك الحجى واستوحشتك رسوم
حجبت ضياء الشمس عن عين الورى
يوم الممات سحائب وغيوم
واسودت الدنيا لفقدك حسرة
وثوى بأفئدة الجميع كلوم
فاستقبلي دار السلام وخلدها
فجزاك فيها جنة ونعيم
الباب الخامس
في التهاني والمديح
استقبال حضرة صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد الأول في مدرسة معلمات الورديان:
لنا فيك من جور الزمان أمان
ورحمة قلب ترتجى وحنان
نشأت من القوم الذين بجدهم
غدوا ولهم فوق النجوم مكان
وكنت كما كانوا شموسا سواطعا
أبنت لنا نور الهدى وأبانوا
ولولا أبوك الشهم ما كان بيننا
مآثر فخر يزدهين حسان
مآثر أعلى صرحهن محمد
فطلن ولم يغدر بهن زمان
وجاء بنوه فاستزادوا مفاخرا
وأحيوا نفوسا للعلا وأعانوا
وهذا الذي شادوه بالفضل شاهد
لسان عظات ناطق وبيان
وأنت فؤاد للسان وخاطر
وهل كان من غير الفؤاد لسان
جمعت خلالا ما جمعن لماجد
فهن لأصل المكرمات كيان
وفاق وإخلاص ورأي وحكمة
وهمة ليث في الوغى وجنان
فأنت سلام للصديق وجنة
وأنت ضراب للعدى وطعان
تسير فيمن أين سرت وغبطة
وآيات بر بالثناء تزان
وتأتي ديار العلم ترفع شأنها
فأنت لها من أن تضام ضمان
وترجو ارتقاء البنت بالعلم جاهدا
وعزمك سيف قاطع وسنان
رأيت حياة الشعب في رفع شأنها
فقمت بما تعلو به وتصان
ستزهر من بعد الذبول رياضنا
بمقدمك الأسنى ويرفع شان
وما دمت ترعانا وتحمي ذمارنا
فلا حل فينا ما بقيت هوان
فعش سالما تسعى لسدتك المنى
تباعا ويحلو مسمع وعيان
استقبال حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول في الإسكندرية بعد ارتقائه عرش مصر:
حللت الثغر مزدانا فزادا
وكنت لنور بهجته فؤادا
ظهرت لشعبك المحبوب بدرا
وكنت لمقلة الدنيا سوادا
وكنت كما أراد الله شهما
قوي القلب لا تألو اجتهادا
فما رأت الخلائق قط ركبا
كركبك يوم شرفت البلادا
رأوا ما حير الأبصار حسنا
وما أنساهم إرما وعادا
جلال فوق عز الملك فخرا
وعز متوج بهر العبادا
فتاه الثغر من فرح وعجب
كأن زمان بطليموس عادا
وساد بذاك عاصمة تسامت
وجلت قبل ذلك أن تسادا
ولو قدرت بلاد سرت عنها
لسارت في ركائبك انقيادا
أراد الله أن يحظى سواها
كما حظيت وأن يعطي المرادا
فأنت الغيث إن ينزل بلادا
تمنى غيرها لو أن يجادا
تود معاهد الفتيات طرا
لو ان صروحها صارت مهادا
لتمشي فوق هامتها جياد
أتت لسمو راكبها تهادى
غبطن معاهدا فازت بسبق
وشرفها المليك بما أفادا
فهل تحظى بما ترجوه يوما
فيصبح مجدها الفاني معادا
حللت بكل قلب فاطمأنت
قلوب فيك أخلصت الودادا
فدم للقطر فخرا وابتهاجا
ينل بجميل رأيك ما أرادا
تهنئة لحضرة صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد بالشفاء من مرض ألم به:
ما غاب إلا مثلما غاب القمر
ليجدد الآمال فينا إن ظهر
والشمس لو دامت لعاشق ضوئها
ما هام بالإشراق في الدنيا نفر
فاسطع أبا الفاروق إن قلوبنا
قد شاقها ذاك الجلال المستتر
واظهر لشعبك يا مليك فإنه
يفديك بالروح العزيزة والبصر
حاشا يقال مرضت إنك فوق ما
تشقى به الدنيا ويخشاه البشر
ما أنت إلا كالكواكب تارة
تبدو لناظرها وطورا تستتر
فإذا ظهرت فأنت قبلة أمة
وإذا استترت ففي قلوبهم المقر
وضعتك في كل القلوب فضائل
قد زانها تأييد ربك والظفر
عيد الرعية أن تراك منعما
تختال في الإقبال لا تخشى الخطر
فاهنأ بهذا الفوز إنك أهله
يا خير من أحيوا بعدلهم عمر
وانعم بيوم البرء وافى مثلما
وافى على الأزهار هطال المطر
يا حسن حظ الثغر يحظى أهله
من بعد ذاك البعد بالوجه الأغر
يبدو المليك لثغرهم في حلة
نسجت من الإجلال تسترعي النظر
فيهلل الأقوام عند ظهوره
فرحا بعودة غيث مصر المنهمر
يا صاحب الملك المفدى هكذا
يبقى الملوك بفعلهم أبهى أثر
ساعدت «ترقية الفتاة » فأصبحت
فوق المعاهد في رقي مستمر
سيظل يظهر للعيون وجودها
بعض الذي فعل المليك المقتدر
هي قطرة من بحر جودك أنبتت
غصنا بهي الشكل مرغوب الثمر
يدعو لك الفتيات في رحباتها
بأعز ما يرجوه شعب قد شكر
ماذا يقول الحاسدون وهذه
أعمال رب النيل تبدو كالدرر
هل كان إلا رحمة من ربه
إن حل في أرض يزايلها الكدر
مولاي إنك مفرد في كل ما
تأتيه من خير وتقصي من ضرر
فاسلم لهذا الشعب تعلي شأنه
وتعز جانبه وإن كره القدر
أنت الفؤاد وكل ما نصبو له
وجميع من في هذه الدنيا صور
توديع حضرة صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد عند مبارحته ثغر الأسكندرية بعد أن شبت النار في قصر عابدين العامر:
إن قلب الثغر إن كسرا
حين ينوي ربه السفرا
فهو مشغوف بطلعته
يزدهيه العجب إن خطرا
فإذا ما رام فرقته
حل فيه الهم فانفطرا
سيد جلت فضائله
عن مثيل يشبه البشرا
قد تغالى في عوارفه
فاهتدى في مصر من كفرا
حبه في قلب أمته
راع منها السمع والبصرا
إن وادي النيل يعشقه
ويرى في حكمه الظفرا
قصره من طول فرقته
هب فيه الشوق فاستعرا
حسبوها نار حاسده
قد أتى يبغي له الضررا
ما أصاب الرأي قائلهم
هل هنا من يكره القمرا؟
هل لدينا من ينافسه
وهو يحيي بيننا عمرا؟
إن قصر الملك من شغف
لم يطق في البعد مصطبرا
كم سما مذ حل ساحته
رب هذا التاج واشتهرا
فإذا الرحمن أسعفه
بلقاء فاز وافتخرا
سيعيد القصر بهجته
أن رأى الفاروق قد حضرا
فبحمد الله رحلته
وعلى الأكباد إن خطرا
استقبال جلالته بثغر الإسكندرية:
يا ثغر ته عجبا بفخر دائم
فمليكنا وافى بثغر باسم
يأتي كشمس الصبح موفور السنا
فيزيح عنك ظلام ليل داهم
فنهارك الصيف المضيء بوجهه
ولذاك كنت لدى الشتاء كنائم
فافتح عيونك بعد طول بكائها
واملأ فؤادك بالهناء القادم
وانظر أبا الفاروق عند قدومه
فجلاله فوق اقتدار الناظم
هو بهجة الدنيا ومنبع خيرها
وأجل مأمول وأفضل حاكم
كم فاز بالرأي السديد كفوزه
إن صال بالسيف الصقيل الصارم
قد زانه الأنجال حاطهم المنى
بالعز والملك العظيم الدائم
فاهنأ بركب جاء يخطو رافلا
والثم أنامل رب مصر الراحم
واسأل إله العرش يبقي شخصه
عون الكمال وفخر هذا العالم
مولاي إن الثغر يبكي حرقة
عند الفراق بدمع صب هائم
فاعطف عليه وزد زمان هنائه
فسروره بك مثل حلم الحالم
وإذا خشيت من الشتاء وجوه
فذكاك يذهب بالضباب القاتم
لا ينزل المطر المرجى بلدة
وبها همام في العطاء كحاتم
فاسلم لنا يا خير من رقي الذرا
وأجل مقدام وأكبر حازم
تهنئة بعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد الأول:
هنيئا أبا الفاروق لا زلت منعما
نرى في محياك الفخار المجسما
جلست على عرش الكنانة فاستوت
قوائمه من بعد ما قد تهدما
وعادت إلى مصر الحياة فبادرت
تحاول أن ترقى إلى العز سلما
ونادت بصوت أفزع الغرب وقعه
فعاد إلى أعدائها الرشد بعدما
ولولاك ما فكت من الأسر قيدها
ولا اسطاع رب الحق أن يتكلما
فإن حمدوا في ذلك الخطب سعيهم
فقد كنت في هذا الفؤاد المنظما
وأرسلت من إخلاصك الجم نفحة
فأحييت أمواتا وأيقظت نوما
فيا فخر وادي النيل هل أنت قانع
بما كسبت يمناك مما تقدما؟
عهدناك لا ترضى من الفخر بالذي
حويت وإن أعيا الزمان وأفحما
عطفت على دور العلوم بهمة
فكنت لها بحرا وكنت لها سما
كما فعل إسماعيل قبلك في العلا
فقد شاد للعلم الصروح وأحكما
هدى ما أراد الله للمجد قومه
وخلف أقمارا تضيء وأنجما
فيا خير أشبال الهمام شجاعة
ويا خير أبطال الزمان تكرما
سل الدهر صفوا للكنانة إنه
فتاك إذا أسمعته القول أقدما
سئمنا تصاريف الحياة فقل له
كفى في رقاب القوم أن تتحكما
وهز له الهندي أنك قائد
يقم بالذي تهوى وإن كان مرغما
فقد نلت يا رب الفضائل نعمة
حسامك والرأي السديد المقوما
فحاربه بالسيفين إنك حازم
جريء متى أقدمت خاف وأحجما
ويا عيد مولاي المليك تحية
فإنك آت بالمسرات مفعما
ففيك رأت مصر العزيزة شبلها
فؤادا فأعلى ذروتيها وأعظما
وفيك ترى بعد التخاذل عزها
فأنت لها سؤل وأنت لها حمى
فعد كل عام بالمسرات حافلا
وكن مثل رب التاج يمنا ومغنما
تهنئة بمولد حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول:
هنيئا بنجل جاء باليمن يخبر
يلوح عليه المجد والمجد يبهر
نظيرك يا رب الأريكة في العلا
قوي يذل الحادثات ويقهر
سيجعله الرحمن فاروق أمرنا
يفرق عنا ما نخاف ونحذر
تلين الليالي القاسيات لوجهه
وهل تثبت الظلماء والبدر ينظر
أفاروق هذا ملك جدك فارعه
فإنك بالسعد المرجى مبشر
كفى عبثا يا حادث الدهر إننا
يبشرنا بالخير وجه منور
يبشرنا بالخير وجه أميرنا
فلا زال بالإقبال يزهو ويزهر
ولا زلت يا رب الأريكة منعما
على عرش وادي النيل تنهى وتأمر
تهنئة بمولد حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة فوزية:
لقد سطعت شمس الضحى وتجلت
وقرت ببنت الملك عين الرعية
ففوزية الحسنا تبشر بالعلا
وبالفوز مقرونا بعز وغبطة
سعدنا بفاروق وفزنا بأخته
كلا ولديكم رمز مجد ورفعة
فعش لهما يا صاحب التاج سالما
تنال الأماني في سرور وصحة
تهنئة بمولد حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة فائزة:
كريمة رب التاج أهلا ومرحبا
بوجه رأينا فيه للعز كوكبا
أفائزة فزت بنصر أتى به
أب فاز في نيل المعالي فأسهبا
أب زاد في الإحسان حتى حسبته
لكل جليل من فضائلنا أبا
أب قصر الفوز المرجى على اسمه
فسمى بفاء الفوز نسلا مهذبا
ثلاثة أقمار توالت مضيئة
ترى في سماء العز مسرى ومذهبا
فقر بهم عينا أبا المجد إنهم
لأفضل ما أهدى الزمان وأنجبا
مدح لحضرة صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد بعد أن أنعم على مدرسة الشاعرة بسهمين من أسهم الموحد:
بأي ثنا أثني عليك وأحمد
وأنت أبا الفاروق في الفضل مفرد
تفردت فاستعصى القريض ولم أجد
وكنت أجيد القول لولا التفرد
تقوم بإعلاء الكنانة جاهدا
فيرقد أهلوها وجفنك مسهد
وتحيي ديار العلم علما بأنها
ستنشر مجدا داثرا وتجدد
فكم دار علم أثمرت حين زرتها
وكم فاز إذ شرفت مغناه معهد
فيا ملكا أحيا العلوم وأهلها
وشرف ناديها لأنت المؤيد
وأنت حياة العلم في مصر قائم
وفرع الألى سادوا الفخار وجددوا
فمن رام ما تبغي من المجد فاته
وهل قيس بالأصداف در منضد
وأنت رجاء القطر بل ذخر أهله
فدم لبلاد ترتجيك وتقصد
ودم لبنات النيل كنز معارف
ترد عوادي الجهل عنها وتبعد
تهنئة بعيد جلوس المغفور له جلالة الملك فؤاد:
مولاي عيدك خيره مأمول
تسمو البلاد به ويحلو النيل
يأتي كقطر المزن حلو وقعه
فيعمنا التكبير والتهليل
ويزيد عيدك في المهابة أنه
يوم على إعلاء مصر دليل
شرفت أعواد الأريكة فانثنت
تزهو على أمثالها وتطول
يا شبل إسماعيل كم لك منة
تهب العلا في طيها وتنيل
شيدت دورا للعلوم كمالها
يشدو بما أوليتنا ويقول
ولخير مدح للملوك فعالهم
لا الإفك يخفيها ولا التضليل
هذي فعالك أثمرت في ثغرنا
فأجل مدح في علاك قليل
لا تنس ترقية الفتاة فإنها
ركن بما يرجى لمصر كفيل
رويت نبعتها وصنت ذمارها
فإليك ينسب برها المسدول
يا فاتحا دور العلوم بصارم
ما عاقه عما أراد فلول
ثق أن فتحك خير فتح ناله
ملك همام للعدو أكول
شتت جيش الجهل إذ أخنى بنا
وقضى عليه حسامك المسلول
يا قائدا قاد الجموع إلى الذي
سعدت به الدنيا وطاب الجيل
ألفت بين الشعب حتى إنهم
قالوا هداه الوحي والتنزيل
قد آمنوا بعلاك لما عاينوا
أن ليس للملك الجليل مثيل
مهلا أبا الفاروق إنك واحد
فرد له التعظيم والتبجيل
فاهنأ بما أوتيته من نعمة
وابشر فذكرك خالد وجميل
تهنئة بعيد الجلوس أيضا:
أعيد ارتقاء العرش إنك موكل
بكل الذي ترجوه مصر وتسأل
حللت كما حل الربيع بروضة
فأنت المرجى للبلاد المؤمل
سما بك شهم لا تحد صفاته
شغوف بحب المكرمات مكمل
قوي على رد الزمان وأهله
إلى الحق لا يغفو ولا يتحول
معنى بإعلاء الكنانة مولع
براحة أهليها كريم مبجل
زها العلم لما قام فينا لأنه
لكل رياض العلم في مصر منهل
فإن أزهرت فالبحر يسقى أصولها
وينزلها الغيث الغزير فيهطل
سلوها عن الإحسان في يوم عيده
فقد جاء هذا العيد يعطي فيجزل
ويا ثغر كم من معهد فيك أثمرت
شجيراته لما بدا الغيث ينزل
وكم من أياد كللتك وهكذا
يكلل بالإحسان ذاك المكلل
بنى فيك «ترقية الفتاة» وشادها
على خير ما يبنى بناء ومعقل
ستبقى على كر الزمان منيعة
تردد آيات الثناء وتنقل
تسير بتعليم البنات إلى العلى
ويرشدها الرحمن فيما تؤمل
فلا نطقت في غير مدح مليكها
فتاة تحب العلم منا وتعقل
ولا خرجت في غير موكب عيده
محجبة تثني عليه وتقبل
فقد طوق الأعناق في مصر بره
فطاب لنا فيه الثناء المطول
وغاب فلم يبعد عن الشعب خيره
وما كان إلا الشمس تبدو وتأفل
فقوموا رجال القطر في يوم عيده
وحيوا جلال الملك جهرا وهللوا
وطوفوا برب التاج عند ظهوره
يهل كما يبدو الهلال المكمل
ووفوا أبا الفاروق شكرا فإنه
أجل الملوك العاملين وأفضل
فيا صاحب التاجين إنك عدة
وكنز ثمين للبلاد وموئل
فدم كعبة القصاد تخدمك المنى
ويرعاك ربي في علاه ويكفل
تهنئة بعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة المغفور له فؤاد الأول:
هنيئا لمصر بشهم حكم
فأرضى المعالي وأحيا الهمم
فيوم ارتقاه ذرا عرشها
لعيد الرعايا وأصل النعم
فيا مصر تيهي فخارا به
وحيي علاه وهزي العلم
يحب العلوم وأربابها
فكم زان درسا وأحيا قلم
وكم جار دهرك في حكمه
فعارض فيك زمانا ظلم
أمير الكنانة مقدامها
كثير الفعال قليل الكلم
يجيب لداعي العلا ما أتى
كبير المعالي عظيم الكرم
له حسن رأي يفل الظبا
وقلب قوي وأنف أشم
إذا رام خيرا سعى نحوه
بهمة ليث الوغى واعتصم
أمولاي مهلا فقد فقت ما
أتاه ملوك العلا في القدم
تحبك مصر وأبناؤها
وتعرف معنى علاك الأمم
فدم للمعالي معينا تفز
بمسعاك مصر ويسمو الهرم
زيارة حضرة صاحب العظمة المغفور له السلطان حسين لمدرسة معلمات الورديان بالإسكندرية سنة 1919:
اهنأ فأنت بكل خير قائم
ناديك مقصود وظلك دائم
تحنو على العاني وتعطف كلما
أخنى على الضعفاء دهر ظالم
ما زلت بالإحسان حتى آمنت
سفهاؤنا وسعى إليك الناقم
هل ينكرون البر يأتي تلوه
بر يجود به الفؤاد الراحم
أصبحت كالعمرين عدلا في الورى
ولأنت إذ تتلى المكارم حاتم
صيرت مصر ببحر برك جنة
والكون مضطرم الجوانب فاحم
ما بالها لو متعت بك برهة
والناس في رغد وبالك ناعم
شيدت دور العلم في الزمن الذي
ساد الحسام به وضاع العالم
فانعم بها من همة لم يثنها
عن نيل ما ترجوه نقع قاتم
إن كان ما فعلت جدودك آية
فعلاك آي كل عنها الصارم
أعليت تعليم البنات وحطته
فبكل مدرسة دليل قائم
فاهنأ بغرس يديك زاهرا يانعا
يلقاك في مغناه ثغر باسم
وليبق مجدك ما تمايل غصنه
وأجاد في تعداد فضلك ناظم
نيل مصر استقلالها:
مولاي شكرا وحمدا
فأنت أنت المفدى
فازت بمسعاك مصر
وأصبح الدهر عبدا
يا صاحب التاج مهلا
كفاك فخرا ومجدا
أخرست كل لسان
يريد أخذا وردا
حررت مصر فنالت
بحسن سعيك قصدا
أعوانك الغر كانوا
لمصر في الرأي جندا
فهل تطيق عدانا
إنكار ذلك عمدا
إن يفعلوا فجزاهم
الموت غما وحقدا
يا مصر هذا مليك
قد أخلص الشعب ودا
فرحبي بعلاه
ومجدي منه فردا
وأنت يرعاك ربي
ضع للمكائد حدا
واقطع لسان حسود
يجور أو يتعدى
وأنت يا شعب فانبذ
من للمنى يتصدى
أد لمصر حقوقا
فإن مولاك أدى
وكن أمينا حريصا
ودع شقاقا وعندا
ألقوا إليك شئونا
فانهض بها مستعدا
أنت المفاوض فانشط
إلى النضال مجدا
دبر أمورك تنجح
ولا تكن مستبدا
إن الخلاف خراب
فاحذره إن رمت سعدا
مدح حضرة صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد الأول:
مولاي إنك هادي
إلى طريق الرشاد
حققت ظن أناس
أطروك في كل ناد
كذبت محض افتراء
من خصم مصر المعادي
أعطيت مصر مناها
وصنت حق العباد
هل بعد ذلك فخر
أو فوقه من أيادي؟
ويا بني التيم مهلا
ماذا جرى من فؤاد؟
أبغضتموه لخير
أولى وحب البلاد
وشعب مصر لهذا
يفديه من كل عادي
لولا هواه لمصر
ما أبغضته الأعادي
قالوا أصر عنادا
والخير في ذا العناد
لو لان في بيع مصر
لكان خير جواد
أئن رضينا مليكا
قالوا طغى في الفساد
وأرهقونا جميعا
بظلمهم والكياد
وإن كرهنا مليكا
جاءوا لوضع العماد
فكيف تخلص مصر
من طامع في ازدياد؟
خلوا صوالح مصر
لشعب مصر المنادي
ولتبعدوا عن بلاد
ترقى بهذا البعاد
وبالمليك المفدى
يرضى قريب وباد
ويا بني النيل هبوا
لنصره في الجهاد
ففي علاه مناكم
وفيه أقصى المراد
توديع حضرة صاحب المعالي المرحوم محمد شكري باشا عند نقله من وظيفة مدير المنصورة إلى وظيفة مستشار بالاستئناف:
على الطائر الميمون إن كنت راحلا
فإنك أرضيت المروءة والعلا
حكمت ولم تظلم وكنت محببا
إلى الناس محمود الشمائل فاضلا
وكنت أبي النفس لا تتبع الهوى
ولا تبطر الإثراء أن كان نازلا
وقرة عين المجد ما كنت صانعا
ونبراس ليل العلم ما كنت قائلا
فلم تر منك العين إلا مهابة
ولم تسمع الآذان إلا تفضلا
عنيت بتعليم البنات وإنه
لفي خير هذا القطر ما كنت فاعلا
فما حط قدر الشرق إلا نساؤه
جهلن فأرهقن الرجال تكاسلا
وهل أمة ترقى وقد شل نصفها
فثقل باقيها وأصبح عاطلا
لذلك أسست الصروح بحكمة
لتعليمنا حتى نسود ونعملا
فما نعت الأيام دون تمامها
وما زال هذا الدهر يبدي التحاملا
وما زال غدارا عرفنا صروفه
فلسنا نبالي ما أمر وما حلا
ولولا رجاء قد شغفنا بحبه
لذبنا لدى هذا الفراق تململا
فيا خير من ساسوا البلاد فأحسنوا
وحضوا على التقوى وبثوا الفضائلا
ليهنأ بك اليوم القضاء فإنه
سيلقاك حرا صادق القول عادلا
سيلقاك فكاكا لكل عويصة
سريعا إلى نصر الحقائق فاصلا
سيلقاك مهضومو الحقوق نصيرهم
كما كنت للعافين عونا مناضلا
فسر في سلام الله إن قلوبنا
لبعدك يذكيها الأسى متواصلا
استقبال حضرة صاحب المعالي سعيد ذو الفقار باشا بمدرسة معلمات المنصورة، وتوديع مديرها السابق حضرة صاحب المعالي محمد شكري باشا:
سلام على ذاك الكريم المبجل
وأهلا وسهلا بالعلا والفضائل
لقد أسس البنيان في خير موطن
وإنك تبنيه برأي مكمل
لنا فيك آمال سنحظى بنيلها
ومثلك يرجى منه ما لم يؤمل
فمد لتعليم البنات يد الرضى
يسد جنسنا بعد الخمول ويعمل
استقبال حضرة صاحب المعالي سعيد ذو الفقار في مدرسة معلمات المنصورة وهو مدير لمديريتها:
أهم أطار النوم عنك وأبعدا
وغادر طرفا في الظلام مسهدا
وأنحل جسما كاد يخفى لضعفه
وأقلق قلبا بالبلاء مهددا
أم الخوف من أجل الذي تبتغينه
لمصر من العلياء أن يتبددا
هوى مصر أضناك وأنت ضعيفة
وعاجزة عن رد مصر إلى الهدى
دعي الفكر في الأوطان إن وراءها
رجالا يردون الزمان إذا عدا
رجالا يدبرها مدير مفكر
ذكي يرى الرأي الأصيل المسددا
شغوف بحب المكرمات مبادر
إلى الخير لا يرضيه أن يترددا
لنا في اسمه المحبوب فأل سعادة
فقري به عينا فقد جاء مسعدا
إذا حل في أرض سعيد أعزها
وأسس دور العلم فيها وشيدا
نرى الغيث أحيانا على قرب عهده
فلا بدع أن نرقى بمقدمه غدا
ويصبح في المنصورة العلم زاهرا
لما بات يوليه من البر والندى
سينشر تعليم البنات فإنه
يرى في ارتقاء البنت عزا وسؤددا
يرى الأم ترقى بالبنين إلى العلا
وتنحط إن جهلت إلى حفرة الردى
يرى أمة اليابان قد سعدت بها
وضاع رجاء النيل من جهلها سدى
يرى في اشتغال البنت بالعلم مهربا
عن اللهو أو إبداع زي تعددا
يرى كل هذا الرأي وهو مجرب
وكم رام من مجد بعيد فمهدا
فلا تسهري من أجل مصر فإنها
به وبهم محروسة لن تهددا
أمولاي هذا بعض ما في نفوسنا
ومن واجب الإحسان أن نذكر اليدا
غرست بهاتيك الربوع محبة
ستنمو ومجدا بالثناء مخلدا
فعش لذوي الحاجات والعلم ملجأ
يؤمون ما جاءوا كريما مؤيدا
توديع حضرة صاحب المعالي سعيد ذو الفقار عند نقله من المنصورة ليكون ناظرا للمالية:
إلى المجد والعلياء ما زلت سائرا
فكنت مديرا بالذكاء فناظرا
ولا بدع أن قلدت أشرف منصب
فإنك فعال تحب المفاخرا
حللت فأرهقت الفساد وأهله
وكنت لدور العلم عونا وناصرا
وكنت لتعليم البنات وقاية
فثبت ذاك الركن إذ كان خائرا
وكنت على رد الذين تجمعوا
على الظلم إذ جاءوا قويا وقادرا
لنا فيك معوان وإن كنت نائيا
أشد وأقوى منك إذ كنت حاضرا
فلا عدمتك الطالبات وحاربت
بسيفك هذا الدهر إن ثار غادرا
ودمت توافيك التهاني على العلا
ويخطر بالألباب ذكرك عاطرا
نقل دولة محمد باشا محمود إلى البحيرة ونقل غيره إلى الدقهلية:
عهدناك يا ابن الأكرمين محمدا
تشيد بالعزم الثناء المخلدا
عهدناك مقداما عهدناك واحدا
تعد بآلاف إذا الفضل عددا
فإن نلت باستحقاقك المجد والعلا
فقد كنت قبل اليوم شهما مسودا
لك البيت من أعلى البيوت مكانة
وقد كنت من عهد الطفولة سيدا
فإن هنأتك القوم إذ نلت منصبا
فإني أهني منصبا نال مفردا
دمنهور هذا يوم مجدك فابشري
وتيهي على كل العواصم إذ غدا
ولو أن هذا الدهر جاد بمثله
علمنا لشاد المجد فينا وجددا
حسدناك إذ نلت المراد وضيعت
صروف الليالي جل آمالنا سدى
استقبال سمو الخديوي السابق بالمنصورة بعد أن قرر مجلس المديرية إلغاء مدرسة المعلمات التي كانت ترأسها الشاعرة، وفيه إشارة إلى ذلك:
قد طار نومك والحوادث حوم
ورماك بالأهوال ليل مظلم
أبليت جسما كاد يخفى دقة
وقضى عليه الدهر فيما يجرم
أتعبت قلبا كان محسود العلا
فغدا لجور زمانه يتألم
تبغين تعليم البنات ونشره
ويلج دهرك في العناد ويظلم
يسعى ليهدم كل ما شيدته
من ذلك البنيان وهو الأرقم
هل تشفقين على البنات وحالها
وعزيز مصر بحال مصر أعلم؟
سيجل تعليم البنات مليكنا
ويساعد الضعفاء ذاك الضيغم
مولاي إن الدهر عبدك فانهه
عما يخبئ للكرام ويكتم
لولاك يا رب الأريكة ما غدا
للعدل أنصار تسود وتكرم
لولاك يا رب الأريكة ما اهتدى
أقباطنا والمسلمون وسلموا
لولاك للتاجين ما صافاهما
صرف الزمان ولا توارى اللوم
لولا أبوك الشهم فيما قد مضى
ما كان للمصري شأن يعلم
أوليت تعليم البنين عناية
فارع البنات فإن رأيك أحكم
ما ضر أهل الشرق إلا أنهم
تركوا النساء وراءهم وتقدموا
فانحطت الأبناء بالأم التي
جهلوا مكانتها العلية فيهم
جهلت بأحوال الحياة فأوقعت
أبناءها في شر ما تتوهم
قد عودوها الجبن من عهد الصبا
فتعلم الأبناء ذاك وعلموا
وتسارعوا للعار في أعمالهم
والغش والبهتان إن يتكلموا
مولاي أمتك التي أعليتها
ترجوك إصلاحا وأنت المنعم
فأمر بتعليم البنات فإنها
لا ترتقي إلا بهن وتسلم
وليبق مجدك في الوجود مخلدا
ولتبق للقصاد ركنا يلثم
تهنئة بمولودة لحضرة صاحب المعالي سعيد باشا ذو الفقار، وهي صاحبة العصمة أنجي هانم:
بحر المكارم قد أنجبت لؤلؤة
ثمينة تزدهي بالأصل والحسب
فاهنأ بأنجي فإن الله أرسلها
بشيرة لك بالعلياء والرتب
تهنئة بشفاء حضرة صاحب العظمة السلطان حسين:
هنيئا يا مليك لك الشفاء
فأنت لركننا الواهي رجاء
وأنت لجسم مصر الروح فاسلم
وعش ما دام في الدنيا هناء
أسلطان البلاد فدتك منا
قلوب لا يخامرها الرياء
وأعطاك المهيمن عمر نوح
لترفع مجد مصر كما تشاء
تهنئة بعيد ميلاد حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول، وقد تصادف أن عيد الميلاد يوم جمعة وأول أيام عيد الأضحى فأصبحت الأعياد ثلاثة في يوم واحد:
أفي كل يوم من سعودك سؤدد
يجدد آمال البلاد ويسعد؟
ولدت فأيقظت الشعور وقد مضى
على نوم هذا الشعب دهر مؤبد
بدا وجهك الوضاح فانجاب غيهب
ولاح يضيء النيل والشرق فرقد
ولما علوت العرش طالت صروحه
وضاقت به الأعداء والمجد يحسد
فعيدك عيد للبلاد بأسرها
ووجهك بدر أينما لاح يرشد
تنافست الأعياد فيك فأقبلت
إلى يوم عيد الملك تسعى وتقصد
ثلاثة أعياد تجمعن عنوة
وعيدك أعلاهن ذكرا وأمجد
وما سعدت مصر بعيدك وحدها
ولكن بلاد الشرق تعلو وتصعد
خلقت كما شاء الإله مكملا
عليك من الإجلال ثوب مجدد
فعش لبلاد النيل كنز مفاخر
يؤمك محروم ويخشاك مفسد
أول تشريف حضرة صاحب الجلالة الملك للقاهرة بعد أول صيف قضاه بالإسكندرية:
مليك بلاد النيل أهلا ومرحبا
بوجه لمحنا فيه للسعد كوكبا
قدمت كما جاء الربيع بزهره
فأظهرت ما أخفى البعاد وغيبا
مليك شغفنا باجتلاء ضيائه
فأنى بدا كان الرجاء المحببا
فيا شمس وادي النيل تسطع مشرقا
فتسعد شعبا ظل دهرا معذبا
ترى هل رأت مصر على طول عهدها
كمثلك يا فاروق عدلا ومذهبا
يمينا لئن قيس الملوك جميعهم
بمجدك ما نالوا من الفخر مأربا
جمعت خلالا ما جمعن لواحد
فكنت إلى كل القلوب مقربا
وقمت بعبء الملك في مبدأ الصبا
ففزت كما لو كنت شيخا مجربا
وكنت تقيا ثابت الرأي حازما
قويا على صد الخطوب مهذبا
لراجيك آمال وللدهر لوعة
ومثلك أولى أن يؤم ويرهبا
فخيرك موهوب وبأسك صارم
وإن كنت للإحسان أدنى وأقربا
فعش لبلاد النيل ذخرا وملجأ
تراك لها في كل كارثة أبا
قصيدة الزفاف الملكي السعيد:
بنى لك هذا المجد جد ووالد
فأنت طريف في المعالي وتالد
وفخرك يا فاروق لم نر مثله
فقد جمعت فيه العلا والمحامد
حباك إله العرش في مبدأ الصبا
بكل الذي تسعى إليه الأماجد
جلست على عرش الكنانة فاستوت
قوائمه وانهد باغ وحاسد
وعزت بلاد النيل من بعد ذلها
فلا غرو إن قالت بأنك واحد
رددت على الإسلام أيام عزه
وفازت بما تهواه منك المساجد
وما نشر الإسلام أعلام مجده
وقد طويت إلا وأنت المجاهد
هنيئا بلاد الشرق فزت بماجد
له في علا الإسلام باع وساعد
يرجي نداه كل شهم ممجد
ويخشاه كالبتار غر وفاسد
أفاروق يا تاج الملوك وفخرها
ويا خير من يرجوه ساع وقاصد
جمعت شتات المجد في روضة الصبا
ففكرك سيال وطرفك ساهد
وفزت ببنت المجد من خير أسرة
نماها أبي من بني النيل ماجد
فشمس الضحى زفت إلى البدر فازدهى
به وبها ملك إلى النجم صاعد
عروسان زفا بالكمال وبالتقى
يزينهما تاج على النيل شاهد
يزينهما تاج لخير مملك
يلوح فتدنو للبلاد المقاصد
فيا سيد القطرين دمت ممتعا
سناؤك موفور وذكرك خالد
تهنئة بنيل المرحومة ملك حفني ناصف دبلوم المعلمات في سنة 1903 وهي أول مصرية نالتها:
هنيئا لمن بالجد تم علاها
ونالت بحزم الرأي كل مناها
وكانت بروض العلم أول زهرة
تباهت بها مصر وطاب شذاها
لك الفخر فاجني في سرور وغبطة
ثمار اجتهاد آن وقت جناها
حملت على النفس الأبية ضيمها
فنالت على بعد المرام هواها
وكنت بروض العلم أول زهرة
تباهت بها مصر وطاب شذاها
فإن عد أهل المجد للعلم أنجما
فأنت بما شاء الإله سماها
غذيت بألبان المعارف طفلة
وأكرم بمن كان العلوم غذاها
تهاونت في شأن الحلي ترفعا
فزان مزاياك العلا وحلاها
سلكت سبيل المكرمات وأومأت
يمينك تهدي من أراد هداها
وقدت ذمام الغانيات إلى العلا
كفى النفس فخرا بالكمال كفاها
تهنئة لمعلمة بالشفاء:
السعد لاح وسرت العلياء
بشفاك وابتسمت لك الجوزاء
إن «السنية» شان حسن سنائها
عند اعتلالك خيبة وعناء
مذ غبت عن أرجائها شمس العلا
لم يبدون بها سنى وضياء
بالأقصر المحسود حل ركابك
فتكدرت لغيابك النبلاء
وبك الصعيد غدا سعيدا باسما
وتزينت لقدومك الأرجاء
وتركت ربات العلوم بمضجع
وسط الهموم فراشها الرمضاء
وحضرن بعدك الامتحان فلم تر
إلا كآبة آسف وبكاء
فكأنما ستر الهموم ذكاءنا
والهم لا يبقى لديه ذكاء
فإذا تأخرت الزكية فاعلمي
أن لا بها كسل ولا إعياء
بل حين غاب ضياء فكرك أصبحت
بين الظنون تضلها الظلماء
واليوم عدت فعاد حسن رجائنا
بإيابك المرجو وزال الداء
أبت إياب الغيث في روض العلا
فتألمت أعداؤك الجهلاء
وتود مصر وقد خطرت بأرضها
لو تفرشن لنعلك الأحشاء
يا ليلة القدر التي شرفت على
كل الشهور وزانها الأضواء
إن كان أهل الفضل بحر معارف
لرفيع قدرهم فأنت سماء
لا زلت للفتيات كنز فوائد
تدنو لهن بقربك الخضراء
مدح لحضرة صاحب السعادة محمود باشا شكري:
مولاي بابك في العلا مقصود
ويداك طبعهما الندى والجود
تسعى إلى نصر الضعيف بسرعة
ومضاء عزم نفعه مشهود
وإذا أتاك السائلون بدا لهم
وجه بشاشته منى وسعود
ماذا يهمك من مديحي إنه
لغو وأنت بدونه محمود
نسبوك للشكر الجميل وهكذا
نسب الكريم وفعله المعهود
قالت جميع الناس إنك واحد
وأقول إنك بحرنا المورود
لم يمدح الشعراء قبلك ماجدا
إلا وأنت تفوقه وتسود
نبل وإقدام وحزم زانه
آيات صدق شرفتك وجود
فاسلم لتعليم البنات يطب به
نبت غرسناه ويورق عود
تهنئة بمولود لحضرة صاحب العزة محمد علي بك دولار:
بدا بدر السعادة والهناء
فكان قدومه علم ارتقاء
تجلل عهده حلل البهاء
وسر القوم من دان ونائي
كأن بوجهه وجه الصفاء
فشكرا للمهيمن إذ براه
كمثل أبيه في العليا نراه
له فعل يعلمنا ثناه
وفضل ليس تنكره عداه
وذكر كماله ملء الفضاء
فيا مولاي أهديك التهاني
بنجل فيه للدنيا الأماني
وسوف يشيد للمجد المباني
كما شيدت يا عين الزمان
فخارك فوق أكناف السماء
يلوح عليه فكرك والذكاء
وقهرك للعداة متى تشاء
ونصر ذوي المودة حيث جاءوا
وعزم لا يخالفه القضاء
ومجدك يا محمد في العلاء
من الجدين منسوب معلى
ومن شمس الضحى أبواه أعلى
بذلك فاق أهل الفضل أصلا
كما سيفوقهم فعلا وقولا
وهل بلد الغزال سوى الظباء
علي أنت أنجبت العليا
فسر الكون مولادا ذكيا
بيوسف صار فرحك سرمديا
فعيشا في الصفا عيشا هنيا
وفوقا عمر نوح في ولاء
أهل بوجهه فاستحسنته
عن القمر الأنام وأنزلته
بمهد روح فضلك شرفته
ومولده سعودك أرخته
بيوسف تزدهي شمس العلاء
تهنئة بزفاف الدكتور صالح بك حمدي والمرحوم الأستاذ زهدي بك:
يا ليلة ما لها في العمر من ثاني
قد زاد بهجتها في الحسن بدران
الشمس واحدة والصبح مطلعها
فكيف تسطع فيك الآن شمسان
أظهرت للناس حسنا شاء بارئه
ألا ترى مثله في الحسن عينان
وراءه خلق سبحان واهبه
منزه عن سجايا كل إنسان
فللعروسين فضل لا مثيل له
كما تفرد بالعليا العريسان
ويا اعتدال لقد أصبحت صالحة
لصالح فأريه حور رضوان
ومتعيه بأخلاق مطهرة
ومنطق بفريد الدر مزدان
واهنأ بها درة ضن الزمان بها
على سواك فقابله بشكران
واسأل إلهك أن تبقى منعمة
في غبطة العيش ما مر الجديدان
وانعم بزوجك يا زهدي مغتبطا
فإنها درة تشرى بميزان
ولا نظير لها إلا صديقتها
كأنما هما في الإبداع صنوان
فمتع الله حمديا وصاحبه
بما أراداه ولتحي العروسان
زيارة صاحب السمو البرنس عمر لمدرسة ترقية الفتاة بالإسكندرية:
أهلا برب المجد شرف دارنا
فزهت معالمها وطاب الحال
أهلا بخير المحسنين وتاجهم
يدنو فيدنو العز والإقبال
يا ابن الألى رفعوا لمصر منارها
فوق السماك وكلهم أبطال
لا تنس أن الجهل أصل بلائنا
وافصم عراه فإنك الفعال
وانظر لترقية الفتاة فإنها
أودى بها التسويف والإهمال
إن زارها «عمر» فإن زمانها
صفو وإن مقامها الإجلال
أو فاتها منه العناية أصبحت
وجميع ما تصبو إليه محال
فاسلم لها يا ابن الملوك فإنها
تدعوك إن حلت بها الأهوال
وليبق راعيها (المليك) ممتعا
تدنو لها بحياته الآمال (ملك) يفوق المالكين مهابة
وتزين حكمة قوله الأفعال
صعد الأريكة فاستقر قرارها
وتحسنت بوجوده الأحوال
ما دام راعيها فلا تخشى أذى
ولها بهمته سنا وجمال
فاسلم أبا الفاروق إن رعية
فازت بمثلك في العلا تختال
حديقة المدرسة (لسان حال):
إلي إلي تسترحن من العنا
فظلي من حر السماء ظليل
وتحت غصوني يكتسي الجسم صحة
لأن نسيمي رق فهو عليل
السبورة (لسان حال):
ما عاب فخري في الأنام سوادي
وضياء فعلي كالدليل الهادي
وأنا التي في العلم تقصد ساحتي
بيض الوجوه لتستنير زنادي
الباب السادس
قصائد قيلت والشاعرة تلميذة بالمدرسة السنية
حريق ميت غمر:
أناس طاح عزهم وحالا
وحط البين بينهم الرحالا
وسل حسامه فأثار نارا
بدار القوم تشتعل اشتعالا
فدمرت الديار وما كفاها
فغالت قاطني الدور اغتيالا
فكم نفس لها ذلت ودانت
وكم من مهجة نوت ارتحالا
وكم أم بكت طفلا تولى
وكم من طفلة تنعى الرجالا
وأرضهم التي كانت رياضا
أزال الدهر رونقها فزالا
وألبسها الحداد على أناس
من النيران قد ذاقوا الوبالا
تردت بعد سندسها سوادا
وألقت عن مناكبها الجمالا
فقام نساؤها يلطمن حزنا
ويندبن المنازل والعيالا
وظل رجالهن بها حيارى
يذوقون المنون وقد توالى
فهل يحلو لنفس الحر عيش
وأهل بلاده تلقى النكالا
ويفترش الحرير ويرتديه
وتلك القوم تفترش الرمالا
فأين كرامة الإسلام فينا؟
وأين أوامر المولى تعالى؟
وأين المسلمات؟ لقد تولت
كأن حجابها حجب النوالا
وجادت غيرها كرما وكانت
لبذل المال لا تبغي السؤالا
فيا فتياتنا اللاتي توانت
وهن أحق بالعليا اتصالا
أتى يوم به تعطى المعالي
لطالبها متى أمهرن مالا
فدعن العجز فيه والتراخي
وكن كالرجال به فعالا
فما عاق الحجال فتاة قوم
عن العليا وإن سدلت حجالا
ولا التأنيث ينقصها إذا ما
أبت أخلاقها إلا الكمالا
حفظ حروف المعاني:
أشكو إليك حروفا في تعلمها
حلت بقلبي من تكرارها العلل
إذن وإذ ما فما كررتها أبدا
إلا بدت أدمعي كالسيل تنهمل
ولا ذكرت بلى والكاف ثم جلل
إلا وخاب لدى تذكارها الأمل
جيري وحتى وحاشا بت أقرؤها
حتى ثنى همتي عن حفظها الملل
علي بذلك لا ألقى العقاب ولا
عن ساحة الكرم المأمول أنتقل
الصرف وفائدته:
دهتني صروف الصرف لا در دره
ولا خير في فعل إذا رمت صرفه
كما أنه يخشى الزمان وصرفه
أرى الفعل مرهوبا لدي وصرفه
فإن تكسروا للفعل عينا فإنني
كسرت ذراع الفعل عمدا وأنفه
وإن كان معتلا فلست طبيبة
دعوه دعوه عله يلقى حتفه
وصف الفتاة المهذبة:
إن الفتاة تبدى حالة الصغر
كزهرة أينعت مجهولة الخبر
فإن تغذت بماء العلم نبعتها
أهدت إلى الكون طيب العنبر العطر
وزينت روضة الآداب يانعة
وأخرجت ثمرا من أحسن الثمر
وإن يفتها التحلي وهي في صغر
بالعلم ذاقت عذاب الجهل في الكبر
فلا يغر فتاة حسن منظرها
ليس التفاضل بين الناس بالصور
ما الفضل إلا لمن طابت شمائلها
وألهمت في صباها دقة النظر
فقلدت بحلي العلم لبتها
وكحلت ناظريها فيه بالسهر
وزانها حسن ألفاظ إذا نثرت
على ترائبها أبهى من الدرر
وظل برشدها العلم الذي علمت
فكل أعمالها نفع بلا ضرر
تهنئة أخرى بعيد الجلوس سنة 1903:
رياض الهنا في مصر عاد سعودها
بعيدك يا عباس واخضر عودها
جلست كهذا اليوم فوق أريكة
بطالعك الميمون قد لاح سعدها
فأحييت روح الفضل فيها بحكمة
وفاق الثريا وارتقى بك مجدها
وبت تراعينا بعيني مسهد
فصيرت عين الصفو عذبا ورودها
فلا زلت ذا التاجين شهما مملكا
ويفديك من كل النفوس فؤادها
رأت منك أهل القطر أكرم سيد
فوافاك منها شكرها وودادها
تظن جميل الشكل إذ نطقت به
يقابل نعماك التي لا نحدها
وكيف تفي أرض بشكر لغيثها
ولولاه ما ابتسمت ولا فاح ندها
إذا لاح عباس على هامة العلا
بمصر ازدهت تيها وضاءت بلادها
تنافس فيك الدهر إنك ربها
وإنك يا رب الكمال عمادها
تطير قلوب القوم ما لحت ولعا
إليك فيثنيها الحيا ويردها
كأن الورى عين وأنت ضياؤها
فلا كان إلا في بقاك مرادها
ولا ركنت إلا إليك أولو العلا
ولا وفدت إلا عليك وفودها
ولو خالطت شخصا لرفعة قدره
نجوم لأضحى في ذراك وجودها
وإن أروى نهر النيل من مصر غورها
فبحرك عذب منه تروى نجودها
ولولا عطا يمناك يا بحر ساكبا
لأحرق في جمر الذكاء حسودها
حللت بها مثل الربيع خصوبة
فزالت جيوش الهم وانحل عقدها
وعلمني الأشعار فيك مكارم
إذا عاينتها البكم طاب نشيدها
فإن يسألوا من أي بحر نظمتها
فأبحر شعري من نداك امتدادها
حديثة عهد بالقريض وغايتي
بذلك كف في ثناك أمدها
وصنت مديحي عن سواك فأصبحت
سطوري والعلياء أنت وحيدها
ولولاك ما رمنا من الضيق فسحة
ولا أعجبتنا في الأماني وعودها
رفعت لواء العدل فينا بصارم
إذا صادفته الحادثات يصدها
وسست بني السودان بالرأي حازما
فلانت عواصيها ودانت أسودها
فلا برحت مصر تراك عزيزها
كمالك يعليها وعيدك عيدها
تهنئة بعيد الخديوي سنة 1904:
قد عاد عيدك فيما أنت تهواه
فليهنك السعد والإقبال والجاه
مولاي إن الليالي صافحتك وها
وجه المسرة قد لاحت ثرياه
فاهنأ بملكك إن الله ثبته
وانعم بدهرك إن الصفو صافاه
ويا بني مصر إن الدهر أنصفكم
وقد بلغتم من المأمول أقصاه
بحكم شهم كريم عن محاسنه
كل الجنان وفاق الحصر علياه
لم ينأ يوما عن العليا ولا نظرت
عين البصير لغير المجد مسعاه
إن كان مغزى ملوك الأرض قاطبة
تحت السماء ففوق الشهب مغزاه
يروم للملك ما لو رامه ملك
وساعد الحظ كان الفوز عقباه
تروى لنا عنه أخلاق مطهرة
أن ليس للملك العباس أشباه
أزهو على الدهر أني من رعيته
والدهر يزهو به والله يرعاه
زانت مبادئ أشعاري مدائحه
إذ زان كل امرئ بالشوق مبداه
ولست أعرف ما شوق فأشرحه
ولو عرفت لما قدمت فحواه
ما لي وذاك فربات الخمار غدت
والعلم يشغلها في الناس معناه
أصبحن ربات علم في زمان نهى
ونلن من شرف العلياء أسماه
بهمة من مليك طالما قصرت
عنها الملوك فلم تظفر بعلياه
ذاك الهمام الذي فازت بطلعته
أبناء مصر وحاكى النيل جدواه
هذا سمو خديوينا الذي فتحت
باب القبول لراجي العلم يمناه
باهي الزمان بعباس وقد سطعت
شموس أفكاره فينا وحياه
عزيز مصر لقد ذكرتها كرما
ما كان يوسف بالتدبير أولاه
فذاك بالحزم أحيا القطر من عدم
ورأيكم من موات الجهل أحياه
فلنزهون بعيد أنت صاحبه
يرى به الليل ضوء الصبح يغشاه
كأنما الصبح من فرح بعودته
قد زاحم الليل كي يحظى بمرآه
وسل سيفا على الظلماء من حسد
زاح الظلام عن الأكوان حداه
فأصبح الليل صبحا باسما نضرا
وحسن ذكرك بين القوم حلاه
يميل كل لبيب نحوه طربا
إذ إنه اللفظ والعباس معناه
كأنه الروض والأيام مجدبة
فليس يرجى بقاء العيش لولاه
تبدو مناقبكم فيه مذكرة
ما كان جدكم في المجد أنشاه
فيا أميرا له العلياء صاغرة
والنصر في كفه والسعد مولاه
زينت بالعلم صدر الغانيات فما
أبهاه في لبة الحسنا وأحلاه
صيرتنا كرجال طالما شرفوا
به علينا فأعلى قدرك الله
هلا قبلت جزيل الشكر من أمة
تهديك من خالص الإخلاص أبهاه
لولاك ما عرفت نظم القريض ولا
حلت ركائبها يوما بمغناه
زان الأنامل أقلام أحركها
في مدح من زانت الدنيا مزاياه
وصاغ لي الفكر عقدا عند مدحته
من خالص الدر تهوى العين مرآه
فما ضننت بشيء من ضياه وهل
يخفى الحلي وللتزيين صغناه
لعل مولاي بالإقبال يسعدها
فتكسب الفخر في تقبيل يمناه
ودام في نعم ما قلت منشدة
قد عاد عيدك فيما أنت تهواه
نيل مصر:
إذا ما النيل حط بنا الرحالا
وفاض على شواطئه وسالا
وأهدى مصر جلبابا موشى
بفضته فألبسها جمالا
أرادت أن تباريه فغطت
بسندس نبتها تلك الرمالا
وأبدت درها المكنون حتى
يطيب الضيف في الأحياء حالا
وماس الغصن من طرب وأوما
بشكر النيل إذ بذل الزلالا
فنخرج من بطون الأرض تبرا
ونأكل طيبا حسنا حلالا
ولا نخشى من الأيام قحطا
ولا عسرا يكلفنا السؤالا
ولا برد يضر المرء فيها
ولا حر إذا ما الظل زالا
فنعم الأرض ما أحسنت فيها
ولم تطع الغواية والضلالا
عتاب لأخي صاحبة الديوان:
لعل الذي أعطاك بغضي عادة
يعلمني صبرا على البعد ساعة
هجرت فتاة أنت نور عيونها
وبعدك عنها يترك الأنس وحشة
فأين «صلوا الأرحام» حتى قطعتني
وحتى أراني لست منك قريبة؟
وآخيت بعدي واطرحت أخوتي
كأني بلا علم جنيت جناية
وما إن عهدنا في بن عمران هكذا
على أهله بل طيب نفس ورحمة
دعا ربه اشدد بهارون كاهلي
وإنك تدعوه علي كراهة
وأذقتني من قبل نبت نواجذي
طعم الجفا فسئمت منه كآبة
وطعام موسى وهو حلو مله
أقوامه من حيث دام سآمة
فانعم بتغيير الطعام تفز بما
تهواه واقبل في الختام تحية
الباب السابع
في الألعاب
وسط الحديقة والشجر
نجري ونلعب بالأكر
وكذاك نغسل وجهنا
في يوم برد مستمر
وكذا نمشط شعرنا
في الصبح من بعد السحر
وننظف الأيدي كذا
ونزيل بالماء القذر
وكذاك نلبس ثوبنا
ثوبا نظيفا مفتخر
وكذا ننظف نعلنا
ليكون نعلا معتبر
أدواتنا تبدو كذا
كي لا يحل بها ضرر
وكذا نسير لدرسنا
في يوم برد أو مطر
وكذا نعود لبيتنا
من غير هم أو ضجر
وكذاك نلعب في المسا
وسط الحديقة والشجر
لعبة النمل:
النمل مبدؤه عجيب
يرضى به الشهم اللبيب
يمشي على الأرض الدبيب
ويريك في العمل الغريب
بجميل رأي لا يخيب
يبني بيوتا لينه
لمقامه طوله السنه
متنقلا في الأمكنه
وله صفات حسنه
لا تنأى عنه ولا تغيب
بائعة الأواني:
هل تعرفين بلا تواني
في السوق بائعة الأواني؟
لا شك أعرف شكلها
تقني الأواني كلها
ثنتان منا تعرفان
في السوق بائعة الأواني
ثنتان منا واثنتان
يعرفن بائعة الأواني
من بيننا أضحى ثماني
يعرفن بائعة الأواني
منا ثمان وثماني
يعرفن بائعة الأواني
نحن الجميع بلا تواني
نعرف من باع الأواني
نامعلوم صفحہ