البحر : مديد تام ( أزمعوا البين وشدوا الركابا
فاطلب الصبر وخل العتابا
ودنا التوديع ممن وددنا
أنهم داموا لدينا غضابا
فاقر ضيف البين دمعا مذالا
ياأخا الوجدة قلبا مذابا
فمن اللائم صبا مشوقا
أن بكى أحبابه والشبابا
إنما أغرى بنا الوجد أنا
ما حسبنا لفراق حسابا
وعريب جعلوا بالمصلى
كل قلب يوم ساروا نهابا
عجبا كيف رضوا أن يحلوا
من قلوب أحرقوها قبابا
أضحت الأرض التي جاوروها
يحسد العنبر منها الترابا
لاتكذب خبرا أن سلمى
سحبت بالترب ذيلا فطابا
وكسته حلل الروض حتى
توجت منها الربا والهضابا
صفحہ 1
ابتسمت عن مثل كأس الحميا
نظم الماء عليها حبابا
سمتها لثم الثنايا فقالت
إن من دونك سبلا صعابا
حرست عقرب صدغي خدي
وحمت حية شعري الرضابا
ويح من يطلب من وجنتي ال
ورد أو من شفتي الشرابا
حق من كان لهحب سلمى
شغلا أن يستلذ العذابا
ولمن يمدح خير البرايا
أن يرى الفقر عطء حسابا
وكفاني باتباسثعي طريقا
رغب المختار فيها رغابا
كلما أوتيت منها نصيبا
قلت إني قد ملكت النصابا
يا حبيبا وشفيعا مطاعا
حسبنا أن إليك الإيابا
لم نقل فيك مقال النصارى
إذ أضلوا في المسيح الصوابا
صفحہ 2
إنما أنت نذير مبين
أنزل الله عليك الكتابا
بلسان عربي بليغ
أفحم العرب فعيت جوابا
يطمع الأسماع فيه بيانا
وسنا طبه على العقل يابا
حوت الكتب لبابا وقشرا
وهو حاو من اللباب لبابا
يجلب الدر إلى سامعيه
كلم لم ير فيه اجتلابا
أشرقت أنواره فرأينا الرأ
س رأسا والذنابي ذنابا
ورأى الكفار ظلا فضلوا
ويحهم ظنوا السراب الشرابا
وإذا لم يصح باعلم ذوق
وجد الشهد من الجهل صابا
كيف يهدي الله منهم عنيدا
كلما أبصر حقا تغابى
وإذا جئت بآيات صدق
لم تزدهم بك إلا ارتيابا
صفحہ 3
أنت سر الله في الخلق والس
ر على العمى أشد احتجابا
عاقب ماح محا الله عنك
بك ما نحذر منه العقابا
خصه الله بخلق كريم
ودعا الفضل له فاستجابا
وله من قاب قوسين ما شر
ف قوسين بذكر وقابا
من دنو وشهود وسر
بان عنه كل واش وغابا
وعلوم كشفت كل لبس
وجلت عن كل شمس ضبابا
لم ينلها باكتساب وفضل الل
ه ماليس ينال اكتسابا
وإذا زار حبيب محبا
لاتسل عن زائر كيف آبا
كل من تابعه نال منه
نسبا من كل فضل قرابا
شرف الأنساب طوبى لأصل
ولفرع حاز منه انتسابا
صفحہ 4
دينه الحق فدع ما سواه
وخذ الماء وخل السرابا
جعل الزهد له والعطايا
والتقى والبأس والبر دابا
أنقذ الهلكى وربى اليتامى
وفدى الأسرى وفك الرقابا
بصر العمى فياليت عيني
ملئت من أخمصيه ترابا
أسمع الصم فمن لي بسمعي
لو تلقى لفظه المستطابا
ودعا الهيجاء فارتاحت الس
مر اهتزازا والسيوف انتدابا
تطرب الخيل برقع فتختا
ل إلى الحرب وتعدوا طرابا
من عتاق ركبتها كماة
لم يخافوا للمنون ارتكابا
كل ندب لو حكى غربه السي
ف لما استصحب سيف قرابا
قاطع الأهلين في الله جهرا
لم يخف لوما ولم يخش عتابا
صفحہ 5
لم يبال حين يغدو مصيبا
في الوغى أو حين يغدوا مصابا
من حماة نصروا الدين حتى
أصبح الإسلام أحمى جنابا
رفعوا الإسلام من فوق خيل
أركبت كل عقاب عقابا
خضبوا البيض من الهام حمرا
ما تزال البيض تهوى الخضابا
لم يريدوا بذكور جلوها
للحروب العون إلا الضرابا
أرغم الهادي أنوف الأعادي
برضاهم وأذل الرقابا
فأطاعته الملوك اضطرارا
وأجابته الحصون اضطرابا
وصناديد قريش سقاها
حتفها سقي اللقاح السقابا
حلبوا شطريه في الجود والبأ
س فأحلى وأمر الحلابا
وجدوا أخلاف أخلاقه في الخص
ب والجدب تعاف الخصابا
صفحہ 6
درها أطيب در فإن أم
كنك الحلب فراع العطابا
جيش الجيش وسرى السرايا
ودعا الخيل عقاقا عرابا
وهو المنصور بالرعب لو شا
ء لأغنى الرعب عنها ونابا
لو ترى الأحزاب طاروا فرارا
خلتهم بين يديه ذبابا
أولم تعجب له وهو بحر
كيف يستسقي نداه السحابا
كانت الأرض مواتا فأحيا
بالحيا منها الموات انسكابا
نزعت عنها من المحل ثوبا
وكستها من رياض ثيابا
سيد كيف تأملت معنا
ه رأت عيناك أمرا عجابا
من يزره مثقلا بالخطايا
عاد مغفور الخطايا مثابا
ذكره في الناس ذكر جميل
قال للكونين طيبا فطابا
صفحہ 7
وسع العالم علما وجودا
فدعا كلا وأرضى خطابا
فتحلت منه قوم عقودا
وتحلت منه قوم سخابا
ليتني كنت فيمن رآه
أتقى عنهالأذى والسبابا
يوم نالته بإفك يهود
مثلما استنبح بدر كلابا
فادعني حسان مدح وزدني
إنني أحسنت منه المنابا
يارسول الله عذرا إذا هب
ت مقاما حقه أن يهابا
إنني قمت خطيبا بمدحي
ك ومن يملك منه الخطابا
وتراميت به في بحار
مكثرا أمواجها والعبابا
بقواف شرعت لأعادي
وجدوها في نفوس حرابا
هي أمضى من ظبي البيض حدا
في أعاديك وأنكى ذبابا
صفحہ 8
فارضه جهد محب مقل
صانه حبك من أن يعابا
شاب ففي الإسلام لكن له في
ك فؤاد حبه لن يشابا
يتهنى بالأماني إنه
ه قبل ممات أنابا
كلما أوسعه الشيب وعظا
ضيق الخوف عليه الرحابا
ضيع الحزم وفيه شباب
وأتى معتذرا حين شابا
وغدا من سوء ماقد جناه
نادما يقرع سنا ونابا
أفلا أرجو لذنبي شفيعا
مارجاه قط راج فخابا
أحمد الهادي الذي كلما جئ
ت إليه مستثيبا أثابا
فاعذروا في حب خير البرايا
إن غبطنا أو حسدنا الصحابا
إن بدا شمسا وصاروا نجوما
وطمى بحرا وفروا ثغابا
صفحہ 9
أقلعت سحب سفنهم سجالا
من علوم ووردنا انصبابا
وغدونا بين وجد وفقد
يعظم البشرى به والمصابا
وتبارأنا من النصب والرف
ض وأوجبنا لكل جنابا
إن قوما رضى الله عنهم
مالنا نلقى عليهم غضابا
إنني في حبهم لا أحابي
أحدا قط ومن ذا يحابى
صلوات الله تترى عليه
وعليهم طيبات عذابا
يفتح الله علينا بها من
جوده والفضل بابا فبابا
ماانتضى الشرق من الصبح سيفا
وفرى من جنح ليل إهابا
صفحہ 10
البحر : وافر تام
بمدح المصطفى تحيا القلوب
وتغتفر الخطايا والذنوب
وأرجو أن أعيش به سعيدا
وألقاه وليس علي حوب
نبي كامل الأوصاف تمت
محاسنه فقيل له الحبيب
يفرج ذكره الكربات عنا
إذا نزلت بساحتنا الكروب
مدائحه تزيد القلب شوقا
إليه كأنها حلي وطيب
وأذكره وليل الخطب داج
علي فتنجلي عني الخطوب
وصفت شمائلا منه حسانا
فما أدري أمدح أم نسيب
ومن لي أن أرى منه محيا
يسر بحسنه القلب الكئيب
كأن حديثه زهر نضير
وحامل زهره غصن رطيب
ولي طرف لمرآه مشوق
ولي قلب لذكراه طروب
صفحہ 11
تبوأ قاب قوسين اختصاصا
ولا واش هناك ولا رقيب
مناصبه السنية ليس فيها
لإنسان ولا ملك نصيب
رحيب الصدر ضاق الكون عما
تضمن ذلك الصدر الرحيب
يجدد في قعود أو قيام
له شوقي المدرس والخطيب
على قدر يمد الناس علما
كما يعطيك أدوية طبيب
وتستهدي القلوب النور منه
كما استهدى من البحر القليب
بدت للناس منه شموس علم
طوالع ما تزول ولا تغيب
وألهمنا به التقوى فشقت
لنا عما أكنته الغيوب
خلائقه مواهب دون كسب
وشتان المواهب والكسوب
مهذبة بنور الله ليست
كأخلاق يهذبها اللبيب
صفحہ 12
وآداب النبوة معجزات
فكيف ينالها الرجل الأديب
أبين من الطباع دما وفرثا
وجاءت مثل ما جاء الحليب
سمعنا الوحي من فيه صريحا
كغادية عزاليها تصوب
فلا قول ولا عمل لديها
بفاحشة ولا بهوى مشوب
وبالأهواء تختلف المساعي
وتفترق المذاهب والشعوب
ولما صار ذاك الغيث سيلا
علاه من الثرى الزبدالغريب
فلاتنسب لقول الله ريبا
فما في قول ربك ما يريب
فإن تخلق له الأعداء عيبا
فقول العائبين هو المعيب
فخالف أمتي موسى وعيسى
فما فيهم لخالقه منيب
فقوم منهم فتنوا بعجل
وقوما منهم فتن الصليب
صفحہ 13
وأحبار تقول له شبيه
ورهبان تقول له ضريب
وإن محمدا لرسول حق
حسيب فينبوته نسيب
أمين صادق بر تقي
عليم ماجد هاد وهوب
يريك على الرضا والسخط وجها
تروق به البشاشة والقطوب
يضيء بوجهه المحراب ليلا
وتظلم في النهار به الحروب
تقدم من تقدم من نببي
نماه وهكذا البطل النجيب
وصدقه وحكمه صبيا
من الكفار شبان وشيب
فلما جاءهم بالحق صدوا
وصد أولئك العجب العجيب
شريعته صراط مستقيم
فليس يمسنا فيها لغوب
عليك بها فإن لها كتابا
عليه تحسد الحدق القلوب
صفحہ 14
ينوب لها عن الكتب المواضي
وليست عنه في حال تنوب
ألم تره ينادي بالتحدي ~
~ عن الحسن البديع به جيوب
ودان البدر منشقا إليه
وأفصح ناطقا عير وذيب
وجذع النخل حن حنين ثكلى
له فأجابه نعم المجيب
وقد سجدت له أغصان سرح
فلم لا يؤمن الظبي الربيب
وكم من دعوة في المحل منها
ربت واهتزت الأرض الجديب
وروى عسكرا بحليب شاة
فعاودهم به العيش الخصيب
ومخبول أتاه فثاب عقل
إليه ولم نخله له يثوب
وما ماء تلقى وهو ملح
أجاج طعمه إلا يطيب
صفحہ 15
وعين فارقت نظرا فعادت
كما كانت ورد لها السليب
وميت مؤذن بفراق روح
أقام وسريت عنه شعوب
وثغر معمر عمرا طويلا
توفي وهو منضود شنيب
ونخل أثمرت في دون عام
فغار بها على القنو العسيب
ووفى منه سلمان ديونا
عليه ما يوفيها جريب
وجرد من جريد النخل سيفا
فقيل بذاك للسيف القضيب
وهز ثبير عطفيه سرورا
به كالغصن هبته الجنوب
ورد الفيل والأحزاب طير
وريح مايطاق لها هبوب
وفارس خانها ماء ونار
فغيض الماء وانطفأ اللهيب
وقد هز الحسام عليه عاد
بيوم نومه فيه هبوب
صفحہ 16
فقام المصطفى بالسيف يسطو
على الساطي به وله وثوب
وريع له أبو جهل بفحل
ينوب عن الهزبرله نيوب
وشهب أرسلت حرسا فخطت
على طرس الظلام بها شطوب
ولم أر معجزات مثل ذكر
إليه كل ذي لب ينيب
وما آياته تحصى بعد
فيدرك شأوها مني طلوب
طفقت أعد منها موج بحر
وقطرا غيثه أبدا يصوب
يجود سحابهن ولا انقشاع
ويزخر بحرهن ولا نضوب
فراقك من بوارقها وميض
وشاقك من جواهرها رسوب
هدانا للإله بها نبي
فضائله إذا تحكى ضروب
وأخبر تابعيه بغائبات
وليس بكائن عنه مغيب
صفحہ 17
ولا كتب الكتاب ولا تلاه
فيلحد في رسالته المريب
وقد نالوا على الأمم المواضي
به شرفا فكلهم حسيب
وما كأميرنا فيهم أمير
ولا كنقيبنا لهم نقيب
كأن عليمنا لهم نبي
لدعوته الخلائق تستجيب
وقد كتبت علينا واجبات
أشد عليهم منها الندوب
وما تتضاعف الأغلال إلا
إذا قست الرقاب أو القلوب
ولما قيل للكفار خشب
تحكم فيهم السيف الخشيب
حكوا في ضرب أمثلة حميرا
فواحدنا لألفهم ضروب
وما علماؤنا إلا سيوف
مواض لاتفل لها غروب
سراة لم يقل منهم سري
ليوم كريهة يوم عصيب
صفحہ 18
ولم يفتنهم ماء نمير
من الدنيا ولا مرعى خصيب
ولم تغمض لهم ليلا جفون
ولا ألفت مضاجعها جنوب
يشوقك منهم كل ابن هيجا
على اللأواء محبوب مهيب
له من نقعها طرف كحيل
ومن دم أسدها كف خضيب
وتنهال الكتائب حين يهوى
إليها مثل ما انهال الكثيب
على طرق القنا للموت منه
إلى مهج العدا أبدا دبيب
يقصد في العدا سمر العوالي
فيرجع وهو مسلوب سلوب
ذوابل كالعقود لها اطراد
فليس يشوقها إلا التريب
يخر لرمحه الرومي أني
تيقن أنه العود الصليب
ويخضب سيفه بدم النواصي
مخافة أن يقال به مشيب
صفحہ 19
له في الليل دمع ليس يرقا
وقلب ما يغب له وجيب
رسول الله دعوة مستقيل
من التقصير خاطره هبوب
تعذر في المشيب وكان عيا
وبرد شبابه ضاف قشيب
ولا عتب على من قام يجلو
محاسن لا ترى معها عيوب
دعاك لكل معضلة ألمت
به ولكل نائبة تنوب
وللذنب الذي ضاقت عليه
به الدنيا وجانبها رحيب
يراقب منه ما كسبت يداه
فيبكيه كما يبكي الرقوب
وأني يهتدي للرشد عاص
لغارب كل معصية ركوب
يتوب لسانه عن كل ذنب
ولم ير قلبه منه يتوب
تقاضته مواهبك امتداحا
وأولى الناس بالمدح الوهوب
صفحہ 20