201

Discussions on Creed in Surah Az-Zumar

مباحث العقيدة في سورة الزمر

ناشر

مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٥هـ/١٩٩٥م

اصناف

وخطابهم بالحوائج من الأمكنة القريبة والبعيدة، فالضرير طلب من النبي ﷺ أن يدعو له ويشفع له، وهذا نوع من التوسل المشروع، وهو التوسل بدعاء أهل الصلاح والتقى فأين هذا من دعاء غير الله والإستغاثة به.
الوجه الثاني: أن الرسول ﷺ أمر ذلك الضرير أن يدعو الله بنفسه ويسأله قبول شفاعة النبي ﷺ وهذا من أوضح الأدلة على أن دعاء غير الله شرك بالله العظيم، فالمخلوق لا يدعى من دون الله سواء كان ملكًا مقربًا أو نبيًا مرسلًا، أو رجلًا صالحًا لأنهم لا يقدرون على النفع والضر إذ ذلك خاص برب العالمين بدليل أن النبي ﷺ لم يقدر على شفائه إلا بعد دعاء الله له.
الوجه الثالث: أن قوله في الحديث "يا محمد إني توجهت بك إلى ربي" لا يدل على جواز سؤال الغائب، ولا على جواز سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا فاطر السموات والأرض، لا من طريق العبارة ولا من طريق الإشارة، ومن ادعى ذلك فقد افترى على الله كذبًا لأنه لا يخلو الأمر من حالين: إما أن يكون ذلك الضرير سأل النبي نفسه، وهذا سؤال للمخاطب فيما يقدر عليه، وهو أن يدعو له وهذا لم ينكره أحد لأنه أمر جائز لا محذور فيه.
وإما أن يكون توجه بالنبي ﷺ دون سؤاله أن يدعو له فهو لم يسأل منه، وإنما سأل من الله سواء كان متوجهًا بدعائه كما هو لفظ الحديث، أو كان متوجهًا بذاته ﵊، وهو القول الضعيف، لأن التوجه بذوات المخلوقين، والإقسام بهم على الله من البدع المنكرة التي لم تؤثر عن النبي ﷺ ولا عن أحد من الصحابة الكرام، ولا عن التابعين لهم بإحسان، ولا عن أحد من أئمة الدين عليهم رحمة الله أجمعين"١.
ومن حججهم التي احتجوا بها على جواز التوجه إلى القبور ودعاء أهلها ما أخرجه الطبراني من قصة الرجل مع عثمان بن عفان ﵁، من طريق عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة سهل بن حنيف أن رجلًا كان يختلف إلى عثمان بن عفان ﵁ في زمن خلافته، فكان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال عثمان: ائت الميضأة، فتوضأ، ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم

١- انظر تيسير العزيز الحميد ص٢٠٨ - ٢٠٩.

1 / 212