دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
اصناف
في هذا الإطار كتبت المقالات الثلاثة الأولى: «موقفنا الحضاري»، «التراث والنهضة الحضارية»، «الفلسفة والتراث»، من أجل تحديد ملامح المشروع الحضاري القومي في الثمانينيات: الموقف من التراث القديم من أجل تحرر الأنا من إسار الماضي، الموقف من التراث الغربي من أجل حمايتها من الوقوع في إسار بديل، الموقف من الواقع المعاصر من أجل مساعدتها على التنظير المباشر للواقع دون توسط النصوص القديمة أو الحديثة.
ويتعرض المقالان التاليان، الرابع والخامس «التراث والتغير الاجتماعي»، «التراث والعمل السياسي» لموضوع الربط بين تراث الأمة من ناحية والتغير الاجتماعي والعمل السياسي من ناحية أخرى، بعد أن توجهت الثورة المضادة مع بعض الجماعات الإسلامية للانقضاض على الإنجازات الثورية باسم التراث.
ثم كتب المقالان التاليان، السادس والسابع «كبوة الإصلاح»، «الفكر الإسلامي والتخطيط لدوره الثقافي المستقبلي»؛ من أجل رصد ظاهرة الكبوة في فكرنا الإسلامي المعاصر، منذ بداياته ومنطلقاته الأولى عند الأفغاني والطهطاوي وشبلي شميل، حتى نهاياته ونتائجه المعاصرة عند الجماعات الإسلامية، والوفد الجديد، والعلم والإيمان، ولبيان مسار الكبوة التدريجي من الجيل الأول حتى الجيل السادس، ومحاولة رفع الكبوة إلى مسار مستقبلي في خط صاعد جديد يلحق بالمنطلقات الأولى للرواد، ويطورها بطريقة أكثر علمية وجذرية.
والمقال الثامن والأخير: «الشخصية العربية» مراجعة لأحد رواد الفكر العربي المعاصر في تونس الشقيق، والتساؤل حول إمكانية دراستها من منظور استشراقي وبإطار مرجعي غربي.
حسن حنفي
القاهرة، مدينة نصر، يونيو 1995م
موقفنا الحضاري1
أولا: مقدمة
ليست الفلسفة مجرد فكر بلا زمان ولا مكان، بلا مجتمع وبلا حضارة. إنما هي نظام فكري ينشأ في عصر، ويقوم به جيل، ويخدم مجتمعا، ويعبر عن حضارة. هذا ما حاول أصحاب المنهج الاجتماعي في دراسة الأفكار إثباته، مع أنه قضية بديهية ليست في حاجة إلى إثبات. وهذا ما وضعت لأجله علوم إنسانية بأكملها مثل علم اجتماع المعرفة أو الأنثروبولوجيا الحضارية، وما حاولته عدة نماذج من التاريخ : تاريخ الفلسفة، وتاريخ الأفكار، وتاريخ المذاهب ... إلخ.
قد تكون أزمة الفلسفة في جامعاتنا ومعاهدنا اليوم هي عدم الوعي بهذه البديهية وعيا علميا كافيا، وإن كانت ترددها، فيما يبدو، أول كل محاضرة، وفي نهاية كل درس دون تنفيذها وتطبيقها وإيجاد البراهين والاستدلال منها على نتائج معينة لجيلنا. وغالبا ما تكون الفلسفة تبنيا لمذهب اجتماعي؛ تقليدا لما هو موجود في بعض المراجع الأجنبية التي ينقل عنها، أو عن اقتناع مذهبي يظهر في السياسة أكثر مما يظهر في العلم، أو ردا على سؤال محرج لطالب ملتزم متحمس لقضايا المجتمع بناء على مذهب سياسي أو بدونه؛ تهربا من الإجابة. فما أسهل اللجوء إلى ظروف العصر أو ادعاء التقدمية الاجتماعية، وما أسهل ترديد الشعارات والتشدق بالمناهج الاجتماعية!
نامعلوم صفحہ