دراسات فلسفية غربية
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
اصناف
ولكن ظروف العصر تمنع أن يعيش الإنسان فرديته نظرا لتضارب مشاريع الفرد مع مشاريع الجماعة. ومع ذلك فالفرد يعيش بالضرورة في جماعة، والحياة الاجتماعية تتطلب بالضرورة الاشتراك مع الآخرين في فعل الجماهير. فالجماهير شر لا بد منه! وهنا يبدو أورتيجا أقرب إلى جان بول سارتر في أن «الجحيم هو الآخر» مع أن الفرد قد يقوى بفعل الجماهير، وتتأكد فرديته وينمو مشروعه من خلال مشاركة الآخرين. وإذا اعترف أورتيجا بأن الجماهير شر لا بد منه ما دام الإنسان الجماهيري لا يستطيع أن يعيش حياة فردية نظرا لتعارض مشروعه مع مشروعات الآخرين، فإنه أيضا يعترف بضرورة الإبقاء على حياة الجماهير، ونمط سلوكها، ولكن حتى في هذه الحالة تتحول أية مشاريع مشتركة بين الفرد والجماعة مثل العدالة الاجتماعية إلى رومانسية خطابية باسم التضامن الاجتماعي
Solidarisme . ثم يبرز الديماغوجيون فيقضون على الحضارة كلها إذ ان الديماغوجية هي عدم شعور بمسئولية الديماغوجي عن آرائه وأفكاره التي لم يبدعها هو بل تلقفها من الصفوة. الديماغوجية عند أورتيجا هي إحدى صور الانحطاط العقلي. هي شر مركب في الطبيعة الإنسانية، تظهر في الإنسان الجماهيري. والحقيقة أن هناك فرقا بين الديماغوجية والثورة. الأولى تحريض للجماهير والثانية تحقيق علمي لحركاتها. إن ثورات العصر ليست مجرد تحريض ديماغوجي أو تمرد وعصيان بل هي ثورات لها أصولها التاريخية في الأوضاع الطبقية للطبقات الكادحة في البلاد النامية في هذا القرن وردود فعل على المجتمعات الصناعية المتقدمة في النظم الرأسمالية خاصة في القرن الماضي. ومهمة الحزب الشعبي أو التنظيم السياسي أو طلائع الجماهير تحويل التمرد إلى ثورة وإعطاء البعد التاريخي لحركة الجماهير.
وينكر أورتيجا على الفكر الاجتماعي مفهوم المجتمع أو الجماعة. فقد خلط الفكر الحديث، في رأيه، بين المجتمع
Société
وبين المشاركة
Association . فنحن لا نعيش في مجتمع بل في مشاركات، وهي نفس التفرقة المشهورة عند تونيس
Tönnies
بين المجتمع
Geselchaft
والجماعة
نامعلوم صفحہ