دراسات فلسفية غربية
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
اصناف
1
فيعرض أولا للمادة العلمية التي يحللها في جداول زمنية تخطئ وتصيب. وقد تم اختصاره نظرا لأنه مجرد عرض لأساطير الشعوب الوثنية الأولى، ولكن تبدو أهمية هذه المبادئ في الجزء الثاني عن «العناصر» والذي يعرض فيه فيكو على طريقة إقليدس لمائة وأربع عشرة مصادرة أو بديهية يقوم عليها العلم. ثم يحدد فيكو ثالثا «المبادئ الثلاثة التي يقيم عليها العلم» وهي الظواهر الاجتماعية الموجودة في كل مجتمع ولدى كل شعب. وأخيرا يتحدث فيكو عن المنهج الاستقرائي المتبع في إقامة فلسفة التاريخ أسوة بتأسيس علم الطبيعة على نفس المنهج لدى بيكون.
ويعطي فيكو أولا جدولا زمانيا لشعوب سبعة. ويقسم تاريخها طبقا لمراحل التاريخ الثلاث؛ فهذه الشعوب هي العبرانيون، والكلدانيون، والسكيثيون
Scythions ، والفينيقيون، والمصريون، واليونان، والرومان ابتداء من الطوفان حتى الحروب الثانية بين روما وقرطاجنة، ويسرد تاريخ الرومان وقوانينهم ونظمهم، ويشرح أهم القوانين مثل القانون الجمهوري الذي تغير به النظام الروماني من الأرستقراطية إلى الشعبية وقانون العبودية من أجل الوفاء بالدين وإلغائه.
2
ولكن تبدو أهمية هذه المبادئ العامة عندما يتحدث فيكو ثانيا عن «العناصر» والتي يعرض فيها للمصادرات والأوليات والبديهيات التي تقوم عليها فلسفة التاريخ. وبالرغم من تفصيلها في مائة وأربع عشرة مصادرة إلا أنه يمكن إجمالها في عدة أفكار رئيسية واضحة بذاتها.
3
فالإنسان مقياس كل شيء في حالة جهله بالأشياء. فإذا عرف شيئا فإنه من طبيعة الأمور قياس الغائب على الشاهد كما يقول المناطقة القدماء. وهنا يحدد فيكو المنظور الإنساني لفلسفة التاريخ، وأن ليس للإنسان إلا رؤيته وتصوره وعلمه.
وكل أمة تريد أن تجعل نفسها خالقة ومبدعة لمقومات الحياة، كما تريد إرجاع تاريخها إلى أقدم العصور؛ فكل شعب يدعي أنه أصل الإنسانية؛ المصريون، والكلدانيون، والصينيون، والسكيثيون. وهنا يبين فيكو أن الرغبة في البحث عن الجذور، والعودة إلى الأصول، والبداية بالنشأة شيء طبيعي فطري في الأفراد وفي الشعوب.
ومن الضروري توجيه الفلسفة للأفراد وللشعوب وعدم تركهم في فسادهم وإرشادهم إلى الأخلاق السليمة؛ فالفلسفة تصف الإنسان كما ينبغي أن يكون في مقابل التشريع الذي يصف الإنسان كما هو كائن. هذا الواجب ضروري من أجل أن يكون الإنسان ذا نفع في الحياة الاجتماعية. فالإنسان الكائن يسلك بدوافع التوحش والبخل والطموح، وهي الرذائل الثلاث في الجنس البشري التي بسببها تنشأ الطبقة العسكرية التجارية الحاكمة التي تجمع بين القوة والثروة في شكل نظام سياسي، ولكن الفلسفة تبدأ من هذه الرذائل ذاتها لتوجه الجنس البشري، وتجعل سعادة الإنسان المدني ممكنة. فالأشياء لا تخرج عن حالتها الطبيعية ولكنها تنحو نحو الكمال بطبيعتها، وهنا يبدو فيكو أرسطيا تماما في تصوره للطبيعة والكمال.
نامعلوم صفحہ