دراسات فلسفية غربية
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
اصناف
وقد وجهت اعتراضات كثيرة إلى المدرسة من أعدائها من الخارج، يرفضون مسلماتها ونتائجها على حد سواء، ويدافعون عن المواقف التقليدية للكنيسة، ويتنكرون لنتائج العلم والبداهات الأولية. منها أن تحديد الأنواع الأدبية شيء تقريبي، فالشكل الخالص نادر. وربما لا وجود له إلا في ذهن الباحث. وهل يمكن تصنيف الواقع بناء على تصنيف هندسي؟ وما الدافع الذي يجعل كاتبا يستعمل هذا الشكل دون الآخر؟ وهل يمكن الانتهاء من تشابه أشكال إلى تشابه في المضمون؟ كما رفضوا قصر دور كتاب الأناجيل على التجميع باعتبارهم كتبة، وطالبوا لهم بدور شهود العيان والملهمين بالروح القدس؛ وبالتالي يمكن الدخول في علاقة مباشرة مع عيسى ويمكن معرفة التاريخ؛ ومن ثم يجب إعادة النظر في دور الجماعة وخلقها. لأنه بعد استبعاد شهود العيان واستحالة معرفة شخص عيسى تصبح الجماعة هي الخالقة للمسيحية.
8
الحقيقة أن مثل هذه الانتقادات لا تزيد على مجرد صيحات أو طبل أجوف لا تمنع من تقدم العلم، ولا توهن من عزم الباحث على الإعلان عن النتائج واستخدام كل ما لديه من مناهج البحث عن الحقيقة.
قراءة النص1
أولا: مقدمة: من النقل إلى الإبداع
يستطيع الباحث من جيلنا وفي عصرنا بالنسبة لمصادره العلمية أن يعتمد على طرق ثلاث:
الأولى:
الاعتماد على التراث الغربي مستمدا منه مادته العلمية، وما أكثرها في الفلسفة المعاصرة في علم الهرمنطيقا. وقد قام الباحث بذلك مرات عديدة في كتب مستقلة أو في مقالات خاصة.
1
ويؤيد ذلك أن علم الهرمنطيقا في صياغاته الحالية علم غربي ارتبط بالفلسفة المعاصرة ثم استقل عنها وعن باقي العلوم الإنسانية والاجتماعية، وإن كانت مادته العلمية وبعض صياغاته الأولى موجودة في كل تراث ديني وفي كل حضارة غربية أم شرقية، ولكن عيب هذه الطريقة هو الابتسار الحضاري، أي جعل علوم التفسير مقصورة على التراث الغربي دون غيره باستثناء بداياتها الأولى ثم تعميمها على كل تراث مع تعميم ظروفها الخاصة وطمس معالم أية ظروف مغايرة في حضارات أخرى تنشأ علوم التفسير منها. مع العلم بأن واضعي أصول هذا العلم في التراث الغربي المعاصر يعترفون بأنه كذلك وليس علما عاما للبشرية جمعاء على ما يدعيه المستغربون أنصار التراث الغربي كممثل وحيد للثقافة العالمية.
نامعلوم صفحہ