دراسات عن مقدمة ابن خلدون
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
اصناف
لقد كتب الأستاذ «فارد»
Vard
الأمريكي في كتابه «علم الاجتماع النظري»، في بحث مبدأ التعين والحتمية في الحياة الاجتماعية
Déterminisme sociale
العبارات التالية: «كانوا يظنون أن أول من قال وبشر بمبدأ الحتمية في الحياة الاجتماعية هو مونتسكيو أو فيكو، في حين أن ابن خلدون كان قد قال بذلك ، وأظهر تبعية المجتمعات لقوانين ثابتة قبل هؤلاء بمدة طويلة في القرن الرابع عشر، حينما كان الغرب مستسلما للفلسفة الدرسانية والكلمانية استسلاما تاما.» (ح)
لقد كتب الأستاذ «روبرت فلينت» الإنجليزي في كتابه «تاريخ فلسفة التاريخ» فصلا عن ابن خلدون، (كما ذكرنا ذلك في بحثنا عن فلسفة التاريخ في الصفحة 175 من هذا الكتاب)، قال فيه في جملة ما قاله: «من وجهة علم التاريخ أو فلسفة التاريخ، يتحلى الأدب العربي باسم من ألمع الأسماء، فلا العالم الكلاسيكي في القرون القديمة، ولا العالم المسيحي في القرون الوسطى، يستطيع أن يقدم اسما يضاهي في لمعانه ذلك الاسم، إن أول كاتب بحث في التاريخ كموضوع علم خاص، هو ابن خلدون.» (ط)
خصص «دي بوير»
De Boer - الأستاذ بجامعة أمستردام - بحثا لابن خلدون في خاتمة الكتاب الذي ألفه عن «تاريخ الفلسفة في الإسلام»، وكتب في هذا الصدد ما يلي:
3 «يوجد في المقدمة الفلسفية التي كتبها ابن خلدون كثير من الملاحظات النفسية والسياسية الدقيقة، وهي في جملتها عمل عظيم مبتكر، على أن القدماء لم يوفوا المشكلة التاريخية حقها من الدرس العميق؛ فلقد أورثونا مؤلفات تاريخية ضخمة جميلة الأسلوب، ولكنهم لم يورثونا التاريخ علما من العلوم يقوم على أساس فلسفي. فمثلا كانوا يعللون عدم بلوغ الإنسانية منذ زمن بعيد درجة أعلى مما بلغته في المدنية بالاستناد إلى حوادث أولية، كالزلزال والطوفان ونحوها، ومن جهة أخرى كانت الفلسفة المسيحية تعتبر التاريخ بوقائعه تحققا أو تمهيدا لمملكة الله على الأرض. ثم جاء ابن خلدون فكان أول من حاول أن يربط بين تطور الاجتماع الإنساني وبين علله القريبة، مع حسن الإدراك لمسائل البحث، وتقريرها بالأدلة المقنعة.» «وابن خلدون إذ يمهد السبيل لعلم جديد، لا يشير إلا لمسائله الكبرى، ولا ينوه بموضوعه ومنهجه إلا بالإجمال، وهو يرجو أن يأتي من بعده فيواصلوا أبحاثه، ويظهروا مسائل جديدة، معتمدين على الفكر الصحيح والعلم المبين.» «ولقد سارت آمال ابن خلدون في طريق التحقيق، ولكنها لم تتحقق على أيدي المسلمين، وكما أنه لم يسبق إلى ابتكار موضوعه، فكذلك لم يجد من يخلفه في أبحاثه، ومع هذا فإن كتابه أثر في الشرق زمانا طويلا، وكثير من ساسة المسلمين الذين قضوا على آمال كثيرين من ملوك أوروبا وساستها، منذ القرن الخامس عشر، كانوا ممن قرأ ابن خلدون، وتخرج في كتبه.» (ي)
إن أحدث وأشمل الدراسات التي كتبت عن فلسفة التاريخ، ربما كانت المجلدات التي نشرها «توينبي»، الأستاذ في جامعة أكسفورد، بعنوان: «دراسة في التاريخ». يقع هذا المؤلف في ستة مجلدات، وقد نشر السادس منها سنة 1939.
نامعلوم صفحہ