143

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

اصناف

إن جميع الأمم اعتقدت ب «جوبيتر» تحت أسماء مختلفة، كما اعتقدت بابن جوبيتر «هرقلس» أيضا بأسماء متنوعة. والسيكلوب

Cyclopes

الذين تذكرهم الأساطير اليونانية، هم - في حقيقة الأمر - العمالقة الذين التجئوا إلى المغارات.

وأما الأسطورة القائلة بأن جوبيتر «صرع السيكلوب» فهي ترمز إلى واقعة حقيقية؛ واقعة انصعاق العمالقة من جراء الرعد والبرق، والتجائهم إلى المغارات، واضطرارهم إلى تغيير أساليب حياتهم تغييرا كليا.

والأسطورة القائلة بأن «جونون» زوجة جوبيتر وأخته، حتمت على هرقلس أعمالا جبارة، فهي أيضا ترمز إلى واقعة حقيقية؛ إنها تدل على أن قدسية الزواج ربت الإنسان على الفضائل العالية.

إن قصة «ديانا» أيضا تعبر عن واقعة تاريخية؛ إنها تمثل حياة الطهر التي بدأت بعد تأسيس نظام الزواج، إذ من المعلوم أن ديانا كانت تلتجئ إلى الظلام لتقترن ب «آنديميون» حسب أساطير اليونان، والظلمة المذكورة في هذه الأسطورة ما هي إلا ظلمة المغارات، التي صار الإنسان لا يقترن بالمرأة إلا فيها بعد التجاء العمالقة إليها.

وهكذا يجد فيكو في أساطير اليونان سلسلة طويلة من الدلائل على صحة آرائه ونظرياته في هذا الصدد. (8)

يطبق فيكو هذه الآراء على تاريخ اليونان والرومان، وتاريخ القرون الوسطى أيضا.

إن دور الأبطال لم يستمر مدة طويلة عند اليونان؛ ذلك لأن ظهور الفلاسفة عندهم عجل أمر انتقالهم من الدور الإلهي إلى الدور البشري، من غير أن يتركهم يهيمون مدة طويلة في الدور البطولي.

ولكن الوقائع سارت بنظام أكثر من ذلك عند الرومان؛ فطال الدور البطولي مثل الدور الإلهي، وعندما وصل القوم إلى الدور البشري، كانوا قد نسوا الدور الإلهي؛ ولذلك سموا الدور المتقدم على الدور البطولي باسم «الدور المظلم».

نامعلوم صفحہ