صلى الله عليه وسلم
وسائر إخوانه الأنبياء.
هذا هو الدين في لسان القرآن واصطلاحه الشرعي، فلنأخذ الآن في بيان الدين عند فلاسفة الإسلام.
الدين عند الفلاسفة الإسلاميين والفرق بين الدين والفلسفة
يقول ابن حزم في كتابه «الفصل في الملل والنحل»: «الفلسفة على الحقيقة إنما معناها وثمرتها والغرض المقصود نحوه بتعلمها ليس هو شيئا غير إصلاح النفس، بأن تستعمل في دنياها الفضائل وحسن السيرة المؤدية إلى سلامتها في المعاد، وحسن سياستها للمنزل والرعية، وهذا نفسه لا غيره هو الغرض في الشريعة، هذا ما لا خلاف فيه بين أحد من العلماء بالفلسفة ولا بين أحد من العلماء بالشريعة.»
ودعوى ابن حزم: أنه لا خلاف بين أحد من الفلاسفة ولا بين أحد من العلماء بالشريعة، على أن ما ذكره هو غرض الشريعة والفلسفة جميعا ليست دعوى مسلمة؛ فإن معنى كلام ابن حزم أن غرض الفلسفة والشريعة غرض عملي، وليس ذلك بمذهب الفلاسفة ولا هو بمذهب الدينيين.
قال ابن رشد في كتاب «فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال»: «وينبغي أن تعلم أن مقصود الشرع إنما هو تعليم العلم الحق والعمل الحق، والعلم الحق هو معرفة الله تعالى وسائر الموجودات على ما هي عليه، وبخاصة الشريفة منها، ومعرفة السعادة الأخروية والشقاء الأخروي. والعمل الحق هو امتثال الأفعال التي تفيد السعادة، وتجنب الأفعال التي تفيد الشقاء، والمعرفة بهذه الأفعال هو الذي يسمى العلم العملي.»
وقال الشهرستاني في كتاب «الملل والنحل»: «قالت الفلاسفة: ولما كانت السعادة هي المطلوبة لذاتها، وإنما يكدح الإنسان لنيلها والوصول إليها، وهي لا تنال إلا بالحكمة، فالحكمة تطلب إما ليعمل بها وإما لتعلم فقط، فانقسمت الحكمة إلى قسمين: علمي وعملي ... فالقسم العملي هو عمل الخير، والقسم العلمي هو علم الحق.»
وبهذا تتشابه غاية الدين وغاية الفلسفة؛ فكلاهما يرمي إلى تحقيق السعادة من طريق الاعتقاد الحق والعمل الخير.
بل موضوعات الدين وموضوعات الفلسفة واحدة؛ ذلك رأى الفارابي في كتابه «تحصيل السعادة»؛ إذ يقول: «فالملة محاكية للفلسفة عندهم، وهما تشتملان على موضوعات بأعيانها، وكلتاهما تعطيان المبادئ القصوى للموجودات، وتعطيان الغاية القصوى التي لأجلها كون الإنسان، وهي السعادة القصوى والغاية القصوى في كل واحد من الموجودات الأخر، وكل ما تعطي الفلسفة فيه البراهين اليقينية، فإن الملة تعطي فيه الإقناعات، والفلسفة تتقدم بالزمان الملة.»
نامعلوم صفحہ