انسان کا دین
دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني
اصناف
ومن ناحية أخرى، فقد ارتبطت الأخلاق تقليديا بالتشريع. فالشرائع ليست إلا جزءا من الأخلاق العامة، وقد تم تأييده بالعقوبات التي تفرضها السلطة السياسية. وأول القواعد التشريعية لم تكن سوى قواعد أخلاقية بدت ذات قيمة استثنائية لنظام الجماعة، فجرى دعمها بالقوانين التي تضمن إلزام الأفراد بها. فالسرقة مثلا تبقى مسألة من مسائل الأخلاق العامة التي تجد مؤيداتها في الروادع الذاتية، إلى أن تؤيد بعقوبة تفرضها الجماعة، عندها تتحول إلى قضية تشريعية رغم استمرار انتمائها إلى المجال الخلقي. إن أخلاق حضارة بلاد الرافدين، على سبيل المثال، كانت على الدوام تحض على الأمانة وعدم الاعتداء على ممتلكات الغير، إلى أن جاءت الشرائع فجعلت من السرقة موضوعا تشريعيا. وهذه شريعة حمورابي تنص على ما يأتي: «لو سرق رجل ثورا أو حمارا أو خنزيرا أو قاربا كان من أملاك إله أو من أملاك قصر، يدفع ثلاثين مثلا، وإن كان من أملاك قروي يرد عشرة أمثاله. أما إذا لم يكن لدى اللص ما يدفعه فيقتل.» وأيضا: «لو سرق رجل ابنا لرجل آخر يقتل.» وأيضا: «إن لم يقبض على اللص، فعلى المسروق منه أن يصرح بما فقده أمام إله، وعلى المدينة أو العمدة في المنطقة التي اقترفت فيها السرقة أن يعوض له خسارته.»
7
وعندما ارتبطت الأخلاق بالدين كان لا بد بالتالي من ظهور الشريعة الدينية، خصوصا في الديانات الشمولية التي ربطت بشكل كامل بين الحياة الروحية والحياة الاجتماعية. ففي كتاب التوراة نجد نوعين من الأحكام الأخلاقية؛ واحد مؤيد بالعقوبات ويدخل في جملة الشرائع، وآخر غير مؤيد بالعقوبات ويبقى في مجال الأخلاق؛ فالفقرات 5 و8 و10 من الوصايا العشر هي قواعد أخلاقية لا يوجد لها إلزام في الشريعة، وهي: «أكرم أباك وأمك. لا تشهد على قريبك شهادة زور. لا تشته امرأة قريبك.» أما الفقرات 6 و7 و8 فتندرج في لوائح الشريعة، وهي: «لا تقتل، لا تسرق، لا تزن.» وعقوباتها مدرجة في أسفار الخروج والعدد والتثنية، من ذلك مثلا عقوبات الزنى التي تتدرج من إلزام الرجل بالزواج بمن زنى معها إلى رجم الزانيين حتى الموت (انظر التثنية، 22: 13-28). وفي القرآن أيضا نجد هذين النوعين من الوصايا الأخلاقية، فالظن الإثم والغيبة والتجسس على الآخرين أفعال منافية للأخلاق يجب اجتنابها، ولكن لا وجود لنص تشريعي يعاقب عليها:
يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا (الحجرات: 12). وبالمقابل فإن اجتناب الزنى قاعدة أخلاقية، ولكنها مؤيدة بعقوبة تلحقها بالشريعة. فالقاعدة الأخلاقية منصوص عليها في سورة الإسراء (32):
ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا . أما القاعدة التشريعية فمنصوص عليها في سورة النور (2):
الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة .
وفي الديانات الهندوسية ، نجد في مفهوم الدهارما
Dharma
ما يشبه الشرائع الدينية في الأديان الشرق أوسطية. والكلمة تستعمل بمعنيين مختلفين؛ ففي المعنى الأول: هي كل المعتقدات الدينية التي يقوم عليها الدين. وبالمعنى الثاني: هي جملة الشرائع التي تقوم على هذه المعتقدات من أجل تنظيم علاقات الناس. وبذلك يجمع مفهوم الدهارما بين الدين والتشريع في وحدة متكاملة.
8
نامعلوم صفحہ