دماء على بوابات العالم السفلي
دماء على بوابات العالم السفلي: دراسة أثرية حضارية
اصناف
تقدم لنا الحضارات المبكرة في الشرق الأدنى القديم فرصة فريدة لدراسة نشأة الدين وتطوره في منطقة ذات أجناس وثقافات مختلطة ظهرت فيها فيما بعد ديانات التوحيد الكبرى؛ اليهودية والمسيحية والإسلام، ففي بلاد ما بين النهرين موطن السومريين والبابليين والآشوريين، ومنذ عصور ما قبل التاريخ وهؤلاء الناس على وعي بالقوى الروحية التي يعتمد عليها وجودهم وتشهد على ذلك بقايا المعابد والهياكل وأماكن التضحية والتماثيل الرمزية الصغيرة وتماثيل الآلهة وعادات الدفن.
1
ولقد تعددت الأساطير وتشعبت في بلاد ما بين النهرين، فكان لخلق الكون أسطورة وللآلهة أسطورة وكان لتدمير الكون وخرابه أسطورة أخرى، ولعل المفهوم الأساسي لمرحلة علة وجود الإنسان في الفكر البابلي هو العمل على خدمة الآلهة وتقديم القرابين لها والدفاع عنها، وتعددت الآلهة بقدر حاجة الإنسان حيث اعتقد البابليون أن الشمس تمثل الإله شمش والقمر يمثل الإله سن وعطارد الإله نابو وكوكب الزهرة يمثل الإله عشتار والمريخ الإله مردوخ وكوكب زحل الإله ننورتا وعشتار الربة الأم التي استمرت كقوة أنثوية خلال العصر الحجري الحديث الذي شهد منذ مطلعه ازدهارا لصور الأم الكبرى مترافقا مع ظهور المستوطنات الزراعية الأولى خلال الألف السابع قبل الميلاد؛ ومن ثم كان تقديم القرابين من الأمور الهامة لنيل مرضاة كل تلك الآلهة، وهو من الطقوس المعقدة التي تتطلب خدمات كاهن ذي دراية وخبرة؛ فقد بنى الكهنة على ذلك أساس أنه لو عرف الإنسان إرادة الآلهة لاستطاع أن يقف على نتيجة أعماله. (2) القرابين والأضاحي الحيوانية في بلاد الرافدين
تحتاج الآلهة في الفكر السومري إلى جميع ما يحتاج إليه البشر من طعام وشراب؛ فنرى الإنسان يقدم لها القرابين المختلفة من أغنام وأبقار لكسب الرضا، من هنا نجد العلاقة الوثيقة بين الإنسان والآلهة والتي تجسدت بشكل واضح من خلال الميثولوجيا السومرية والأكدية والمخلفات الفنية عن طريق الخصائص المماثلة للإنسان.
2
كان للحيوان أهميته في بلاد الرافدين منذ عصور ما قبل التاريخ، وفي عصر ما قبل وبداية الأسرات، كانت الحيوانات قد اتخذت مكانة وأهمية كبرى؛ إذ زادت الرمزية واتسعت التخيلات والأساطير المرتبطة بالحيوانات،
3
فأصبح للحيوان دوره الديني الذي انقسم إلى دور سلبي وآخر إيجابي، وأصبح الحيوان في ذلك العصر بمثابة حلقة الوصل التي ربطت ما بين عالم الإنسان وعالم الآلهة.
4
وتوثقت صلة الإنسان بالحيوان وبعالم الآلهة من خلال ما كان يقدم من أضاحي حيوانية، قصدوا بها أحيانا القضاء على الشر، وأحيانا أخرى إرضاء أرواح الموتى وأرواح الآلهة.
نامعلوم صفحہ