179

Difficult Hadiths in the Interpretation of the Holy Quran

الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٠ هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

٣ - وأما رواية: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ". (١) فهي بيان لنوع البكاء، والمعنى: أَنَّ بعض البكاء يعذب به الميت، وهو ما كان فيه ندب ونياحة. ثانيًا: القول بأن معنى الحديث توبيخ الملائكة للميت: هذا القول يُعد بمعنى القول بتعذيب الميت مطلقًا؛ لأن توبيخ الملائكة للميت هو من جملة تعذيبه، وما ذكره أصحاب هذا القول من أحاديث تؤيد ما ذهبوا إليه هي في الحقيقة موافقة لحديث عمر، وابنه، ﵄، وهي بمثابة البيان لبعض العذاب الذي يتعرض له الميت. ثالثًا: القول بأن التعذيب بمعنى التأذي، يَرِدُ عليه: ١ - أنه لو كان مراد الحديث تأذي الميت ببكاء أهله عليه لصار لفظ الحديث "يتعذَّب"، ولا يخفى ما بين اللفظين من فرق. ٢ - أَنَّ قوله ﷺ: "يُعذب" هو فعل لما لم يُسم فاعله، وهو يستدعي أَنَّ التعذيب يقع عليه من طرف آخر، ولو كان من أهله لقال: يعذبه بكاء أهله عليه. ٣ - أَنَّ لفظ "العذاب" الغالب استعماله في القرآن والسنة بمعنى العقاب، وإذ الأمر كذلك فإن تفسير النصوص على الأعم الغالب هو الأولى. (٢) وأما استدلالهم بحديث أبي موسى الأشعري ﵁؛ فلا يستقيم لهم؛ بل هو حجة لمن قال بحمل الحديث على ظاهره، وما ذُكِرَ فيه هو بيانٌ لبعض التعذيب الذي يتعرض له الميت بسبب بكاء أهله عليه، هذا على التسليم بثبوت الحديث، وقد تقدم أَنَّ الحديث لا يثبت من طريق أبي موسى ﵁. وأما قصة عبد الله بن رواحة ﵁، فليست بحجة؛ إذ ليس فيها شيء مرفوع للنبي ﷺ.

(١) سبق تخريجه في أول المسألة. (٢) انظر: قواعد الترجيح، لحسين الحربي (١/ ١٧٢)، وفصول في أصول التفسير، للطيار، ص (١١٢).

1 / 186